رام الله- معا- أطلقت منظمة "Knowledge-Action-Change KAC" المعرفة-الفعل-التغيير"، المنظمة العالمية التي تعنى بشوؤن الصحة العامة، والتي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، مؤخراً، إصدارها الجديد من تقرير "GSTHR – الوضع العالمي للحد من أضرار التدخين" لعام 2020، وهو التقرير الذي يصدر كل سنتين، والذي يعتبر بمثابة دليل حول مدى التوافر العالمي والتنظيم واستخدام البدائل الأقل ضرراً للتبغ كالسجائر الإلكترونية والمنتجات التي تسخن التبغ، مسلطة الضوء عبره على آخر التطورات وأهم التحديات التي تعيق تطبيق منهجية وسياسة "الحد من الضرر" حالياً.
وقد تم إطلاق التقرير في إطار فعالية عقدتها منظمة "KAC" إلكترونياً بالتعاون مع مشروع الحد من أضرار التبغ "THR" في ملاوي، وذلك لاستعراض ما جاء به التقرير ومناقشته، بمشاركة العديد من الضيوف والمتحدثين الذين كان على رأسهم كل من الأستاذ الفخري في كلية إمبيريال في لندن، ورئيس "KAC"، البروفيسور جيري ستيمسون، ومؤسس الهيئة العلمية المستقلة الرائدة في مجال الأدوية في المملكة المتحدة "DrugScience"، ديفيد نات، بالإضافة لأستاذ علم الأدوية النفسية والعصبية في كلية إمبيريال في لندن، إدموند صفرا، فضلاً عن المحرر التنفيذي للتقرير، هاري شابيرو، ورئيس الشبكة الدولية لمنظمات مستهلكي النيكوتين ومدير جمعية Vapers في الهند، سامرات شاودهيري.
هذا وقد تم الحديث خلال الفعالية حول الحاجة الملحة لتغيير إجراءات العمل من قبل المنظمات والهيئات المعنية في أنحاء العالم من أجل توسيع نطاق الحد من أضرار التبغ، لتحفيز المزيد من المدخنين البالغين للتحول لمنتجات النيكوتين التي تعتبر بديل أفضل من منتجات التبغ التقليدية، وهو ما يمهد الطريق لخلق المستقبل المنشود الخالي من الدخان وخفض الوفيات والأمراض الناتجة عنه.
وبحسب التقرير، فإن نحو 98 مليون شخص حول العالم حتى الآن قد تحولوا عن السجائر التقليدية؛ إذ أن 68 مليون شخص باتوا يستهلكون السجائر الإلكترونية ومنها تلك العاملة على التبخير، أغلبهم في الولايات المتحدة الأميركية، والصين، والاتحاد الروسي، والمملكة المتحدة، وفرنسا، واليابان، وألمانيا، والمكسيك، مقابل 20 مليون شخص يستهلكون منتجات التبغ المسخن أغلبهم من اليابان، فيما يستهلك 10 مليون شخص "تبغ المضغ" أغلبهم في الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يشير لحجم الطلب الكبير على البدائل منخفضة المخاطر وإن كانت غير خالية تماماً منها.
وقد بين المشاركون بأن هذه الأرقام لا يستهان بها، إلا أنها تتضاءل أمام إجمالي عدد مدخني السجائر التقليدية حول العالم والبالغ 1.1 مليار مدخن، وهو الرقم الذي ظل ثابتاً دون نقصان طوال عقدين من الزمان، على الرغم من إنفاق المليارات على مكافحة التبغ الذي يقضي سنوياً على 8 ملايين مدخن نظراً لما يرتبط به من أمراض، لكن بسياسيات أخرى لا تمت لسياسة الحد من أضرار التبغ بصلة.
وفي سياق متصل، فقد كشف التقرير بأن سياسة الحد من الضرر والتي تعتبر بمثابة استراتيجية إضافية لحماية المدخنين من التعرض للعجز والوفاة في سن مبكرة، وذلك عبر الحد من استهلاك السجائر التقليدية بتشريع المنتجات الخالية من الدخان مع بنية تحتية تنظيمية فعالة، تتأثر سلباً بالعديد من الممارسات المناهضة لها لسبب أو لآخر، ما من شأنه أن يثبط من فعاليتها، كما أن المعلومات المضللة أو الخاطئة حول هذه السياسة والمتنجات الخالية من الدخان من شأنها أن تثني المدخنين عن التحول إليها، وهو ما يحرمهم من فرصة الإقلاع النهائي عن التدخين.
وتوضح خرائط البيانات التي تضمنها التقرير بأن عملية ترخيص وتنظيم تداول المنتجات البديلة بما فيها المنتجات القائمة على تقنية التسخين ضمن إجراءات وأطر قانونية لا تزال متواضعة في العديد من الدول خاصة تلك التي تتسم بالدخول المنخفضة والمتوسطة، والتي لا تمتلك استراتيجيات كفؤة لمكافحة التبغ أو لعلاج الأمراض المرتبطة بالتدخين، في الوقت الذي يعيش فيها ما نسبته 80% من إجمالي مدخني السجائر التقليدية حول العالم مع معدلات مرتفعة في عدد المدخنين والنمو السكاني الذي يزيد من عدد هؤلاء المدخنين، بينما لا يتم حظر المنتجات العاملة على معادلة الاحتراق إلا في مملكة البوتان فقط.
وبينت الخرائط بأن الوصول للبدائل الجديدة المتاحة حتى الآن، يمكن اعتباره حكراً على المستهلكين في الدول ذات الدخل المرتفع. وعلى ذلك، فإن 9 مدخنين بالغين فقط حول العالم من كل 100 مدخن، يمكنهم الوصول لمنتجات النيكوتين الخالية من الدخان والتي قد تكون أقل ضرراً وخطورة بالمقارنة بالسجائر التقليدية، ما يدعو لمكافحة التبغ عبر اعتماد سياسة الحد من الضرر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرواح، علماً بأن عدة دول من الدول التي انتهجت هذه السياسة أو التي نظمت البدائل الجديدة وأتاحتها ضمن هيكلة سعرية معقولة كاليابان، استطاعت تحقيق انخفاض كبير في معدلات التدخين.
وفي حديثه خلال الفعالية، أكد الأستاذ الفخري في كلية إمبيريال في لندن، ورئيس "KAC"، البروفيسور جيري ستيمسون، على ضرورة مراجعة توجيهات لجنة منتجات التبغ ومؤتمر الأطراف لاتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ وإعادة النظر في الأدلة المتوافرة على دور سياسة الحد من الضرر، لصياغة سياسات ذات فعالية لتقليص الخسائر العالمية من حيث الأمراض والوفيات المرتبطة بالتدخين في أسرع وقت ممكن، فيما قال مؤسس الهيئة العلمية المستقلة الرائدة في مجال الأدوية في المملكة المتحدة "DrugScience"، ديفيد نات، بأن انتشار البدائل الجديدة التي تعتبر أقل ضرراً بنسبة 95% من السجائر التقليدية، لا تزال تواجه تحديات عدة ناجمة عن رفض الأدلة العلمية ونكران الضرر النسبي، وهو ما يتسبب بإضاعة الفرصة للحد من عادة التدخين.
هذا وقد دعا المشاركون في الفعالية إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات الحالية لمكافحة التبغ، واعتماد سياسة الحد من الضرر كمدخل أساسي للإقلاع عن استهلاك النيكوتين واتخاذها كفرصة للحفاظ على الصحة العامة لا كتهديد لها، خاصة وسط تقديرات منظمة الصحة العالمية التي تشير لاحتمالية وفاة نحو مليار شخص بسبب الأمراض المرتبطة بالتدخين التقليدي بحلول عام 2100.