غزة- معا- دعت لجنة دعم الصحفيين الى جملة من الاجراءات العاجلة للعمل من أجل إنقاذ المؤسسات الإعلامية المحلية التي تعمل في غزة في ظروف غاية في غاية في الصعوبة حيث الحصار الإسرائيلي الممتد منذ 14 عاما والأزمات الاقتصادية التي تعانيها هذه المؤسسات، لتضيف جائحة كورونا عبئاً جديدة عليها.
واكدت في بيان لها على ضرورة دعم المؤسسات الإعلامية الفلسطينية المحلية لتصمد في ظل جائحة كورونا، وتواصل عملها في توعية الجماهير بمخاطر هذا المرض داعية المؤسسات الدولية وعلى رأسها الاتحاد الدولي للصحفيين إلى ضرورة توفير كل الإمكانيات اللازمة من السترات الصحية وأدوات السلامة والوقاية والدورات التوعوية للعاملين في المؤسسات الإعلامية.
طالبت اللجنة رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية بضرورة دعم المؤسسات الإعلامية الفلسطينية من خلال صندوق وقفة عز الذي خصص للمتضررين من جائحة كورونا.
وأضافت:" إن التجربة التي تمر بها المؤسسات الإعلامية الوطنية جراء جائحة كورونا يجب أن تدعو القائمين عليها للتفكير الاستراتيجي ووضع الخطط الدائمة والبديلة من أجل تفادي هذه الكوارث التي تعصف بها اليوم".
وخصلت اللجنة من نتائج استطلاع اجرته إلى أن مئات الصحفيين العاملين في المؤسسات الصحفية لم يتمكنوا من الوصول إلى أماكن عملهم، واحتجبت الصحف الورقية عن الصدور مما أثر على الدخل التي تعتاش منه وبالتالي أثر على رواتب موظفيها. وكذلك تأثرت الإذاعات والفضائيات المحلية الفلسطينية التي أعلنت حالة الطوارئ داخل مقارها خشية من تفشي الوباء بين الصحفيين العاملين فيها.
وحسب اللجنة فقد احتجبت صحيفتا فلسطين والاستقلال عن الصدور وأصبحت توزع بنظام BDF منذ إعلان حالة الطوارئ وفرض منع الحركة في الشوارع، وهو ما انعكس على إيرادها اليومي ومصدر تشغيلها. كما لم تصل الصحف الفلسطينية التي تطبع في رام الله والقدس إلى غزة نتيجة إغلاق المعابر وتفشي فايروس كورونا.
صحيفة فلسطين
قال مدير التحرير في صحفية فلسطين الصحفي مفيد أبو شمالة إن الصحيفة فقدت، منذ اعلان حالة الطوارئ، مصدر دخلها الرئيس المتمثل في الإعلانات، خاصة مع تعذر طبع وتوزيع الجريدة ورقيا بسبب منع التجول والاكتفاء بإصدار نسخة BDF بديلة.
ويضيف:" ما حدث أن القسم الصحفي داخل الجريدة والذي يشكل نحو 65% من كادرها أصبح يعمل عن بعد بنسبة ٥٠٪ فقط نتيجة قلة الإمكانيات اللوجستية في البيوت. كما أن الكادر الإداري الذي يشكل ٣٥٪ صار يعمل بنسبة ١٠٪ فقط عن بعد".
الصحفي أبو شمالة أكد أن استمرار هذا الحال يتهدد نسبة كبيرة الصحفيين بفقدان وظائفهم.
وقال إن خصائص المنتج الصحفي الجيد الآتية من المعايشة الميدانية لم تعد موجودة نتيجة العمل من داخل المنازل.
صحيفة الاستقلال
قال مدير تحرير صحيفة الاستقلال الصحفي خالد صادق إن الصحيفة تحولت إلى إليكترونية ولم تتمكن من الطباعة وأصبحت توزع BDF أيضا، نتيجة منع التجول وإعلان حالة الطوارئ.
واضطرت إدارة الصحيفة، حسب صادق، إلى تقليص عدد العاملين داخل المؤسسة الى الحد الأدنى بحيث يبقى صحفيان أو ثلاثة في مقر الصحيفة والباقي يعمل من منزله.
وقال صادق :" حرصنا على توفير اجراءات السلامة داخل مقر الصحيفة من خلال توفير المنظفات والمعقمات وفق الإمكانيات المادية المتاحة، وهى ضئيلة جدا، وعدم توفر ميزانية عمل في الطوارئ". مضيفا أن الصحيفة اعتمدت على جهودها الذاتية وعلى توعية الكادر العامل بالإجراءات الواجب اتباعها لضمان سلامة العاملين، ولضمان سير العمل على فترات خلال توفر الكهرباء والانترنت.
يقول صادق إن أخطر ما يواجه المؤسسة هو عدم توفر أسباب الوقاية الكافية لتفادي وصول الفايروس إلى العاملين، وعدم توفر ميزانية تشغيلية للتغلب على أزمة انقطاع التيار الكهربائي والانترنت في ظل الاغلاق الشامل وحظر التجول الذي حرم الكثير من العاملين من الوصول لمقر الصحيفة.
يرى صادق أيضا أن التواصل بين العاملين عبر الهاتف إن توفر، لم يكن كافيا. كما أن الإغلاق أعاق العمل من الميدان ومعايشة الحدث.
وبسبب عدم تمكّن الصحف الفلسطينية( القدس- الأيام- الحياة الجديدة) والتي تصدر من الضفة الغربية والقدس المحتلة من الوصول إلى قطاع غزة نتيجة اغلاق المعابر، فقد حُرمت عشرات المكاتب الصحفية والموزعين من مصدر رزقهم تضررت من ذلك عشرات الأسر الفلسطينية.
شركات الإنتاج
شركة " سكرين" واحدة من شركات الإنتاج العاملة في غزة والتي تأثرت بشكل بالغ على اثر إعلان حالة الطوارئ في ظل جائحة كورونا.
ويعمل في الشركة ٢٠ موظفا، يتقاضون رواتبهم شهريا بمتوسط ٥٠٠ دولار للفرد، لكن مع اعلان حالة الطوارئ اقتصر عدد العاملين على ١٢ موظفا بمتوسط رواتب ٢٥٠ دولارا للفرد فقط.
وتشير الشركة وفقا للمعلومات التي كشفتها للجنة دعم الصحفيين أن أسباب تدني الأجور وتراجع عدد العاملين يعود إلى انخفاض الأحداث المصورة بسبب الجائحة، وتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي وفرض جداول دوام لنصف عدد العاملين كل شهر بالتناوب.
وقد اتبعت الشركة كما باقي مؤسسات الإنتاج الإعلامية، منذ اعلان حالة الطوارئ سياسة تقليص عدد العاملين والاعتماد على دوام (مصور واحد+ مونتير) يقيمان داخل الشركة لمدة ٤٨ ساعة، ليأتي مصور ومونتير آخران لتقليل الحركة.
يقول المدير الإداري للشركة أن الموظفين " أصبحوا يعيشون على الكفاف" بسبب كورونا. ولم يعد بمقدور الشركة توفير ٢٥٠ دولارا بشكل ثابت فهي تتأخر أحيانا في صرفها لـ ٤٠ يوما لموظف متزوج ولديه أسرة وسكن بالإيجار.
ويؤكد أن استمرار هذا الوضع سيفقد عددا من الصحفيين وظائفهم وسيؤدي إلى إغلاق الشركة .
وتعاني شركات الإنتاج ظروفا اقتصادية صعبة قبل جائحة كورنا نتيجة الوضع الاقتصادي العام محليا ودوليا، بعد أن لجأت الكثير من القنوات ووسائل الإعلام إلى البث عبر الانترنت والاستغناء عن الخدمات التي تقدمها الشركات الإعلامية.
الإذاعات المحلية
وفقا لإحصائيات لجنة دعم الصحفيين فإن أكثر من 20 إذاعة محلية تعمل في قطاع غزة، تضررت غالبيتها في ظل حالة الطوارئ وانتشار جائحة كورنا.
إذاعة زمن
إذاعة زمن واحدة من هذه الإذاعات التي تأثرت بشكل كبير ومباشر من خلال تراجع الإيرادات وتدني نسبة الإعلانات مع تفشي المرض واغلاق المدن وفرض منع التجول.
يقول مدير إذاعة زمن الصحفي رامي شرافي إن أزمة كبيرة تواجه العاملين في قطاع الاعلام بسبب وباء كورونا، انعكست على الرواتب والمكافآت، نتيجة عدم مقدرة المؤسسات الإعلامية على توفير الالتزامات المالية للعاملين فيها أو حتى تغطية احتياجاتها.
ويقول الشرافي إن العاملين في الإذاعة لم يتمكنوا من الوصول إليها بسبب منع التجوال وتفشي الوباء، وعدم إمكانية توفير أدوات السلامة الصحية اللازمة من معقمات وسترات واقية.
وطالب الشرافي المؤسسات الحكومية بدعم قطاع الإعلام المحلي وادراجه ضمن برامج الإغاثة التي قررتها الحكومة الفلسطينية.
إذاعة القدس
قال مدير إذاعة القدس المهندس رائد عبيد أن الإذاعة واجهت أزمات وتجارب سابقة أثناء الحرب على غزة، لكن هذه التجربة تعد الأولى من نوعها وتختلف في الكيفية، خاصة أن الحديث يدور عن وباء سريع التفشي.
ومع بداية الجائحة داخل المجتمع، سجلت إذاعة القدس إصابة المذيع محمد قنيطة بفايروس كورونا، وتبين انه أصيب قبل الكشف عن الحالة الأولى.
يقول عبيد ان إصابة أحد المذيعين شكل صعوبة لدى إدارة المؤسسة، والتي اتخذت قراراً بمواصلة العمل مع الانتقال من خطة إلى أخرى، لكن مع الاضطرار إلى تجميد عمل عدد من الموظفين المخالطين للصحفي المصاب إلى حين فحصهم، ما شكل عبئا إضافياً كما خلق مساحة من التوتر لدى الزملاء حتى التأكد من عدم إصابتهم.
ويشير عبيد إلى صعوبة تحرك العاملين بسبب الإغلاقات المرافقة للجائحة، ما دفع إدارة المؤسسة للعمل وفق خطة طوارئ من خلال تقسيم العاملين على هيئة فرق تعمل على مدار ثلاثة أيام، ومن ثم يستلم فريق آخر العمل، حيث تتكون كل مجموعة من 6 موظفين، مع الإشارة إلى أنه تم اعفاء الموظفات وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة من فرق العمل.
وأضاف أنه جرى خلال الأزمة، استثمار منظور العمل عن بعد، رغم مواجهة صعوبات جمة بسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة. ومع ذلك شكلت هذه التجربة اضافة نوعية خاصة باستثمار التقنيات، ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي في البث، والتي أصبحت المزار الأول للمواطنين خلال فترة الجائحة.
وأكد عبيد ان جائحة كورونا، زادت من حدة الأزمة المالية التي كانت تعانيها المؤسسة كما باقي المؤسسات الفلسطينية خاصة في ظل توقف معظم الإعلانات المحلية، ما أثر على الايراد المالي الذي يغطي جزءا من نفقاتها التشغيلية.
وأشار مدير إذاعة القدس إلى المخاطر التي يتعرض لها العاملين في المؤسسة الإعلامية خلال فترة الجائحة، ومنها خطر مخالطة العديد من فئات المجتمع وخاصة المراسلين الميدانيين، الأمر الذي يشكل خطراً على الموظف وعائلته وزملائه، ويزيد من فرص الإصابة بالفيروس. بالإضافة إلى إمكانية انتقال العدوى عند تغيير الفرق العاملة.
وبين عبيد أن العمل في ظل هذه الظروف الطارئة خطير ويحتاج لإمكانيات مادية مضاعفة نظرا لتحمل أعباء إضافية من مبيت ومعقمات لكافة العاملين.
الفضائيات
الفضائيات المحلية والعربية العاملة في غزة تضررت أيضا منذ تفشي فايروس كورونا في غزة وفرض حالة الطوارئ واغلاق الطرق وفرض منع التجول في بعض المناطق.
فضائية الأقصى
مدير فضائية الاقصى الصحفي إبراهيم ظاهر يقول " قبل ظهور الحالات داخل المجتمع كانت تقتصر الإجراءات داخل الفضائية على تعقيم مكاتب الموظفين بالإضافة إلى تقليص عددهم حتى لا يحدث تكدس في المكاتب ومن يستطيع انجاز الاعمال الموكلة إليه من البيت لا مانع لدينا".
لكن مع اكتشاف حالات خارج مراكز الحجر تم تشديد الاجراءات الوقاية وتقليل أعداد الموظفين لدرجة الطوارئ القصوى التي نستخدمها وقت الحروب والأزمات الكبيرة حيث تم تسيير العمل بأقل عدد ممكن.
ولجأت الفضائية إلى تقسيم دوام الموظفين وفق جدول طوارئ بحيث يستمر الدوام لمدة 48 ساعة ويمنع الموظفين خلالها من مغادرة المكان باستثناء المصورين وفرق النقل الخارجي ويتم تعقيمهم في كل تغطية.
وحسب ظاهر تواجه الفضائية العديد من المشاكل، وتمثلت في تنقل الموظفين لاسيما في مناطق حظر التجول علاوة، على خوف العاملين من تفشي الفايروس بينهم والإرهاق الكبير في عملهم نظرا لقلة عددهم وتحملهم أعباء إضافية خشية من الازدحام في المكان.
وأضاف أن سوء حالة الكهرباء اثرت على تقليص العمل المنزلي للموظفين بالإضافة إلى عدم توفر سترات خاصة للتغطية للمصورين والمراسلين في الميدان.
وأكد ظاهر أن حالة الطوارئ تستنزف عمل المؤسسة نظرا لضرورة توفير الخدمات اللوجستية للموظفين وتأمين طعامهم ومبيتهم أثناء فترة الدوام.
ويؤكد الصحفي ظاهر أنه يضطر للمبيت داخل المؤسسة لفترات طويلة من أجل مواكبة العمل، مبينا أن حالة الطوارئ وانتشار المرض غيبت بعض العاملين المؤثرين ممن اصابهم الفايروس او ممن خالطوا بعض المصابين.
المواقع الالكترونية
واجهت المواقع الإلكترونية تحديات كبيرة في استمرار عملها، بعد الإعلان المفاجئ عن اكتشاف حالات كورونا داخل المجتمع وما رافق ذلك من إجراءات الطوارئ.
وكالة صفا
يقول مدير وكالة الصحافة الفلسطينية "صفا" الصحفي ياسر أبو هين" لم تعد هناك إمكانية للعمل داخل مقر الوكالة، وعلى اثر ذلك واجهت الوكالة إشكالية كبيرة ومتعددة ومنها: انقطاع الكهرباء ونفاد البطاريات لدى جزء من الصحفيين العاملين ( بعضهم خرج عن الخدمة منتصف الدوام في أول أيام الحظر) . وعدم ملاءمة أجهزة بعض الموظفين البيتية للعمل بمواصفات تحتاجها طبيعة العمل. والاعتماد في التواصل وإدارة العمل على مجموعات واتس اب او فيس بوك دون وجود برامج لإدارة الموارد البشرية والمواد الصحفية المتوفرة في مقر العمل. إلى جانب عدم توفر موازنة لخطة طوارئ معدة مسبقا، بسبب الأوضاع المالية سابقا.
وبين الصحفي أبو هين أن الوكالة حاولت التغلب على هذا الوضع الذي نتج عن تفشي فايروس كورونا من خلال بعض الإجراءات كحصر احتياجات المحررين والمراسلين للقيام بأعمالهم بالشكل المطلوب. وتوفير بطاريات وأجهزة لابتوب لمن يحتاجها، والتنسيق مع وزارة الداخلية لإيصالها إلى منازلهم.
وتقنيا، لجأت الوكالة إلى اعتماد مجموعات الواتساب لإدارة ومتابعة العمل اليومي. وعقد اجتماع التحرير الصباحي عبر التقنيات المتاحة لتحديد خريطة العمل اليومي وتوزيع المهام والتكليفات الصحفية. وعقد اجتماعات إدارة التحرير عبر تقنية الفيديو.
كما فعّلت التنسيق مع الجهات المختصة لتسهيل حركة مصوريها ومراسليها أثناء عملهم الميداني خلال فترة حظر التجوال. وتوفير رصيد اتصالات للمحررين والمراسلين لتسهيل عملهم.
وعن المخاطر التي واجهت الوكالة قال الصحفي أبو هين :" إن خطر انتقال العدوى بكورونا لأحد العاملين بالوكالة هو الهاجس الأكبر، لذا تم التأكيد على مراسلينا بتشديد إجراءات السلامة والوقاية وعدم الاستهانة بها".