السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

لسنا شعبا سائبا

نشر بتاريخ: 03/10/2020 ( آخر تحديث: 03/10/2020 الساعة: 21:53 )
لسنا شعبا سائبا

بقلم: السفير منجد صالح

لسنا شعبا سائبا

على جنبات الطريق

ولسنا شعبا زائدا

بين ناج وغريق

ولسنا شعبا ندفن رؤوسنا

في رمال الحريق

نحن شعب أبطال

تطال هاماتنا السماء

حرّ أبيّ طليق

نتداعى رجالا نساء للوغى

حين يُنادي المُنادي

نُلبّي النداء

وينبت فينا ومنّا

عزّ كنعان وبحرُ فينيق

ومجد حطّين وعين جالوت

ومعركة الكرامة

في مطلع الربيع

ونسمات البحر الأصيل

و"العرق" العريق

هبّت موجات البشائر

قديما مُعتّقة

من جزيرة كريت

أتت بكل الودّ والفخر

من بلاد الإغريق

*****

من يومها

تداعت علينا وفينا الأمم

منذ بدء الخليقة

منذ أزل القدم

أقواما شعوبا جاءت وسادت

إنصهرت فينا أو خرجت منّا

وبادت

شعوبا سادت

شعوبا بادت

وبقيت فلسطين لنا وفينا

عرينا للأسود

وبقي الفلسطيني

سائدا شامخا

يهُزّ في يمينه

تخفق عاليا

راية العلم

*****

مُجّددا

تداعت علينا الأمم

تداعى علينا جراد الأرض

جراد البحر

جراد الجوّ

جراد "صُهيون"

جراد أسود

زرق العيون

بيض الجلود

شقار يفوح من رؤوسهم

والقمم

شرّ يفوح من عقولهم

والجُرم

نار تفوح من جنباتهم

والحمم

يُخططون سرّا

يُضمرون شرّا

يُريدون أرضا وبحرا

بحرا وبرّا

برّا وبحرا وجوّا

يُريدونها: "أرضا بلا شعب"؟!

ل"شعب بلا أرض"!؟

مداهنة وزيفا

بقوّة السلاح والظلام

والظلم

*****

سكنّا الخيام

إفترشنا الرياح

تغطّينا بزمهرير الشتاء

وبرد الصيف

وخريف الربيع

ورضيعُنا من بُؤسنا

هرم

يُجاورنا القحط

يُلازمنا الجوع

تذبل راياتنا عطشا

وبردا وجوعا وسقم

وتنتفضُ "العنقاء" منّا وفينا

وتُزهر من تحت الرماد بُرعما

يتفتّق عن سيف وعن منجنيق

وتلد منه الحجارة "رُجُم"

ويمتطي الفدائي صهوة الريح

حصانا مُجنّحا من نور وقلم

عبرنا الحدود عبرنا المياه

عبرنا السحاب بعزم الهمم

فجّرنا ثورة بحقّ القسم

*****

تنسّمنا عبير نسمات

البحر الأبيض الهابب

من الغرب

وعبق البرتقال

يُدغدغ صدى شوقنا

من وراء التلال

تُناجي الطيور المهاجرة قسرا

وتدعوها للمّ الشمل في الأوطان

تعود الطيور المهاجرة

لأعشاشها القديمة

على عجل عُجال

تُفتّش عن وطن

مسروق

منهوب

مُغتصب

تُفتّش عن حبّات القمح

في شرايين القصب

تُفتّش عن زهر البنفسج

بين أكوام الحطب

تفتّش عن ماض

عن حاضر

عن مستقبل

بين أشواك "أكواز" الصبر

وبين اهداب عيون قطوف العنب

*****

لم تنته الحكاية

نعود في كل مرّة

إلى نقطة البداية

مفاتيح بيوت يافا القديمة

ما زالت في جيوب الرواية

وصلنا إلى ينابيع مياه بلادنا

لكننا ما زلنا عطشى

ما زال دلونا فارغا

وما زالت طيورنا العائدة

تُزاحمها الغربان السود

تُزاحمها أسراب الجراد

على الحكاية

وعلى الرواية

فأين البداية؟؟

وأين النهاية؟؟

فالنهاية ما زالت

في البداية

والبداية ما زالت

في النهاية

والرواية ما زالت

مفتوحة

مشرعة

بلا نهاية