الخليل -معاً- أصدر الرئيس محمود عباس ثلاث قرارات بقانون، وهي متعلقة بتشكيل المحاكم النظامية رقم 39/2021 وتعديل قانون السلطة القضائية رقم 40/2021 وإنشاء محاكم إدارية رقم 41 /2021، والمنشورة في العدد الممتاز رقم (22) من مجلة الوقائع الفلسطينية. وأثار إصدار هذه القرارات حالة من الجدل بين رجال القانون المؤيدين والمعارضين لهذه القرارات.
وقد رفضت مؤسسة الحق تعديل قانون السلطة القضائية، واعتبرت "تعديل قانون السلطة القضائية بقرار بقانون ما هو الا استمرار لنهج التدخل في الشأن القضائي وهدر لمبدأ الفصل بين السلطات، ومبدأ سيادة القانون كأساس للحكم الرشيد، وأن اجراء أي تعديل على قانون السلطة القضائية يجب أن يكون من خلال برلمان منتخب بشكل ديمقراطي". كما جاء في بيان لها نشر سابقاً.
كما اعلنت نقابة المحامين عن رفضها المطلق لرزمة القرارات بقانون الماسة باستقلال السلطة القضائية الصادرة في العدد الممتاز رقم (22) بتاريخ 11/1/2021 من الوقائع الفلسطينية.
وللوقوف على حالة الجدل، تحدثنا مع الدكتور بسام القواسمي، أستاذ القضاء الإداري والقانون الدستوري في كلية الحقوق في جامعة الخليل، حيث أوضح "أن هذه القرارات بقانون جاءت منسجمة مع الأصوات التي كانت تنادي بإصلاح منظومة العدالة الفلسطينية مع وجود بعض التحفظات على بعض النصوص التي جاءت في هذه القوانين، من حيث موضوعها والظرف الذي صدرت فيه، والتي عدلت بعض نصوص القوانين السارية المفعول واستحدثت قواعد جديدة متعلقة بالمحاكم الإدارية.
وفيما يتعلق بإصدار القرار بقانون رقم 41/2020 بشأن المحاكم الإدارية، أفاد القواسمي "أن هذا القرار بقانون ينسجم مع المطالبات المتكررة بإصلاح وتطوير السلطة القضائية وبالذات بالقضاء الإداري من خلال إنشاء محاكم خاصة به، وجاء إصداره منسجماً مع الخطة التي أطلقتها كلية الحقوق في جامعة الخليل عام 2014، والتي كان من ضمن بنودها ضرورة إنشاء محاكم إدارية وأن تكون على درجتين من التقاضي وأن يكون هناك تعويض عن القرارات المخالفة للقانون وليس إلغاءها فقط كما كان سابقاً، وأن يكون هناك أصول إجراءات خاصة للتقاضي أمام المحاكم الإدارية، وقد أخذ القرار بقانون بعين الاعتبار كل هذه المطالبات، مع وجود بعض النصوص التي يرد عليها التحفظ وهي التي تعطي السلطة التنفيذية صلاحيات قد تعتبر من باب تدخل السلطة التنفيذية وتغولها على السلطة القضائية، مثل المادة السابعة من هذا القرار بقانون والمتعلقة بتعيين قضاة المحاكم الإدارية، وهذا قد يتعارض مع القانون الأساسي المعدل، وبالذات نص المادة الثانية التي نصت على مبدأ الفصل بين السلطات، والتعيين بهذه الطريقة فيه تعارض مع هذا النص الدستوري."
وأضاف القواسمي أن هذا القرار بقانون في مجمله قد تضمن الكثير من النصوص التي تسهم في تجسيد مبادئ المشروعية والرقابة على أداء السلطة التنفيذية والمؤسسات العامة مما يصب في تحقيق مبادئ حكم القانون والمساءلة.
وقال: "إن هذا القانون لا زال فتياً ومن السابق لأوانه الحكم عليه مسبقاً بصورة نهائية. ومن خلال التطبيق، قد يتبين لنا أن هناك بعض النصوص التي تحتاج إلى تعديل. ولكن في المجمل، هذه القرارات بقانون مطلوبة لتحسين منظومة العدالة الفلسطينية".
وفيما يتعلق بالقرار بقانون بشأن تعديل قانون السلطة القضائية وتشكيل المحاكم النظامية، أوضح الدكتور بسام "أن هذين القرارين بقانون تضمنا الكثير من النصوص الإيجابية مثل: إنشاء محاكم استئناف في الخليل ونابلس، وإنشاء غرف التقاضي، وآلية تعيين القضاة وتثبيتهم، والاستيداع والإحالة للتقاعد، وهناك نصوص أخرى تجسد العدالة وتسهم في تسريع إجراءات النظر في القضايا وبالتالي التخفيف على المتخاصمين والمحامين، وتسهم في تطوير القضاء".
وأضاف:" أتفهم معارضة بعض الجهات والحقوقيين لتوقيت إصدار هذه القرارات بقانون، ولكن علينا أن نقدّر الوضع السياسي الذي نعيش فيه، وحالة الانقسام، وعلينا النظر إلى الجانب الإيجابي في هذه النصوص، ولا شك في أن جميع هذه القرارات بقوانين يجب أن تعرض على المجلس التشريعي في أول جلسة له، فإما أن يقرها وتصبح قوانين عادية، أو يعدلها أو يلغيها بصفته صاحب الاختصاص الأصيل في إصدار التشريعات والقوانين."
وختم القواسمي حديثه بالقول: "مع تفهمي الشديد للتحفظات التي أثيرت وما زالت تثار عن هذه القرارات بقانون، علينا ألا ننسى أن الإصلاح الحقيقي والجذري أفضل من السكوت على الوضع السابق، دون الإغفال عن الحاجة إلى تعديلات على أرض الواقع سواء بموجب الصلاحيات التي منحها القانون الأساسي للرئيس أو من خلال السلطة التشريعية التي ننتظر وصولها بفارغ الصبر بعد إجراء الانتخابات التشريعية، لتقوم كل سلطة بمهامها حسب القانون الأساسي".