الكاتب: السفير منجد صالح
لو لم أكن عربي
لودّدتُ أن أكون عربيّا،
أسرجُ حصاني وأطيرُ فوق السحاب
قمرا نديّا،
وأعدُّ جاراتي النجمات نجمة نجمة
فحسنُ جمالهن بهيّا،
وأحلّقُ في سماء الشعر نور مُشعّ ساطع
راضيا مرضيّا،
فلولا حرف الضاد لما ركبتُ موجا
ولا نظمتُ بحرا ولحنا شجيّا،
ولكنتُ أجدّفُ في الهواء بلا شراع
ولغدوت نسيا منسيّا،
فلا تلوموني إن تمسّكتُ بعروبتي
وداست خيولي السواد البغيّا،
*****
أمّي خولة بنت الأزور
وأبي صلاح الدين،
وإخوتي القسّام وعبد القادر
وأبو جندل مخيّم جنين،
في عائلتي لا تجد عربا ولا عجما
مهرولين ولا مُطبّعين،
ديرتي شعارها "ولّى زمن الهزائم"
فلا ناكص على عقبيه ولا مهزومين،
قبيلتي شعارها "وجاء زمن الإنتصارات"
بالنصر المؤزّر والمُبين،
عائلتي سواعدُ شبابها في الشمس
تبني حصنا "بين رصاصتين"،
تُنبت زهرا تنبت وردا تُنبت منجنيقا
وبرعما يتفتّق عن سيفين،
*****
يا عروبة أثقلتنا
وأثقلناها بهموم الزمن،
من فلسطين إلى لبنان إلى العراق
إلى خليج عدن،
تداعى علينا الأعداء
وتداعينا على بعضنا وبُلينا بالمحن،
يقذفونا بالنبال ونقذفُ أنفسنا بالسهام
ونوغل نحن فينا في فنّ الفتن،
بعضنا يموت حسرة وبعضنا يموت تخمة
وبعضنا يقضي جوعا مثل أطفال اليمن،
فلا مجدا حديثا بنينا
ولا حافظنا على أمجاد أجدادنا
وأضعناها في غياهب العفن،
وأخرجنا شباكنا من بحورنا بلا صيد
ولا شموع تُنير لنا دروب السفن،
*****
بكينا دموعا رمالا وملحا
إلى أن جفّت فينا ومنّا ينابيع مآقي العيون،
على مُلك ضاع منّا وفينا في الأندلس
وسبتة ومليلة ولواء الإسكندرون،
سيوفنا على أعدائنا نابية
ولربعنا وجيراننا
نشحذ نُعدّ لهم خناجرنا
ونقتني مقاتلات إف خمسة وثلاثون،
نُمجّد نحمي حصون الأعادي
ونُعمل السيف في رقاب الشقيق وصغاره
ونبقر منهم البطون،
راياتنا بيضاء ذابلة صوب الأعادي
وصوب القبيلة سوداء حمراء
تقطر حقدا تقطر دما وجُنون،
فهل من رحمة تنزل علينا من السماء
مطرا وبردا وثلجا
تُطفئ سعير جمرات الكانون؟!
وتعود المياه إلى الجداول
ويخّضر غصن واحد فريد سعيد مديد
تُغرّد عليه عصافير الحسّون.
كاتب ودبلوماسي فلسطيني