غزة- معا- أكد مجتمعون أن قطاع غزة يعاني من تدهور الأوضاع الإنسانية في ظل تشديد الحصار من قبل الاحتلال الإسرائيلي للعام 14 على التوالي، واستمرار الانقسام وما خلفة من تداعيات كان أخطرها فرض العقوبات الجماعية من قبل السلطة علي المواطنين والموظفين الحكوميين ومن جراء تفشي فيروس كورونا، مطالبين الحكومة سواء في القطاع أو رام الله بضرورة إيجاد حلول سريعة لإنقاذ الوضع الإنساني و الاقتصادي، وإبعاد الخدمات وحقوق وحريات المواطنين عن الخلافات والمشاكل السياسية.
وحذر المجتمعون خلال اللقاء الذي نظمته الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) عبر الزوم، تحت عنوان "واقع الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة"، من استمرار حالة الانهيار في القطاع الاقتصادي والإنساني في حال لم يتم معالجة مُسببّات ذلك التدهور.
وأفتتح اللقاء المحامي صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية (حشد) مرحباً بالضيوف، مؤكداً أن قطاع غزة يعاني أوضاعاً كارثية تجعل من واقعة ومستقبله محفوفاً بالتحديات والمخاطر، بسبب عوامل متعددة أبرزها الحصار الإسرائيلي الذي جعل القطاع تتعمق فيه الأزمات، وما أحدثه من دمار هائل في البيئة والمرافق الاقتصادية، وارتفاع حاد في معدلات الفقر والبطالة، إضافة للإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة الفلسطينية برام الله على الموظفين ومخصصات الأسرى والشهداء، وما أفرزته جائحة كورونا.
إضافة للأزمات الأخرى المتمثلة في استمرار انقطاع الكهرباء وأزمة المياه وتراجع الخدمات الصحية وارتفاع نسب الفقر والبطالة ومعدلات العنف الاجتماعي، الضغوظ النفسية وتوقف بعض المنشآت الإقتصادية وغيرها من التحديات الإنسانية والاجتماعية الأخرى، والتي ساهمت في تفاقم الوضع الإنساني، ما يتطلب دور من السلطة برفع العقوبات الجماعية عن قطاع غزة وتقديم حصة قطاع غزة من الموازنة والمساعدات ومن حكومة غزة تخفيض الضرائب والجباية وتعزيز المشاركة المجتمعية، وفتح حوار مع كافة القطاعات لضمان تعزيز التعاون لحل الازمات ولحين إتمام المصالحة وضمان توزيع عادل للمساعدات وإيجاد حضانات تنموية ومشاريع صغيرة للشباب وتوفير الحماية للحقوق والحريات ومن المجتمع الدولي الضغظ لتحمل الاحتلال المسؤوليات الواردة في قواعد القانون الدولي الإنساني، ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة وتقديم الدعم الإنساني لحل مشكلات الكهرباء والمياه ونقص الخدمات ودعم قطاعات الخدمات وخاصة الخدمات الصحية .
من جهته تحدث د. جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، أبرز الأسباب التي أدت إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، وأهمها: الحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ 14 عاماً، والتي رافقها 3 حروب أدت إلى تدمير البنية التحتية ومحطات توليد الكهرباء، والمرافق العامة، والمباني والمزارع وغيرها، إضافة إلى جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على كل العالم، وأزمة الأونروا، وأزمة المياه والكهرباء..
وبين أن هناك حالة انهيار في مختلف القطاعات الصحية والبيئية والبنى التحتية والاقتصادية مما فاقم المعاناة الإنسانية بشكل خطير وخاصة القطاع الاقتصادي، حيث تعطلت الحركة الاقتصادية في قرابة ٨٠٪ من المنشآت الاقتصادية. وأشار الخضري إلى جائحة كورونا انعكست على كامل الحياة الاقتصادية والصحية والاجتماعية والتعليمية والسياحية وقطاع المقاولات وغيرها، حيث الجمود شبه التام يصيب هذه القطاعات مما تسبب في انعكاسات مالية كبيرة على جميع هذه القطاعات.
وأكد على ضرورة العمل من أجل رفع الحصار عن قطاع غزة، والحد من معدلات الفقر الخطيرة والمرتفعة جداً يتطلب تدخل دولي عاجل، مع ضرورة توفير دعم خارجي، وتوفير شبكة أمان عربية ودولية لإغاثة سكان قطاع غزة والإسراع في انجاز الوحدة الوطنية .
بدوره أكد د. سمير أبو مدلله عميد كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الأزهر في غزة أن الاقتصاد الفلسطيني يتعرض لانتكاسات عديدة يحظى قطاع غزة بالحصة الأكبر منها، فمنذ أن فرضت إسرائيل حصارها على غزة أصبح القطاع يفتقر إلى كافة مقومات الحياة بمختلف مناحيها، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي ومباشر على معظم مؤشراته الاقتصادية والاجتماعية.
وأستعرض مجموعة من الإحصاءات والأرقام التي تعطي مؤشرات للأوضاع الكارثية التي يشهدها قطاع غزة غزة، مشيراً إلى أن تطبيق اجراءات الخصم على رواتب الموظفين الحكوميين، واحالة الآلاف منهم إلى التقاعد الاجباري، حيث زادت نسبة الخصم حتى أصبح معظم الموظفين يحصلون على أقل من 50% من رواتبهم، والأخطر من ذلك أن متوسط الرواتب في القطاع الخاص في غزة لم يتخطى 800 شيكل، أي أنه لم يصل إلى الحد الأدنى، وبهذا المتوسط المتدني لا تزال نسب البطالة في أعلى مستوياتها في ظل العرض المرتفع من الأيدي العاملة وغياب فرص التشغيل، أضف إلى ذلك جائحة كورونا التي شغلت العالم، والتي شلت معظم قطاعاته الاقتصادية.
وأكد أبومدلله أن الحصار المشدد على غزة وكذلك العدوان المتواصل، الذي يستهدف منشآت صناعية وزراعية وخدماتية يلعب دورا في تردي الأوضاع في القطاع، كما أن السلطة القائمة في غزة لا تملك بدورها رؤية للتنمية تخرج عن نطاق السياسة العامة، التي تسير عليها السلطة الفلسطينية بشكل عام.
ودعا إلى ضرورة الإسراع في إتخاذ التدابير اللآزمة لفك وإزالة الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، وإنهاء الانقسام وكافة مظاهره ومضامينه، والإسراع في الإصلاح وإعادة الإعمار، وتحسين البيئة الاستثمارية وخلق المناخ الاستثماري، وتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية، وتنمية القطاع الخاص وتفعيل دوره التنموي من خلال القوانين وتسهيل الإجراءات الإدارية وغيرها.
وقدم عدد من المشاركين من الحقوقيين والأكاديميين وممثلي القوي السياسيه والشباب ومنظمات المجتمع المدني جملة من الأسئلة والمدخلات تناولت استعراض الأوضاع الصعبة لسكان القطاع ومطالبات بتحميل الاحتلال مسؤولياته وضرورة الضغظ لرفع الحصار واستمرار العمل لوقف إجراءات السلطة العقابية وسياسية التمييز علي اساس جغرافي، محذرين من فرض أي إجراءات جديدة.
وطالبوا بحماية حقوق الموظفين وارجاع حقوقهم بأثر رجعي، كما طالبوا الحكومة في غزة بتعزيز صمود الناس وتوفير ضمانات احترام حقوق الإنسان وتطوير العمل الخدمي وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان إيجاد معالجات لمشكلات قطاع غزة.
وأكد المشاركون علي أهمية تعزيز الحرك الشعبي والضغظ لترتيب البيت الداخلي واستعادة الوحدة وضمان إجراء الانتخابات الرئاسيه والتشريعية والمجلس الوطني، ولحين ذلك القطاع لن يبقي ينتظر سيناريوهات الانفجار أو الانهيار وانما علي الجميع من حكومة وقوى سياسية ونقابية ومجتمعية العمل لمنع التراجع وحماية الحقوق، وإيجاد معالجات للتحديات الإنسانية.
ودعا المشاركون وكالة الغوث الدولية والمجتمع الدولي والدول العربية والأمم المتحدة بالعمل على تقديم المساعدات لحل مشكلات الفقر والبطالة والخدمات الصحية ومشكلات الكهرباء والمياة، وتقديم الدعم لقطاعات المرأة والشباب والأطفال والعمال والأشخاص ذوي الاعاقة، إضافة إلى تعزيز التحركات الدولية لتعزيز التضامن الإنساني مع سكان القطاع وفلسطين.