السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل... لماذا الآن؟

نشر بتاريخ: 18/10/2020 ( آخر تحديث: 18/10/2020 الساعة: 10:06 )
ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل... لماذا الآن؟

بيت لحم- معا- رغم الترحيب الأمريكي والأممي بانطلاق الجولة الأولى من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، إلا أن علامات استفهام كبيرة لا تزال تكتنف المشهد، لاسيما فيما يتعلق بإمكانية نجاح المفاوضات، ودلالات التوقيت.

وانطلقت الأربعاء الماضي، في مقر قوة الأمم المتحدة بمنطقة الناقورة في جنوب لبنان، مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، بوساطة أمريكية وبرعاية الأمم المتحدة ممثلة بمنسقها الخاص في لبنان يان كوبيتش.

واختتمت المفاوضات التي حضرها الوسيطان الأمريكيان ديفيد شينكر، وجون دورشر بعد ساعة من انطلاقها، وبحثت الإجراءات المتعلقة بمواصلة المباحثات بين البلدين، كما جرى تحديد جدول الأعمال للمباحثات القادمة، بحسب بيان لوزارة الطاقة الإسرائيلية، نقله موقع "جلوبس" الاقتصادي.

وأشار البيان، إلى أن "عقد اللقاء القادم بين الجانبين سيكون خلال الأسابيع المقبلة" دون تحديد موعد لذلك، إلا أن الرئاسة اللبنانية أعلنت لاحقا أن 28 أكتوبر/تشرين أول الجاري هو الموعد المحدد لجولة المفاوضات الثانية.

ويتألف الوفد اللبناني المشارك في المفاوضات من العميد الركن الطيار بسام ياسين رئيساً، والعقيد الركن البحري مازن بصبوص، وعضو هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان وسام شباط، والخبير نجيب مسيحي.

فيما ضم الوفد الإسرائيلي، أعضاء بارزين في وزارة الطاقة، بمن فيهم المدير العام أودي أديري، وكذلك المستشار السياسي لرئيس الوزراء رؤوفين عيزر، ورئيس القسم السياسي بوزارة الخارجية ألون بار، والعميد أورين سيتر، قائد اللواء الاستراتيجي بالجيش الإسرائيلي.

علام التفاوض؟

يقول المحلل الإسرائيلي باراك رافيد إن إسرائيل ولبنان في حالة حرب ولم يتفقا أبدا على توزيع "المياه الاقتصادية"، بالإضافة إلى حقيقة أن هذه القضية لم تكن مثيرة للاهتمام لأي منهما حتى سنوات مضت.

لكن منذ أكثر من عقد تقريبا، وعندما بدأ اكتشاف حقول الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط​، أدركت إسرائيل ولبنان أن هناك إمكانات اقتصادية هائلة في تلك الحقول، وفق تقرير رافيد المنشور بموقع "واللا" العبري.

ومن هنا نشأ الخلاف حول الحقل المعروف باسم "بلوك 9" (تبلغ مساحته 860 كم مربعا) والذي تشير التقديرات إلى أنه يحوي احتياطيات غاز طبيعي تقدر بمليارات الدولارات، وأدى الخلاف الاقتصادي المائي إلى تصاعد التوتر الموجود في الأساس بين البلدين، الأمر الذي تسبب في عدم قيام شركات الطاقة العالمية بالتنقيب عن الغاز الطبيعي في المنطقة.

وعلى مدى نحو 10 أعوام حاولت الولايات المتحدة والأمم المتحدة التوسط بين إسرائيل ولبنان لبدء مفاوضات تقود إلى حل الخلاف.

يقول المحلل الإسرائيلي: "قبل نحو عام، كان من الواضح أن الوسيط الأمريكي ديفيد ساترفيلد قد تمكن من إنجاز تفاهمات من كلا الجانبين لبدء المفاوضات، لكن في نهاية الأمر وفي أعقاب ضغوط من حزب الله، تراجعت الحكومة اللبنانية ولم تنطلق أية مفاوضات".

ويضيف: "حل مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شنكر محل ساترفيلد، واستأنف المساعي خلال الشهور الأخيرة وتمكن من الحصول على موافقة الحكومة اللبنانية لبدء مفاوضات مع إسرائيل".

وحول التغير المفاجئ في الموقف اللبناني يواصل رابيد: "يعطي مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إجابات مختلفة على هذا السؤال، لكن التقدير هو أن الانفجار في مرفأ بيروت، إلى جانب الأزمة الاقتصادية في لبنان وانعدام الاستقرار السياسي في البلاد والخوف من عقوبات اقتصادية، كل هذا دفع اللبنانيين إلى الدخول في محادثات مع إسرائيل".

النتائج المتوقعة

يقول رابيد إنه من غير المتوقع أن تستمر المفاوضات لوقت طويل، مؤكدا أن إسرائيل على استعداد لتقديم تنازلات تمنح بموجبها لبنان جزءا كبيرا من المنطقة محل الخلاف، وذلك بهدف التوصل إلى اتفاق يسمح ببدء التنقيب عن الغاز.

مع ذلك فقد استبعدت أطراف في كل من إسرائيل ولبنان أن يقود التوصل إلى اتفاق حول ترسيم الحدود إلى تطبيع العلاقات بين الدولتين.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه استبعد، التوصل للسلام مع لبنان، طالما استمرت "حزب الله"، في السيطرة عليه، على حد تعبيره.

وقال نتنياهو في جلسة للكنيست للمصادقة على اتفاق تطبيع العلاقات مع الإمارات "طالما استمر حزب الله في السيطرة الفعالة على لبنان، فلن يكون هناك سلام حقيقي مع هذا البلد".

فيما قال مسؤول بوزارة الطاقة الإسرائيلية قبل بدء المفاوضات "سنخوض المفاوضات بشكل عملي بهدف حل الخلاف حول حدود المياه الاقتصادية بين البلدين".

وتابع: "لا يدور الحديث عن عملية سلام، أو تطبيع، بل هدف محدد هو حل خلاف تقني واقتصادي بسيط يحول دون تنمية موارد الغاز والنفط بشرق البحر المتوسط".

وجاءت تصريحات المسؤول الإسرائيلي ردا على تصريحات سابقة لـ "حزب الله" اللبناني، قال فيها إن إطار التفاوض حول ترسيم الحدود البرية والبحرية مع إسرائيل "لا علاقة له بسياسات المصالحة والتطبيع".

وسبق أن أعلن "حزب الله" وحركة أمل اللبنانيان، رفضهما تضمين الوفد اللبناني الذي سيشارك في مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل شخصيات مدنية.

واعتبرت المنظمة في بيان أن "تشكيلة الوفد المفاوض وضمه بأغلبه شخصيات ذات طابع سياسي واقتصادي هو "انجرار إلى ما يريده العدو الإسرائيلي".

مع ذلك، وبحسب تقرير لأمير بوحبوت المحلل العسكري بموقع "واللا"، فمسوؤلين بالجيش الإسرائيلي بينهم رئيس الأركان أفيف كوخافي يعتقدون أن التوصل إلى تسوية مع لبنان حول ترسيم الحدود تحمل في طياتها إمكانية استراتيجية لتحقيق استقرار أمني نسبي بالمنطقة.

إسرائيل تتخوف من انتقام "حزب الله"

كشف بوحبوت، في تقريره المنشور مساء السبت، عن استمرار التخوف الإسرائيلي من "رد فعل انتقامي" من قبل "حزب الله" في ضوء التوترات الأمنية التي يشهدها جنوب لبنان من 3 أشهر.

ونقل بوحبوت عن ضابط كبير (لم يسمه) في المنطقة الشمالية (تشمل الحدود مع سوريا ولبنان) قوله: "إذا ما أقدم حزب الله على المساس بجندي إسرائيلي فإن ثمن الدماء سيكون فادحا ومؤلما بالنسبة له".

وتقول إسرائيل إن "حزب الله" حاول على مدى الشهور الأخيرة تنفيذ عمليات انتقامية في المنطقة الحدودية ضد جنود إسرائيليين ردا على مقتل أحد ناشطي المنظمة في قصف منسوب لإسرائيل بمحيط مطار دمشق الدولي في يوليو/تموز الماضي.