رام الله- معا- قالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي ماضية في سياسة التعذيب والقتل غير القانوني وخارج نطاق القضاء التي تنتهجها ضد الأطفال الفلسطينيين، طالما أن الإفلات من العقاب هو القاعدة، وفي ظل صمت المجتمع الدولي عن جرائمها.
وأشارت الحركة العالمية في بيان لها، إلى أن قوات الاحتلال قتلت سبعة أطفال فلسطينيين منذ بداية العام الجاري (2020) في الضفة الغربية وقطاع غزة، آخرهم الطفل عامر عبد الرحيم صنوبر (16 عاما) من قرية يتما جنوب نابلس، الذي استشهد ليلة الرابع والعشرين من شهر تشرين أول 2020، جراء تعرضه للضرب المبرح من قبل أفراد من شرطة الاحتلال (اليسام).
وأوضحت الحركة أنه من خلال المعلومات التي جمعتها حول حادثة استشهاد الطفل صنوبر، فقد تبين أن الطفل كان يحاول مساعدة صديق له يبلغ من العمر 17 عاما تعطلت مركبته قرب بلدة ترمسعيا شمال شرق رام الله.
وقال شاهد العيان (صاحب المركبة) للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال: عندما تعطلت مركبتي على الشارع الرئيسي قرب بلدة ترمسعيا، وصلت قوة عسكرية للمكان، وعندها تركتها وهربت واختبأت بين أشجار قريبة، ومن هناك راقبت جنود الاحتلال، وكان عددهم ستة من فرقة "اليسام"، وهم يتفحصون المركبة لمدة 45 دقيقة تقريبا.
وتابع: بعد أن غادر الجنود المنطقة استقليت مركبة خاصة وعدت إلى قريتي يتما، واتصلت بصديقي عامر لمساعدتي في إصلاح المركبة المعطلة، أو جرها، وعدنا إلى المكان بواسطة مركبة غير قانونية.
وأضاف: عند عودتنا كانت الساعة تقريبا 10 مساء، ولم يكن هناك أحد في محيط المركبة، فاستقل عامر المركبة المعطلة، وأنا قمت بدفعها بواسطة المركبة الثانية ودخلنا بلدة ترمسعيا على بعد نصف كيلو متر تقريبا من مكان تعطلها، وتوقفنا بالقرب من مستشفى هناك، وبدأنا بوصل الكوابل في محاولة لتشغيلها، فمر جيب عسكري عنا كان خارجا من بلدة ترمسعيا، وخلال مراقبتي له لاحظت دخول مركبة "اليسام" التي فتشت المركبة المعطلة بالمرة الأولى وكانت متجهة نحونا، فصرخت على عامر أن اهرب من المكان.
وتابع: هربت أنا باتجاه سهل قريب، بينما هرب عامر باتجاه رصيف الشارع وكان عليه سياج، فطاردته مركبة "اليسام" حوالي 40 مترا، ومن ثم توقف ورفع يديه للأعلى مستسلما، فترجل من المركبة 6 جنود، أمسك أحدهم عامر من رقبته بواسطة عصا وشدها وقام بتثبيته، بينما انهال الآخرون عليه بالضرب بأيديهم ومن ثم بالهراوات، كنت أختبئ بين الأشجار على بعد 50 مترا منهم، لقد كان عامر يصرخ ويبكي من شدة الضرب، والجنود يشتمونه ويواصلون ضربه، وبعد حوالي 4 دقائق من بدء الاعتداء عليه توقف فجأة عن الصراخ والبكاء.
أما أنا فاستطعت الاقتراب من المركبة التي حضرنا بها أنا وعامر وكان محركها ما زال يدور، وصعدت بها وقدتها إلى داخل ترمسعيا، وقد شاهدني الجنود وأنا أفر بها من المكان ولم يتحدثوا معي. ابتعدت عنهم حوالي 70 مترا، وترجلت من المركبة بعد أن أخفيتها في زقاق وعدت لأرى ماذا سيفعلون بصديقي عامر.
وأردف شاهد العيان: اقتربت منهم لحوالي 50 مترا، وكنت أتوقع أنهم سيطلقون سراحه بعد الاعتداء عليه بالضرب، ولكني رأيت أربعة منهم وهم يحملونه من يديه ورجليه، وكان عامر دون حراك نهائيا، ووضعوه على ظهره بجانب المركبة المعطلة، فاعتقدت أنه غاب عن الوعي من شدة الضرب.
وقال: عند الساعة 12:30 تقريبا بعد منتصف الليل، حضرت قوات كبيرة من جيش الاحتلال للمكان، وأحاطوا بعامر وبعناصر وحدة "اليسام" وكانوا يتحدثون مع بعضهم، وبعد حوالي نصف ساعة حضرت مركبة إسعاف، فحمل الجنود عامر ووضعوه فيها، ومن ثم انسحبوا من المكان.
"عدت إلى مكان تواجد المركبة المعطلة في حوالي الساعة 2 فجرا، وهناك سمعت من عدد من الأهالي الذين تجمعوا أن عامر قد استشهد. لقد صدمت بشدة من ذلك وفي الصباح توجهت لمجمع فلسطين الطبي بمدينة رام الله، حيث نقل جثمان صديقي عامر إلى هناك"، أضاف شاهد العيان.
نقل جثمان الطفل عامر صنوبر إلى مستشفى النجاح في مدينة نابلس للتشريح، حيث تبين أن سبب الوفاة هو الخنق، كما بين التقرير الأولي للتشريح وجود كدمات وجروح في الصدر ومنطقة البطن.
وأكدت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال أنه بموجب القانون الدولي لا يتم تبرير القوة المميتة المتعمدة إلا في الظروف التي يوجد فيها تهديد مباشر للحياة أو إصابة خطيرة. ومع ذلك، تشير التحقيقات والأدلة التي جمعتها الحركة العالمية بانتظام إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تستخدم القوة المميتة ضد الأطفال الفلسطينيين في ظروف لا يبدو أنها مبررة، وقد ترقى إلى القتل خارج نطاق القضاء أو القتل العمد.
وأشارت الحركة العالمية، في هذا السياق، إلى حادثة استشهاد الطفل محمد مطر (16 عاما) من قرية دير أبو مشعل شمال غرب رام الله، في التاسع عشر من شهر آب 2020، حيث أطلق جنود الاحتلال نيران أسلحتهم الرشاشة صوب الطفل مطر وصديقيه أثناء اقترابهم من شارع يستخدمه المستوطنون بالقرب من القرية، ما أدى إلى استشهاد مطر وإصابة صديقيه، علما أن جثمان الطفل ما زال محتجزا لدى قوات الاحتلال حتى اليوم.