الكاتب: السفير منجد صالح
اليوم قصفوا دمشق
مُجدّدا
تُطالعني الصحف والمجلّات
قصفوا المطار وحوله والجوار
قصفوا في الليل مرّة
ومرّة أخرى في وضح النهار
قصفوا دفاتر مذكّرات الماغوط ونزار
قصفوا نهر بردى ومواكب التُجار
قصفوا مهاجع الطائرات
وهي رابضة في سُبات
قصفوا المواقع والمنصّات
قصفوا الجنود والعبّارات
قصفوا غرف نومنا ونحن عُراة
قصفوا سرير عاشقين مُلتحمين
ساهمين غافلين على ضفاف دجلة والفرات
تُطالعني كل صباح المجلّات
قصفوا دمشق مُجددا
ونحن في سبات،
ردُّنا مؤجّلٌ إلى ما بعد سنوات
إلى ما بعد اجتماع القادة مع الفراشات
إلى ما بعد استحضار أرواح الجنيّات
قصفوا بيوت الفقراء ومقابر الفقراء
قصفوا الحدائق المُعلّقة ما بين النهرين
قصفوا قبر نبوخذ نصّر على دفعات
قصفوا مقاهي الشاي على ضفاف دجلة والفرات
ونحن في سبات
والعرب في سبات
عيونهم وأنوفهم وكؤوس خمرهم في سبات
ومشيخات الموز على الأرائك مُتّكئات
في طائراتهم الرحبة المُذهّبة يمخروب عباب السماوات
وفي يُخوتهم العاجية "المغناج" قطعوا السبع بحرات
وجيوشهم في سبات،
سلّموا قلاعهم "الحصينة" دون حرب ولا مُناوشات
ف عدوّهم الآن صديق
وجارٌ عزيزٌ حميمٌ عتيق
وصديقهم عدوّ
شقيقهم عدوّ
جارهم عدوّ
عدوّنا، عدوّهم سابقا، صديقهم الجديد
من نوعه فريد
ما زال يرمينا بكتل اللهب والحديد
من الشام لبغداد لجنين
من الوريد إلى الوريد
ويرميهم بالورد والحبّ والزبيب
فيغدقون عليه ولاء ونفطا وعسلا بالمزاريب
عربون صداقة ومكافأة لودّ حبيب
ف اقصفوا "مدرسة أطفال بحر البقر" مرّة أخرى
اقصفوا قانا مرّة ومرّتين وثلاث مرّات
وانحروا صبرا وشاتيلا مرّتين
اقصفوا "ساحة المرجة" و"السبع بحرات"
اقصفوا الزنبقة الوحيدة الباقية في شط العرب
اقصفوا الزهر والياسمين والنسمة وجدايل البنات
واقصفوا أسرّتنا الخشبية الطافية على مياه الواحات
فالعرب في سُبات
وجيوشهم في سُبات
خيولهم وجمالهم وسيوفهم في سُبات
باعوا رماحهم وسيوفهم خُردة لبني صهيون
وناموا في دفئ صحرائهم نوما عميقا ملئ الجفون
وسلّموا نبالهم وأنيابهم ودروعهم لأمريكا أمّهم الحنون
ف أهلا وسهلا بك يا "عمّنا نتنياهو" في مدينة "نيوم"
نفرش لك الأرض بساطا أحمرا ونُدثّرك بكحل العيون.
كاتب ودبلوماسي فلسطيني