الكاتب: السفير منجد صالح
تجالسنا تحادثنا تجادلنا تنابزنا
كنّا ثلاثة نتسامر في ثقب القمر
نُناقش سرّ الكون وكنه مهد الشعر
عن الزنبقة الكحيلة عطشى في لُبّ المطر
عن الخيزران النازف دمعا بشبّابة العُمر
عن الشاعر المُبتدئ يُجدّف نثرا على رمال البحر
يبني من الرمال قصرا ويفتح أبوابه شعرا لعموم البشر
*****
يقول له الديك المعتّق ناظم الشعر مهلا مهلا
فأنت ما زلت زغب الحواصل في دنيا السمر والمجون
أنصحك أن تسبح أوّلا في قمم السحاب وأن تصبّ في ثقب الأوزون
وأن تتخذ لك عُشّا تبنيه سهما سهما من سنابل الزيزفون
فشعرك مثل نثرك سرب حمام يطير يُحلّق فوق سحر رموش العيون
وينثر عبقه فوق أشجار الدفلى فتغدو شفاء وبلسما للجنون
وينبت الريحان من تحت بقايا رمادها ويُزهر الحنّون
*****
يا صاحبيّ لطفا لا تخرجا جُزافا عن لُبّ المضمون
فكلاكما تقرضان شعرا نثرا رسما دُررا في سماء الفنون
لا تتقاتلان على "قصعة" شعر وتتبارزان بالسنون
فحديقة الشعر رحبة تُنبت سيوفا معطّرة مصبوغة بوجدكما الحنون
تُغرّد فيها البلابل وعلى أشجارها يُعشعش الحسّون
وتمطر السماء زهرا ووردا في شهر كانون وكانون
فتنفجر ينابيع الحديقة عبقا وعطرا يتزيّن به ومنه السائرون
*****
لست مُبتدئا ولا زغب الحواصل لكنّ سرّي التواضع في دنيا السمر
ألفّ جدايل الشعر جديلة جديلة وأنثرها في بحور السحر
وأطلق من جعبتي سهما سهما أجنّدل بها هدوء مياه البئر
فأصطاد منها لؤلؤا ومرجانا وحوريّة ممشوقة القوام نحيلة الخصر
تقول لي يا منقذي يا مُلهمي يا حضني الدافئ على طول الدهر
تُعانقني ودّا وعشقا وهياما بشعري ونثري الآني والمُنتظر
وتهمس لأسماك البحر ولطيور السنونو بأنني شاعرها المُعتبر.
كاتب ودبلوماسي فلسطيني