غزة- معا- نظم المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ورشة عمل بعنوان: "أوضاع عمال قطاع غزة في ظل جائحة كورونا"، وذلك في مقره بمدينة غزة.
وناقشت الورشة تأثير جائحة كورونا على واقع العمال والعاملات في قطاع غزة، وتقييم التدخلات الحكومية للتخفيف من الآثار السلبية الواقعة عليهم. وشارك في الورشة مجموعة من المختصين يمثلون: وزارة العمل، وزارة التنمية الاجتماعية، الاتحادات الصناعية والعاملين فيها، الغرفة التجارية، ومؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام.
وافتتح د. فضل المزيني، مدير وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الورشة، مرحباً بالمشاركين والمشاركات، ومن ثم استعرض تقريراً أعده المركز حول "أوضاع عمال قطاع غزة في ظل جائحة كورونا". وقد أكد د. المزيني أن جائحة كورنا تسببت في تعميق أزمات 160 ألف عامل، كانوا يكتسبون قوت يومهم من الأعمال المرتبطة بالمؤسسات والمنشآت التي أُغلقت بسبب الاجراءات الوقائية والقيود المفروضة للحد من انتشار فايروس كورونا. وأضاف أن التدخلات الحكومية لمساعدة عمال قطاع غزة المتضررين من جائحة كورونا محدودة جداً، ولا تغطي جميع المتضررين، عدا عن كونها لا تسد العجز الذي يعانيه العمال، ولا توفر لهم الحياة الكريمة أثناء انقطاعهم عن العمل لفترات طويلة.
و قدمت اعتماد الطرشاوي، مدير دائرة التشغيل في وزارة العمل بغزة، مداخلة حول تدخلات الوزارة لمساعدة لحماية عمال قطاع غزة خلال جائحة كورونا.
وأفادت الطرشاوي أن الوزارة، وفي ضوء امكانياتها المتواضعة وقدراتها المحدودة قدمت المساعدات المالية لنحو 80 ألف عامل متضرر من جائحة كورنا بواقع 100 دولار لمرة واحدة، وقد تم تمويل هذه المساعدات من جهات دولية كالصليب الأحمر الدولي واللجنة القطرية لإعمار غزة، ووزارة المالية غزة. وأضافت أن الوزارة تفتح باب التعاون مع جميع اتحادات العمال لمنع التجاوزات القانونية بحق العمال، مؤكدةً تمسك الوزارة بتغطية كافة المسجلين كمتضررين من الجائحة في حال الحصول على التمويل الكافِ.
وفي مداخلته، أكد لؤي المدهون، المفوض العام لوزارة التنمية الاجتماعية – رام الله، أن الوزارة واصلت جهودها في حماية الفقراء، مؤكدًا أن 79 ألف أسرة تستفيد من برنامج شيكات الشؤون الاجتماعية، منهم 23 ألف أسرة تتلقى القسائم الشرائية. وأضاف المدهون أن الوزارة ضاعفت جهودها في ظل جائحة كورونا نظرًا لاتساع دائرة المتضررين، حيث تم استحداث فئات جديدة للاستفادة من برامج الوزارة أبرزها المحجورين صحيًا، وفئة المنكشفين الجدد وهم في غالبيتهم من العمال المتضررين بسبب تعطل العمل الناتج عن اجراءات الطوارئ بسبب كورونا. وأضاف المدهون أن الوزارة قدمت 10 ألاف قسيمة شرائية و60 ألف طرد غذائي، بجهود مشتركة ومنسقة لفئات هي من غير المستفيدين من برامج الوزارة، وكان الاعتماد على قواعد بيانات تم الحصول عليها من الاتحادات العمالية. وفيما يتعلق بصندوق وقفة عز أفاد المدهون أن الصندوق قدم المساعدات المالية لـ 5 ألاف مستفيد من غزة، وهو العدد الذي طُلب من إدارة الصندوق.
بدوره، صرح سامي العمصي، رئيس نقابة العمال في غزة، أن الجهات الحكومية في غزة والضفة لم تتحمل مسؤولياتها أمام العمال الفلسطينيين كونهم فئة هشة ومكشوفة، مؤكدًا أن كل المبالغ التي استهدفت العمال كانت تتسم بالمحدودية، ولم تغطي جميع العمال، علاوة عن صرفها لمرة واحدة، مضيفًا أن العمال تكبدوا خسائر هائلة في أجورهم خصوصًا في فترة الاغلاق الكامل خلال شهري أغسطس وسبتمبر من العام السابق.
وقال د. سلامة أبو زعيتر، عضو الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، أن العمال أكثر الفئات تضرراُ نتيجة جائحة كورونا، حيث فقد آلاف العمال مصدر دخلهم الوحيد بسبب إعلان حالة الطوارئ والاغلاقات، والحجر الصحي والمنزلي، وخاصة العاملين في سوق العمل غير المنظم، وعاملات وعمال المياومة. وأكد أبو زعيتر بعض أصحاب العمل، وفي ظل تدهور أوضاعهم الاقتصادية، انتهكوا حقوق عمالهم، وساوموهم على لقمة العيش، واتخذوا إجراءات تعسفية وغير قانونية بحقهم. وتحتاج مثل هذه الانتهاكات التدخل والوقوف عليها بمهنية وضمن مسئولية مجتمعية وأخلاقية وقانونية، بهدف تخفيف معاناة العمال، ومعالجتها بأقل الاضرار، وتوفير الحماية لهم من الاستغلال.
وفي مداخلته، عدد المحامي على الجرجاوي من المركز الفلسطيني لحقوق العاملين، المخالفات التي ارتكبها أرباب العمل بحق العمال خلال جائحة كورونا. ورأى الجرجاوي أن الجهات الحكومية لم تمارس دورها الرقابي كما هو مطلوب خلال جائحة كورونا، مضيفًا أن المؤسسات تتهرب من توفير اجراءات السلامة للعاملين فيها، ونتج عن ذلك إصابة العديد من العمال. وأكد الجرجاوي أن قانون العمل يعاني من ثغرات تعفي أرباب العمل من مسؤولياتهم في هذا الإطار.
وقال محمد المنسي، رئيس اتحاد الصناعات الهندسية والمعدنية في غزة، أن القطاع الخاص يعاني قبل أزمة كورونا بفعل أزمات قطاع غزة المختلفة كالحصار الاسرائيلي والانقسام الداخلي، وتضاءلت قدرته على التشغيل بشكل كبير، حتى جاءت أزمة جائحة كورونا ليشهد انهيار الكثير من المنشآت الصناعية. وانتقد المنسي السياسات الحكومية التي أهملت دعم القطاع الخاص، ورغم ذلك تطالبه بأداء حقوق العمال، وطالب الحكومة في غزة الموازنة والتعامل بشكل عادل بين العمال وأصحاب العمل كون الأزمة طالت الجميع.
وطالب المشاركون الحكومة الفلسطينية بخلق آليات واضحة ومعلنة لإغاثة عمال قطاع غزة تتسم بالعدالة والنزاهة والشفافية مطالبين بالعمل على توسيع نطاق الدعم لفئة العمال المتضررين من الجائحة، ليشمل الدعم جميع العمال في القطاعات المختلفة خصوصًا الذين يعملون بنظام المياومة، وذلك بما يكفل تحصين العامل، وضمان قدرته على سد احتياجاته واحتياجات أُسرته الأساسية.
ودعا المشاركين الحكومة الفلسطينية بإيجاد بدائل وحلول لمساعدة العمال المتضررين، أبرزها تطبيق قانون العمل ليكون مظلة قانونية، يتحقق من خلالها الحفاظ على حقوق العمال في هذه الظروف القاهرة.
وطالبوا وزارة العمل في غزة بمتابعة التزام الشركات والمؤسسات الخاصة بدفع أجور العمال أثناء الجائحة، مع التأكيد على أهمية توجيه الدعم الحكومي للشركات والمؤسسات المتضررة لتكون قادرة على الايفاء بواجباتها تجاه العاملين فيها.
كما طالبوا الحكومة الفلسطينية بتفعيل مؤسسة الضمان الاجتماعي والبدء الفعلي بإلحاق العاملين في كافة المؤسسات والشركات الخاصة ضمن المستفيدين، لتحقيق الأمان الاجتماعي للعمال.