رام الله- معا- ظم طاقم شؤون المرأة، اليوم الأربعاء، مؤتمر )السياسات والإجراءات الحكومية المتبعة لتمكين النساء من الوصول إلى سوق العمل(، وذلك على شرف يوم المرأة الفلسطينية، وتحت رعاية معالي وزيرة شؤون المرأة د. آمال حمد، وبالشراكة مع التحالف من أجل التضامن APS، وذلك في قاعة فندق الكرمل بمدينة رام الله.
وعقد المؤتمر بحضور الوزيرة حمد، ورئيسة الاتحاد العام للمرأة انتصار الوزير، ود. أريج عودة رئيسة مجلس إدارة طاقم شؤون المرأة وإيفا سواريس مديرة التعاون الإسباني والذين كانوا متحدثين خلال جلسة الافتتاح، بالإضافة لوكيل وزارة العمل سامر سلامة، ووكيل وزارة شؤون المرأة بسام الخطيب، ووكيل وزارة التنمية الاجتماعية داود الديك، ومنير قليبو ممثل منظمة العمل الدولية في فلسطين، وعدد من ممثلي المؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة ومجموعة من المشاركين في قاعة المؤتمر وعبر تطبيقات التواصل الاجتماعي.
وقالت الوزيرة حمد: "تؤمن وتأكد وزارة شؤون المرأة على أهمية تضافر الجهود الوطنية، من مؤسسات حكومية ومجتمع مدني وقطاع خاص، على تعزيز الاتصال والتواصل نحو قضايا تمكين المرأة فلسطينيا، وقد أثبتت جائحة كورونا أهمية تكامل الأدوار وتعزيز المسؤولية المجتمعية بما يحقق التكافل والتماثل المجتمعي"، وأشارت إلى أن التمكين الاقتصادي هو المدخل للتمكين السياسي والاجتماعي، الوزارة تعمل على تهيئة البيئة التي تعزز وصول النساء من حيث القدرات والآليات المساندة لعمل النساء في الميدان، وتطوير سياسات عملها وتسهيل الإجراءات الممكنة للوصول للتراخيص اللازمة لإنشاء المشاريع الصغيرة وتحسين وصول النساء للتعليم والتدريب المهني والتقني.
وتحدثت حماد عن أبرز الاتفاقيات التي وقعتها الوزارة والتدخلات النوعية للإنعاش والتمكين الاقتصادي للمناطق المتضررة من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، من خلال اجتماع للجنة الفنية المتخصصة بالتنمية المستدامة، التي أكدت على أهمية الاعتراف بالأعمال المنزلية كأولوية وطنية، والتمكين الاقتصادي المرتبط بالعملية الثقافية وما يرافقها من تنشئة لكلا الجنسين، والغاية المهنية التي نسعى لها هي تعزيز الاستقلالية للنساء.
ورحبت د. عودة بالحضور والمشاركين، مشيرة إلى أن هذا المؤتمر الذي يهدف لتسليط الضوء على قضية هامة وهي السياسات والإجراءات الحكومية المتبعة لتمكين النساء من الوصول إلى سوق العمل، هو تتويجا لعمل دؤوب قام به طاقم شؤون المرأة على مدار عامين بالشراكة مع المؤسسة الإسبانية التحالف من أجل التضامن APS، ضمن مشروع متميز لخلق مبادرات اقتصادية للنساء في فلسطين من أجل تقوية دور المرأة وإسهامها في التنمية المستدامة من خلال المشاريع الريادية.
وأضافت د. عودة أن هذا المشروع أثمر عن دعم 18 مشروعا ضمن الحاضنة الفلسطينية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وقام الطاقم أيضا باختيار 70 امرأة مهددة أو معرضة للعنف من مختلف الشرائح المتعلمة والحاصلات على تعليم أساسي فقط، فيما تم تدريبهن على التواصل ورفع وعيهن حول العنف، وتحدثت أيضا، عن تفاصيل المشروع بعد عملية طويلة من تشكيل الوعي من خلال حملات المناصرة التي تم دعمها حول العنف تجاه المرأة في أماكن العمل عبر وسائل الإعلام المختلفة، بهدف منع العنف الجنسي في أماكن العمل، فيما تمنت د. عودة مع الوصول لنهاية هذا المشروع إلى دعم عجلة التنمية في فلسطين، والوصول للتغير في الواقع السياسي والاجتماعي والوصول لصناع القرار والتأثير عليهم لتبني أجندة هذه المشاريع والمؤتمرات الهامة.
ومن جانبها عبرت انتصار الوزير الأمينة العامة للاتحاد العام للمرأة عن أمنياتها في نجاح المؤتمر وفعالياته، وأشارت إلى أن التمييز ضد المرأة لا زال قائما، على الرغم من ارتفاع نسبة التعليم بين صفوف النساء، بالإضافة لتدني نسبة المشاركة السياسية والمهنية بنسبة كبيرة، ووجود وفجوة واضحة في معدل الأجر اليومي بين النساء والرجال، ولا بد أن تضع الحكومات سياسات وقوانين لضمان العدالة، واعتماد قوانين لمكافحة التمييز على أساس الجنس في التعيين والترقيات وتفعيل الضمان الاجتماعي للنساء، واتخاذ إجراءات مناسبة لدور المرأة الإنجابي، وسن القوانين التي تعزز تكافؤ الفرص في القطاعين العام والخاص، وتوجهت الوزير بالشكر لطاقم شؤون المرأة على هذه الفرصة، والشكر للجهات المانحة ممثلة بإيفا سواريس ممثلة التعاون الإسباني.
ومن جانب آخر عبرت إيفا سواريس ممثلة التعاون الإسباني عن سعادتهم بالتعاون مع طاقم شؤون المرأة من خلال التعاون الإسباني، وفي هذا المؤتمر الهام بما يحتويه من الكثير من الأعمال التي يجب القيام بها للتأثير على سوق العمل وحضور النساء فيه، وقالت: "نريد أن نوضح أن التمكين الاقتصادي المبني على النوع الاجتماعي هو حاجة ومطلب رئيسي للتعاون الإسباني، ومنذ أعوام نشدد على هذه الفكرة، بالمساواة المبنية على النوع الاجتماعي في السياسات العامة والخاصة، علما أنه تم تطوير سياسات إسبانية مع الجانب الفلسطيني، وأن الحكومة الإسبانية تهدف للتوظيف الكامل والتام والمفيد للمرأة الفلسطينية، لأن التوظيف هو جزء من الأدوار الاقتصادية وليس كل الأدوار الاقتصادية"، وأشارت سواريس أنه لم يتم تطبيق هذه السياسات التي توصل لها العالم بما فيه فلسطين تجاه عمل النساء وفرصهن، ولم يتم أخذها بعين الاعتبار في كل أنحاء العالم وليس فقط في منطقة ما.
وشددت أيضا على أنه لا يجب أن تدفع النساء ثمن الأزمة المالية، ويجب أن تشمل أولويات الحكومة وسياساتها في الحفاظ على عدم دفع النساء ثمن الأزمة، ويجب أن نشارك في صياغة هذه السياسات التي تضمن مستقبل أطفالنا لأننا في لحظات حرجة.
وخلال الجلسة الأولى استعرض سامر سلامة وكيل وزارة العمل أهم الإحصاءات والأرقام التي تعبر عن سوق العمل في فلسطين وتحديدا ما يتعلق بالنساء، رغم ما يعانيه الاقتصاد الفلسطيني من تحديات، مؤكدا على أهمية التنسيق والتواصل ما بين المؤسسات النسوية والمؤسسات الوطنية مع بعضها البعض، والوصول لمرحلة الضغط والتغيير في القطاع الخاص والحكومي كمشغلين أساسيين، وإحداث التغيير الذي يجب أن يمارسه المؤسسات النسوية.
وقال منير قليبو ممثل منظمة العمل الدولية في فلسطين: "للأسف التغيير بطيء نحو وضع المرأة في فلسطين والعالم، وما زالت المنظمات الأممية تنادي بنفس الرسائل التي طالبت بها منذ زمن، وذلك نتيجة عدم الاستجابة لهذه المتطلبات بسبب الظروف التي يمر بها العالم بما فيه فلسطين والتحديات التي واجهها الشعب الفلسطيني نتيجة الاحتلال وغيرها من الظروف السياسية والاقتصادية بما فيها تعطل المجلس التشريعي الانقسام الفلسطيني ودخولنا في حربين أساسيتين في غزة، وإيقاف دعم الدول المانحة وتعطيل أعمال وكالة الأونروا".
وأضاف قليبو: "إلا أن عدم نيل الشعب الفلسطيني للاستقلال عن الاحتلال كان هو أهم الأسباب لتراجع دور المرأة في المجتمع الفلسطيني بجانب العديد من المشكلات التي يواجهها الشعب، معرجا على منع الاحتلال لحق المرأة الفلسطينية بالتنقل على سبيل المثال، وصمود المرأة الفلسطينية في ظل كل هذه الظروف.
وفي مداخلة داوود الديك وكيل وزارة التنمية الاجتماعية، أشار أن قطاع التنمية الاجتماعية يتلقى ضحايا القطاعات الأخرى، مثل المرأة الفقيرة أو المحرومة من الميراث أو المعنفة، فإن توجههم لنا يعني أن النساء لم يصلن إلى منظومة العدالة، وأن التمكين المقصود للمرأة في سوق العمل، لا يتكون بالتمكين الاقتصادي فقط، لأنه لا يؤدي لتمكين اجتماعي، وهو تمكين جزئي ولا يؤدي الهدف المطلوب، ومن منظور وزارة التنمية يجب أن يكون التمكين له أجندة اجتماعية، وأن ترصد برامج التمكين قدرة النساء على اتخاذ القرار داخل الأسرة وخارجها واختيارها للقرارات الجديدة"، وأضاف الديك أن تدني وصول النساء لفرص العمل من نظرة الوزارة تأتي نتيجة عدم وجود وقت لدى السيدات نتيجة انشغالها بالأعمال المنزلية التي تمنعها من التدريب واكتساب المهارات والخبرات، ويجب أن نحرر جزء من وقت السيدة حتى تستطيع الحصول على ذلك، وأشار أن الفقر مصنف على التوزيع الجغرافي، كما تم اكتشافه خلال التعامل مع النساء في أطراف المدن والريف في شمال وجنوب الضفة الغربية.
وأشار بسام الخطيب وكيل وزارة شؤون المرأة إلى وجوب تجنيد الرجال للدفاع عن ملف المرأة، لعمل تدخلات إيجابية لصالح النساء وعدم بقاء النساء بالعمل لوحدهن على هذه القضايا، وأكد على ضرورة أن يتحول دعم المرأة من شعارات إلى استراتيجيات، وتخطي مرحلة الخطط والبرامج والاستراتيجيات وتنفيذها على أرض الواقع، وذلك بسبب تراجع نسبة وصول المرأة للعمل، وزيادة نسبة العنف خاصة مع أزمة كورونا.
فيما ناقش الحضور عدد من الاستفسارات والأسئلة التي لها علاقة بموضوع المؤتمر، من مشاركة الرجال في قضايا المرأة، وحماية المرأة من سرقة جهودها الفردية أو المندرجة تحت العمل الحكومي والخاص والأهلي، وضرورة توضيح المتحدثين للسياسات الحكومية في هذا الاتجاه.
وخلال الجلسة الثانية، ناقشت منى الخليلي ممثلة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وعايشة حموضة ممثلة النقابات العمالية، وريهام نسور من دائرة التفتيش في وزارة العمل أهم الانتهاكات في تشغيل النساء، والتي كانت تتمثل بانخفاض الأجور عن الحد الأدنى، وعدم تشغيل النساء بسبب احتياجهن لإجازات أكثر بالحمل والإرضاع والولادة وعدم تساوي الأجر بين العاملات والعمال، والحاجة لدور النقابات لتوعيتهن بدورهن أكثر مما هو عليه، وعدم إخفاء المعلومات، وتوعية النساء بحقوقهن القانونية وعدم الوقوع بالغبن.
وقد خرج المؤتمر بمجموعة من التوصيات أهمها، العمل على تضافر الجهود لتعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل، ونسج علاقة متينة بين كافة المؤسسات الشريكة، وسن القوانين التي تعزز الفرص في القطاع العام والخاص على قاعدة تكافؤ الفرص، وإيجاد قوانين رادعة للعنف الاقتصادي الواقع على المرأة، ووضع خطة استراتيجية شاملة لكافة الشركاء المحليين لإيجاد فرص لتشغيل النساء، وضرورة إعادة صياغة الإنسان الفلسطيني على أسس حقوقية وأسس المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، وتوزيع بعدالة فرص الحصول على البنية التحتية والخدمات والتكنولوجيا تراعي المهمشات والفقيرات، وغيرها من التوصيات في ذات المجال.