بيت لحم- معا- وصم الآخرين ليس جزءا من نقاش الظاهرة، أي ظاهرة، فكيف حال النساء المحجبات اللواتي تعرضن للإهانة في العام الماضي في فرنسا، ممن ذاع أمرهن وممن لم يعلن عنهن أصلا، ولكنهن حتى اليوم يتعرضن للمزاحمة والإهانة والسب لأنهن غطين رؤوسهن؟
بهذه التساؤلات، بدأت مراسلة صحيفة "ليبراسيون" (liberation) الفرنسية في لندن سونيا ديليسال ستولبر تقريرا تساءلت فيه عن أخبار إيمان بون اليوم بعد عام من تعرضها للإهانة أمام طفلها في ساحة المجلس الإقليمي في بورغون-فرانش-كونتيه بشرق فرنسا.
ثم تساءلت المراسلة عن كل النساء اللواتي تعرضن في يوم من الأيام للإهانة، خاصة مريم بوجيتو وإيمان بون، وقالت إنهما شاباتان تدخلان سن الرشد وتختارن الانخراط في المجتمع، كل منهما على طريقتها الخاصة، الأولى تناضل من أجل الطلاب، والثانية طالبة تقدم نصائح بشأن كيفية البقاء على قيد الحياة بوسائل قليلة.
وتساءلت ستولبر عن تلك المرأة التي المحجبة التي تعرضت للاعتداء اللفظي خريف عام 2019 بسبب تطوعها لمرافقة رحلة صفية، واستعدادها لقضاء ساعات في تعهد الأطفال خوف ضياعهم، والعودة بهم سعداء بعد رحلة خارج جدران المدرسة.
وقالت المراسلة التي تكتب للصحيفة الفرنسية من لندن "أكتب لكم من المملكة المتحدة، من بلد لا يطرح فيه الحجاب كموضوع للنقاش، ومع ذلك لا أكتب لمناقشة العلمانية أو ارتداء الحجاب"، موضحة أنها تكتب لأن هذه الأعمال في العام الماضي كانت سببا في أعمال عنف.
وقالت إن نائبا من التجمع الوطني في العام الماضي كان وراء هذه الأفعال، والأسبوع الماضي كان وراءها صحفي، ومؤخرا كان وراءها عضو منتخب من حزب "الجمهورية إلى الأمام" الذي ينتمي إليه الرئيس إيمانويل ماكرون.
وهذه الأعمال ليست -كما تقول المراسلة- مظاهر نقاش، ولكنها أعمال عنف لا مبرر لها، إلى جانب كونها رغبة بإثارة الضجة وإثارة اهتمام وسائل الإعلام، وهي طريقة لتطوير بعض الحجج تتجدد في مرة، وننسى دائما ثم ننسى النساء المحجبات اللواتي تعرضن لتلك الهجمات.
وقالت ستولبر "أنا أكتب لأنني مصدومة بهذا العنف، وبالسهولة التي يختار بها البعض هذه الأهداف السهلة، دون التفكير لحظة واحدة في العواقب الشخصية".
وصم الآخرين بالعار
وذكرت ستولبر أن وصم الآخرين بالعار ليس جزءا من المناقشة، وقالت إن الأطفال في المملكة المتحدة يتعلمون في المدرسة الابتدائية مناقشة أي موضوع، وإن هذه الدروس تعلمهم أن الفضيلة الأولى للنقاش هي احترام المحاور، مشيرة إلى أن الكلام الذي وصفته بأنه "تقيؤات تتراكم" يتنافى مع أي احترام للآخر.
وخلصت المراسلة إلى أن الناس ينسون دائما أن أهداف هذه الأعمال العنيفة ليست قطعة قماش، بل هن نساء من لحم ودم تنبض قلوبهن بلا شك بعنف وتهتز أرواحهن.
وختمت بأنها ما زالت تصدق وتؤمن بأن المرء يمكن أن يكون منتخبا للجمهورية أو صحفيا أو مجرد شخص مرتبط بشدة بقيم العلمانية، دون أن ينسى القيم الأساسية الأخرى، مثل قيم الاحترام واللطف.