الكاتب: السفير منجد صالح
إلتقاها في أوّل يوم لهما في الجامعة، جامعة بير زيت العريقة. سحره قوامها الممشوق وعيونها السوداء الواسعة وابتسامتها العذبة وخفرها "الفلّاحي" المُستتر.
أحبّها من أوّل نظرة، وأحبته هي بدورها، "وافق شنّ طبقة"، "فولة وانقسمت نصفين"، "نسخة كربون"، وكأنّهما يعرفان بعضهما ونفسيهما منذ زمن، "توارد أفكار وأرواح" عجيب بينهما، "نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء فحُبّ وغرام وهيام".
على مقاعد الدراسة في السنة الأولى لم يفترقا، لا في غرفة الصفّ ولا خارجها، تقترب روحيهما وتنصهر عواطفهما كل يوم أكثر فأكثر في بوتقة الحب "العُذري" والعشق "المُحتشم".
في نهاية السنة الجامعية "شرب أيمن من حليب السباع"، واستجمع شجاعته ورباطة جأشه وطرق باب بيت أهل سُهير، الواقع في قريتها غرب مدينة رام الله، يحدوه الأمل والتفاؤل في سعيه ومُراده ومقصده، يطلب يدها للزواج وودّ أهلها، "على كتاب الله وسُنّة ورسوله".
لم يكن يعرف أيمن أن سفينته الماخرة في عباب بحور الحب والغرام ستلاقي كل هذه الأنواء والأعاصير، وحتى نتوء جرف صخري كذلك الذي أغرق سفينة تايتانك الشهيرة العملاقة.
عمّ سهير، المُتسلّط المُهيمن على شؤون ومقدّرات وقرارات العائلة، فاجأه بأنها مخطوبة، منذ يوم ولادتها، لإبنه الذي يكبرها بخمسة أعوام. وشرح باسهاب أنّ ذلك كان "اتفاق جنتلمان" بينه وبين أخيه، "إلّي ما بيهش ولا بينش"، والد سهير.
تفاجأت هي أيضا من الخبر "المفبرك"، صناعة وصياغة وتأليف وسيناريو وحوار وموسيقى تصويريّة وانتاج واخراج عمّها المُتجبّر. لم يدُر بخلدها يوما، ولا حتى في منامها وأحلامها وكوابيسها، أن تكون شريكة حياة نزار "الأهبل"، ابن عمّها.
فهربت إلى الأمام، قفزت قفزة في الفراغ، وسلّمت نفسها لحبيبها في الجامعة طواعية عربونا للحب والوفاء وكُرها في عمّها وابنه "المعتوه"، و"يا دار ما دخلك شرّ!!!".
بدأت التحضيرات للعرس والزفاف الميمون بين سهير ونزار، وعمّها "فارد ريشه كالطاووس" مزهوّا "بنصره" ومقدرته على فعل ما يُريد وتدبير كل جديد في عائلته الخانعة له ولرغباته ولسطوة ثروته.
لكن سهير لم تعّد عذراء، و"الفأس توشك أن تقع في الرأس". إذن ما العمل؟؟ فادّعت وتظاهرت بالجنون، حتّى "تفرمل" وربما تُلغي هذا الزواج الشؤم، و"هنا دخل الشرّ" والأمرّ من المُرّ.
أحضر لها عمّها، " الفِتِح الفِتِك"، المُصمّم على أن ابنة أخيه سوف لن "تنكشف" على مخلوق غير "ابنه الوحيد الحبيب"، شيخا ليقرأ عليها ويعالجها من "المسّ" الذي أصابها. لم يدري ولم يدُر بخلده أنه بهذا "يُطلق النار على قدميه".
الشيخ "المُعجزة"، الذي انتقاه العم "المفتّح" من بين جميع شيوخ المنطقة، كان شابا و"ابن حرام مصفّى"، كشف سرّ جنونها المُزيّف وأجبرها على قول الحقيقة. واتّفق معها على "مُداراة فضيحتها" وتصفية ذيولها نهائيّا بشرط ان تمتثل لرغباته وشهواته، وأن "اوّل بند في الاتفاق" أن تُعطيه "صيغتها الزوجية" كُلّها، "الذهب والمجوهرات"، و"ثاني بند" أن تكون "تحت الطلب" متى أراد أن "يونّس حياته" معها، كما يقول الاخوة العراقيّون.
وبناء على هذا الاتّفاق "الثنائي" ببنوده السريّة، فقد خرج الشيخ اللعين على "القوم" وأعلن أمام العم والعائلة بأنه سيخوض معركة "إخراج الجنّي"، الذي يتلبّسها، من داخل جسمها، ويمكن أن يتمّ ذلك من عينها فستبقى عوراء، أو من بطنها وستصبح مبقورة البطن، أو من "فرجها" فستفقد غشاء بكارتها، ببساطة، والموقع الأخير، أي الفرج" هو الأسلم والأفضل والأقل ضررا!!
وأنّه يلزمه، في معركته الشرسة هذه، ساعة على أقل تقدير، على أن لا يقترب أحد من العائلة، وخاصة عمّها، من غرفة سهير، التي ستدور فيها "عمليّات حربية بالسلاح الأبيض" لإخراج الجنّي المُفترض.
وهكذا كان وحصل.
اختلى بها، و"طبّق البند الثاني" في الاتفاق مباشرة وفورا على سريرها الوثير الدافئ. وبدل أن يُخرج الجنّي من فرجها، كما ادّعى، أدخل في أعماقها "جنّيه" الآدمي، بعد أن استحوذ على مصاغها الذهبي.
زوّجوها "الأهبل" بالزفّة والطبل البلدي والمزمار، وبالهناء والسعادة، وبالرفاة والبنين.
أنجبت ثلاثة أطفال، بنتين وولد، وما زال الشيخ يزورها بانتظام ويُشرف على "تطوّر حالة شفائها"!!!
سُهير "تحلف يمينا" غليظا صادقا أنّها لا تعرف إن كان أولادها الثلاثة من صلب زوجها أم من صلب الشيخ؟؟!!
كاتب ودبلوماسي فلسطيني