بقلم: د. صبري صيدم
حرب ضروس تشهدها أمريكا وسط تصاعد حمى الانتخابات، بعد أن نفض الرئيس الأمريكي عن جسده فيروس كورونا، وهبّ ليصيب بلاده بفيروسه المستفحل، الذي أصاب جسد أمريكا وأقسم أن لا يغادر البيت الأبيض مهما كلّفه الأمر.
فترامب المترنح في استطلاعات الرأي، بدأ حربه في رفض نتائج الانتخابات المقبلة في حال خسارته، فسلّح ميليشيات المتعصبين البيض، عبر غضه الطرف عنها، وشرع بوصف الانتخابات الإلكترونية المسبقة بالتزوير، وأطلق العنان للإسفاف في تناول غريمه بايدن، وطفق يهاجم أعتى رجل من رجالات العلم في بلاده، محملاً إياه مسؤولية التخبط المزعوم، وادعاءه بأن هذا التخبط إنما أسس لارتفاع أعداد الإصابات بكورونا في بلاده، لتصل إلى معدلات فلكية.
ترامب العنصري لن يتنازل عن عرشه، إن خسر الانتخابات، رغم أنه لوح بأنه سيغادر البلاد في حال خسارته، لكنه وفي الحقيقة سيقاتل بكل السبل للبقاء امبراطوراً على أمريكا والعالم.
المفارقة إن البعض ومع إعلان إصابة ترامب بالوباء، استحضر رواية عائلة سيمبسون الكرتونية، التي توقعت موت ترامب، ليؤكد البعض بأن موته بفعل الوباء أمر حتمي.
لكنه ومع عودته لحملته الانتخابية، عاد البعض للقول بأن ترامب حتماً سيموت… لا بفعل الوباء بل بفعل الحرب الأهلية التي ستجتاح أمريكا إذا ما رفض ترامب تسليم السلطة واللجوء إلى العنف، بل إن البعض قد ذهب لاستحضار ما قاله بعض العرافين، بأن ترامب لن يكون إلا الرئيس الأخير لأمريكا.
أياً كانت الروايات فإن المفرطين في حب ترامب قد ناصبوا فيروس كورونا العداء، فتدفقوا على احتفالاته الانتخابية، من دون كمامات، أو تباعد أو حتى إجراءات وقائية، حتى سكنهم الاعتقاد بأن بايدن مثل كورونا وأن كورونا هي بايدن، بل إنهم تصرفوا وكأن الحزب الديمقراطي، إنما قد ساهم في تشجيع انتشار الفيروس للحط من مصداقية ترامب، حتى شعر بعض الأمريكين وكأن الفيروس ما هو إلا عضو في الحزب الديمقراطي.
وفي خضم هذه الحرب الجرارة وضراوة حممها، سخر ترامب طاقمه الرئاسي وبعض وزرائه لتسريع عملية التطبيع، عبر حراك ماراثوني للضغط على هذه الدولة، لتوقيع اتفاق تجاري، وعلى تلك لإقرار التعويض للضحايا الأمريكيين مقابل رفعها من قائمة الإرهاب، وعلى غيرها لتوقيع مذكرة تفاهم، وعلى غيرهم مجتمعين للاستعجال في التطبيع والضغط هنا وهناك.
ترامب المؤمن بالرواية الإفنجالية المتصهينة، يسارع الخطى لعودة المسيح في عهده، وربما يفضل أن يعود خلال الأيام المقبلة فيحقق إرادة الرب المزعومة، ويدخل التاريخ بصفته الرئيس الأمريكي الذي في عهده تحققت رؤية الصهاينة بعودة المسيح المنتظر.
حرب العقيدة التي يقودها ترامب أذعنت بالكامل للرواية الصهيونية وسخرت طاقتها لخدمتها، مقتنعة بأن استجداء رضا نتنياهو إنما سيوفر الوصفة السحرية لبقاء ترامب في البيت الأبيض. فعوضاً عن تواجد كبار موظفي البيت الأبيض في واشنطن، تحضيراً للانتخابات الأمريكية، اختارهم ترامب ليعسكروا في الشرق الأوسط لاستمرار الضغط على الدول العربية هنا وهناك، للإذعان لعجلة التطبيع، باعتبار أن رضا محتلي القدس ستكون مفتاح بقاء ترامب سيداً على عرشه.
أياً كانت مغامرات الأيام المتبقية للانتخابات، فإنني لست من المتفائلين بقرب خلاص العالم من فيروس ترامب، ولكنني أدعو الله أن يزيل الضغط عن أبناء جلدتنا، حتى يقاوموا فيروس التطبيع المنحدر من فيروس ترامب حتى يصلوا في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة بموافقة ومباركة حماتها الفلسطينين لا بسلاح المحتل. أيام ونعرف مآل الأمور.