رام الله- معا- دعا المشاركون في ورشة عمل حول "السياسات الصحية لمواجهة جائحة كورونا"، نظمها معهد السياسات العامة (IPP) بالتعاون مع مؤسسة "فريدريش أيبرت" الألمانية (FES)، باستخدام تقنية "زوم"، إلى الاستعداد للتعاطي مع شتى السيناريوهات التي يمكن أن تفرض نفسها خلال الفترة المقبلة، بما في ذلك مرحلة ما بعد "كورونا".
كما أشاروا إلى أهمية عملية وضع السياسات بشكل تشاركي، بما ينعكس إيجابا على آلية تعاطي القطاع الصحي مع الجائحة وتطورات الحالة الوبائية.
وتحدث في الورشة، كل من رئيس وحدة الاسعاف والطوارئ في وزارة الصحة د. مصطفى قواسمة، ومديرة المعهد الوطني للصحة العامة –منظمة الصحة العالمية د. رند السلمان، والمحاضرة في كلية الطب في جامعة النجاح د. بسمة الضميري، وممثل اللجنة الوبائية في وزارة الصحة في قطاع غزة د. يحيى عابد.
وتناول قواسمة في مداخلته "السياسات الحكومية والجاهزية الصحية لمواجهة وباء كورونا"، جهود "الصحة" لمواجهة الجائحة، خاصة فيما يتعلق بالرصد الوبائي، والتثقيف والتوعية المجتمعية، وإعداد المرافق الصحية لتقديم الخدمات للمرضى.
وبين أن الوزارة ركزت في إطار إدارة الأزمة على عدة مسائل، من ضمنها توفير متطلبات الرعاية الصحية والنفسية للمرضى المحجورين، وتحضير الموارد البشرية اللازمة، وتجهيز المستشفيات بكافة المعدات الضرورية.
وقال: نحن نستعد للموجة الثالثة من انتشار الفيروس، المتوقع أن تأتينا بقوة لوجود فيروسات مماثلة، وذلك مع أواخر الشهر الحالي، وبداية الشهر القادم، بالتالي فإننا نحتاج إلى تحضير كبير، لكننا سنستمر بجهودنا، وتطوير البروتوكول العلاجي بناء على آخر المخرجات العالمية، ورفع مستوى التوعية المجتمعية والتثقيف الصحي.
وقدمت السلمان، مداخلة بعنوان "السياسات الصحية: الاتجاهات والتوقعات"، أشارت فيها إلى حيوية الاستعداد لأسوأ السيناريوهات فيما يتعلق بالجائحة، وتكثيف الجهود للحد من انتشارها.
ولفتت إلى ضرورة توفر المعلومات كأساس لتحديد آليات التدخل ووضع السياسات، منوهة بالمقابل، إلى أسباب إنتشار الفيروس، ومن ضمنها عدم الالتزام المجتمعي بالتدابير الوقائية.
وبينت أن المؤشرات تبرز أن هناك تصاعدا في حالات الاصابة بـ "كورونا" لكنه ليس حادا، مشيرة بالمقابل، إلى أن معدل الوفيات بسبب "كورونا" يصل إلى 0.8% لا يعتبر مرتفعا مقارنة بكثير من الدول، ويماثل النسبة الموجودة في دول الجوار مثل الأردن، بيد أنها حثت على وضع سياسات وبرامج مخصصة لكبار السن، خاصة مع التوقعات بتنامي انتشار الفيروس بشكل أكبر مع بداية فصل الشتاء.
وبينت أنه حسب أحد السيناريوهات القائمة على استمرار الوضع الحالي، بما في ذلك آلية الدوام في المدارس، فإن ثلث المجتمع الفلسطيني مرشح للاصابة بالفيروس حتى شهر أيار المقبل.
وقدمت الضميري، مداخلة بعنوان "السياسات والاستراتيجيات الوطنية لما بعد جائحة كورونا"، ودعت إلى التحضير منذ الآن للتعامل مع تداعيات الجائحة بعد انتهائها، خاصة تلك المتعلقة بالصحة النفسية.
ولفتت إلى حيوية الدور الذي يمكن أن يلعبه الاعلام في مواجهة الجائحة، وتجاوز حالة الخوف منها التي تفرض نفسها لدى الكثيرين.
ودعت إلى اعتماد خطة مدروسة لمرحلة ما بعد "كورونا"،، بمشاركة كافة الجهات ذات الصلة.
وركز عابد، على وضع قطاع غزة، وبعض تداعيات الحصار الإسرائيلي المتواصل عليه منذ نحو 15 عاما، قبل أن يتطرق إلى معاناة القطاع بسبب الجائحة.
وقال: كلما أجرينا فحوصات أكثر ، تبين وجود مصابين أكثر، وقلما شحت مواد الفحص انخفض عدد المصابين، مبينا أن أحد السيناريوهات التي تم دراستها، هي إمكانية انتشار الفيروس بشكل كبير في القطاع، بحيث يبلغ عدد الحالات المصابة 20 ألفا، علما أن عدد المصابين حاليا نحو 3600 حالة، من ضمنها قرابة 1600 حالة نشطة.
كما لفت إلى جانب من التحديات التي تفرض نفسها على القطاع الصحي في غزة، منوها بالمقابل إلى أهمية الالتزام بالاجراءات الوقائية، والتحضير الجيد لمرحلة ما بعد "كورونا".
من ناحيته، ذكر محمد عودة رئيس مجلس إدارة معهد السياسات العامة، في مستهل الورشة، أنها تندرج ضمن منتدى السياسات العامة، الذي دأب المعهد على تنظيمه بشكل دوري كل عام، مبينا أن الورشة هي الأولى ضمن أربع ورشات سيعقدها المعهد خلال الشهر الحالي، بالتعاون مع مؤسسة "فريدريش أيبرت" الألمانية، بهدف التركيز على ملف السياسات العامة، والجهود الحكومية على هذا الصعيد، وتبادل الخبرات بين المختصين للمساهمة في إعداد مثل هذه السياسات، وتبني برامج متخصصة لمواجهة الجائحة.
كما أشار إلى أهمية هذه الورشات، لطرح أفكار وتوصيات يمكن أن يستفيد منها صناع القرار، لتعزيز القدرات في مجال السياسات العامة.
وقدم د. عبد الله النجار عضو مجلس ادارة المعهد، نبذة عن المعهد، مبينا انه انشئ العام 2006، لتغطية النقص في مجال السياسات العامة.
ولفت الى التعاون بين المعهد والمؤسسة الالمانية، منوها إلى دور المعهد في مجال السياسات العامة، وبناء القدرات على هذا الصعيد.
وذكر راسموس براند مدير البرامج في مؤسسة "فريدريش ايبرت" في فلسطين، أن التعاون مع المعهد يعود إلى 13 عاما خلت، مبينا بالمقابل أن مؤسسة فريدريش إيبرت تعنى بترسيخ مفاهيم الحرية، والمساواة والعدالة الاجتماعية في أكثر من 100 بلد.
وقال خاتماً: لقد كشفت "كورونا" عن عيوب في النظام العالمي، خاصة فيما يتعلق بالوصول إلى الرعاية الصحية اللازمة.