القدس- معا- بعد ثلاث سنواتٍ من اللقاءات والورشات المجتمعية ضمن القطاعات المختلفة، ونقاشها في ورشة معايير مناهضة التطبيع ضمن المؤتمر السنوي السادس لحركة المقاطعة، ولاحقاً لإقرارها من قبل الهيئة العامة للجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BNC)، عرضت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل معايير المقاطعة ومناهضة التطبيع المحدّثة، والتي تم إقرارها في 12 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2020.
واستندت هذه المعايير إلى وثيقة "تعريف التطبيع" المقرّة عام 2007 في المؤتمر الأول لحركة المقاطعة، والتي توافق عليها أوسع ائتلافٍ فلسطينيّ ضمّ غالبيّة القوى السياسية والأطر النقابية والأهلية الأخرى والاتحادات الشعبية وشبكات حقوق اللاجئين وغيرها. وأهم ما جاء في المعايير المحدّثة معيار محاسبة التطبيع،الذي يعالج السؤال الذي ضجّ به الجمهور العربيّ عامةً، والفلسطينيّ خاصةً، وهو: كيف نتعامل مع منتج/نشاط لشخصياتٍ أقدمت على التطبيع ولم تتراجع عنه؟
ونتيجةً للحوارات والنقاشات المجتمعية العديدة التي عقدتها الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI)، والتي كلّفتها اللجنة الوطنية (BNC) بإدارة تلك النقاشات وصياغة مسودات المعايير، وبناءً على المسح الذي أجراه معهد دراسات التنمية في جامعة بيرزيت لاستطلاع آراء ما يقارب الـ100 مؤسسة ثقافية فلسطينية فاعلة، فقد دعت الحركة إلى عدم عرض أو ترويج منتجات/نشاطات من يثبت تورطه/ا في التطبيع (حتى وإن لم يكًن المنتج/النشاط قيد النقاش يخالف بحدّ ذاته معايير التطبيع)، وذلك حتّى إنهاء هذا التورط والتراجع عنه علنياً.
واشتملت هذه المعايير كذلك على معايير مناهضة التطبيع الإعلامي، والتي أخذت بعين الاعتبار معايير المقاطعة الدوليّة، والنقاشات في المجتمع الفلسطيني، وأيضاً ضمن الهيئة العامة للجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل، بالإضافة إلى آراء ذوي الاختصاص من إعلاميين/ات وصحفيين/ات وأكاديميين/ات. تمخّض عن هذه النقاشات اعتماد هوية الجمهور ولغة البث كأساسيْن في صياغة أيّ معايير إعلامية، إضافةً إلى ضرورة مراعاة مبدأ الفائدة والضرر للقضية الفلسطينية من كلّ ظهورٍ إعلاميّ أو مناظرةٍ إعلامية.
وقد تمّ تقسيم هذه المعايير على عدّة محاور أساسية وهي: أولاً، استضافة وسائل الإعلام العربية (والفلسطينية) لشخصياتٍ إسرائيليةٍ والموقف من ظهور الضيف العربي (الفلسطيني) فيها. وثانياً، المشاركة العربية (الفلسطينية) في أيّ لقاءٍ أو مواجهةٍ أو مناظرةٍ إعلاميةٍ مع أطراف إسرائيليةٍ عبر وسائل الإعلام الناطقة بالعربية. وثالثاً، المشاركة العربية (بما فيها الفلسطينية) في أيّ مناظرة إعلامية متعلقة بالقضية الفلسطينية مع أي طرف إسرائيلي عبر وسائل الإعلام الناطقة بغير العربية. هذا بالإضافة إلى التفاعل العربي (بما فيه الفلسطيني) مع وسائل الإعلام الصهيونية.
وتأتي أهمية هذه المعايير، وغيرها من المعايير التي أقرتّها حركة المقاطعة بعد تطوّر التوافق المجتمعي حولها، على أنّها بالأساس مجموعةٌ من التوجيهات التي تساعد في تحديد ما إذا كان نشاطٌ ما تطبيعياً أم لا في الحالات الأكثر تعقيداً، وهي تمثّل الحدّ الأدنى لعدم الوقوع في التطبيع. ولكن، يجب التنويه دائماً إلى أنّ هذه المعايير ليست محفورةً في الصخر، وبأنها تتطور بناءً على النقاشات المجتمعية الدائمة والسياق السياسي لشعبنا الفلسطيني ولشعوب المنطقة العربية.