بيت لحم -معا- أصدر المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية دراسة جديدة بعنوان "هل يمكن لبرلمان منتخب جديد أن يصلح ما فسد في النظام السياسي الفلسطيني في غيابه؟".
وتقترح الورقة على المجلس قائمة بموضوعات وأولويات الإصلاح ذات القدرة على التأثير على مجمل جوانب النظام السياسي. لا تتناول هذه الورقة بشكل مباشر جوانب سياسية مهمة تتعلق بالأوضاع الداخلية مثل تلك التي أدت للانقسام أو تلك المتعلقة بإصلاح منظمة التحرير أو بالعلاقات الإقليمية أو الفلسطينية الإسرائيلية، رغم أهميتها، وتقتصر على تناول الجوانب السياسية ذات العلاقة المباشرة بإصلاح النظام السياسي وعلى الجهد المطلوب من السلطة التشريعية فقط. كذلك، تقتصر هذه الورقة في وصفها للتحديات على عمل السلطة في الضفة الغربية ولا تتعرض للممارسات التي طغت على نظام الحكم في قطاع غزة تحت إدارة حركة حماس وهي ممارسات لا تقل سوءا، بل تزيد، عن تلك السائدة اليوم في الضفة الغربية.
واستهدفت إجراءات السلطة أربعة جوانب ينبغي أن تشكل المحاور الرئيسية للإصلاح: استقلال القضاء، فصل السلطات، الصحافة وحرية التعبير، واستقلالية وتعدد المجتمع المدني ومنظماته الأهلية. جاءت هذه الإجراءات في سياق خلا من الانتخابات العامة منذ عام 2006 مما جعل لها تأثيرات سلبية بالغة الأثر على المؤسسات العامة ونظام الحكم: فقد تم إلغاء المساءلة والمراقبة على عمل الرئيس والحكومة، وأُضعفت السلطة القضائية وهُدد استقلالها، وتم تقييد حرية الصحافة، وفقد المجتمع المدني الكثير من استقلاليته عن السلطات التنفيذية. لم يكن أداء حكومة حماس في قطاع غزة أفضل، فقد كانت أكثر استبدادا وسلطوية ولم تعبأ كثيراً بمبادئ أو أنظمة الحكم الدستورية أو حتى بحكم القانون عاكسة بذلك قيماً سياسية أكثر استبداداً وتسلطاً لدى نخبتها السياسية.
فهل يمكن للانتخابات أن تصلح كل أو بعض ما فسد في نظامنا السياسي؟ عند النظر في محاور الإصلاح الأربعة سيواجه المجلس التشريعي القادم تحديات وعقبات ستجعل منه إن لم يواجهها بسرعة وشجاعة برلمانا صوريا لا أثر له. يعود السبب في ذلك لكون هذه التحديات شاملة لكافة جوانب النظام السياسي وأولها الفصل بين السلطات ومكانة السلطة التشريعية في هذا النظام إضافة للقيود على المجتمع المدني وتقييد الحريات.
وفيما يلي تفاصيل الورقة السياساتية النقدية:
أربعة محاور للإصلاح السياسي
أصدر الرئيس عباس في منتصف كانون ثاني (يناير) 2021 مرسوما رئاسيا بإجراء انتخابات تشريعية في 22 أيار (مايو). ليس من المؤكد أن الانتخابات التشريعية ستجري قريباً. وحيث أن الهدف المعلن لإجرائها هو "توحيد الصف" فقد يكون من المؤكد أن الهدف الرئيسي من إجرائها ليس إصلاح النظام السياسي الفلسطيني. رغم ذلك، فإن من الضروري البحث في مغزى وجود مجلس تشريعي فلسطيني منتخب بالنسبة لفرص إصلاح النظام السياسي الراهن، حتى لو لم تجر هذه الانتخابات قريبا. ففي اللحظة التي سيولد فيها برلمان فلسطيني حقيقي لن يكون من الممكن للنظام السياسي الراهن الاستمرار في حالة الانحدار نحو السلطوية التي نشهدها اليوم.
تهدف هذه الورقة لطرح المحاور الرئيسية التي ينبغي لهذا المجلس أن يضعها في جدول أعماله منذ اليوم الأول لتشكيله إن أراد للبرلمان الفلسطيني أن يكون مؤسسة عامة قوية قادرة على تمثيل الجمهور الذي انتخبها والقيام بعملية الإصلاح. تهدف الورقة أيضا لتحديد العقبات التي ينبغي للمجلس أخذها بعين الاعتبار عند تقدير المعيقات التي ينبغي له تخطيها إن أراد النجاح في مهمته. بناء على كل ذلك تقترح الورقة على المجلس قائمة بموضوعات وأولويات الإصلاح ذات القدرة على التأثير على مجمل جوانب النظام السياسي. لا تتناول هذه الورقة بشكل مباشر جوانب سياسية مهمة تتعلق بالأوضاع الداخلية مثل تلك التي أدت للانقسام أو تلك المتعلقة بإصلاح منظمة التحرير أو بالعلاقات الإقليمية أو الفلسطينية الإسرائيلية، رغم أهميتها، وتقتصر على تناول الجوانب السياسية ذات العلاقة المباشرة بإصلاح النظام السياسي وعلى الجهد المطلوب من السلطة التشريعية فقط. كذلك، تقتصر هذه الورقة في وصفها للتحديات على عمل السلطة في الضفة الغربية ولا تتعرض للممارسات التي طغت على نظام الحكم في قطاع غزة تحت إدارة حركة حماس وهي ممارسات لا تقل سوءا، بل تزيد، عن تلك السائدة اليوم في الضفة الغربية.
التحديات: علامات ودلائل الاستبداد في النظام السياسي الفلسطيني، 2007-2021
قامت السلطة الفلسطينية خلال سنوات الانقسام باتخاذ مجموعة من الإجراءات التي أضرت بشدة بطبيعة نظام الحكم الذي كان القانون الأساسي ومجموعة أخرى من القوانين الرئيسية قد أرسته في فلسطين. استهدفت إجراءات السلطة أربعة جوانب ينبغي أن تشكل المحاور الرئيسية للإصلاح: استقلال القضاء، فصل السلطات، الصحافة وحرية التعبير، واستقلالية وتعدد المجتمع المدني ومنظماته الأهلية. جاءت هذه الإجراءات في سياق خلا من الانتخابات العامة منذ عام 2006 مما جعل لها تأثيرات سلبية بالغة الأثر على المؤسسات العامة ونظام الحكم: فقد تم إلغاء المساءلة والمراقبة على عمل الرئيس والحكومة، وأُضعفت السلطة القضائية وهُدد استقلالها، وتم تقييد حرية الصحافة، وفقد المجتمع المدني الكثير من استقلاليته عن السلطات التنفيذية. لم يكن أداء حكومة حماس في قطاع غزة أفضل، فقد كانت أكثر استبدادا وسلطوية ولم تعبأ كثيراً بمبادئ أو أنظمة الحكم الدستورية أو حتى بحكم القانون عاكسة بذلك قيماً سياسية أكثر استبداداً وتسلطاً لدى نخبتها السياسية.
فهل يمكن للانتخابات أن تصلح كل أو بعض ما فسد في نظامنا السياسي؟ عند النظر في محاور الإصلاح الأربعة سيواجه المجلس التشريعي القادم تحديات وعقبات ستجعل منه إن لم يواجهها بسرعة وشجاعة برلمانا صوريا لا أثر له. يعود السبب في ذلك لكون هذه التحديات شاملة لكافة جوانب النظام السياسي وأولها الفصل بين السلطات ومكانة السلطة التشريعية في هذا النظام إضافة للقيود على المجتمع المدني وتقييد الحريات.
إلغاء وظائف المجلس التشريعي والاستحواذ عليها: كان من أكثر الإجراءات ضرراً بالنظام السياسي الفلسطيني بعد الانقسام إيقاف عمل المجلس التشريعي في الضفة الغربية، وكان الدليل الأكبر على استبداد النظام السياسي قرار صدر عن الطرف الذي خسر الانتخابات، أي حركة فتح، بحل المجلس التشريعي المنتخب. كانت النتيجة الحتمية لوقف عمل المجلس تحويل كافة صلاحياته التشريعية والرقابية للسلطة التنفيذية وبالذات لرئيس السلطة. خلال بضعة سنوات أصدر الرئيس عباس عدداً من القرارات بقوانين، وهي في غالبيتها العظمى قوانين عادية غير مستعجلة ولا طارئة، يفوق عددها بكثير عدد القوانين التي كان المجلس التشريعي قد أصدرها طيلة فترة عمله منذ عام 1996 وحتى وقفه عن العمل في 2007 بقرار من القيادة الفلسطينية. بدون مجلس تشريعي لم يعد هناك مساءلة أو محاسبة للسلطة التنفيذية، باستثناء تلك التي مارسها القضاء والصحافة والمجتمع المدني بين حين وآخر قبل أن تطالها هي أيضا يد السلطوية. وفي غياب مجلس تشريعي قادر على الدفاع عن نفسه أعطى رئيس السلطة التنفيذية نفسه الحق في نزع حصانة أعضاء المجلس التشريعي، وإيقاف رواتبهم، وتقديمهم للمحاكمة، وإغلاق مكاتبهم، وانتهى الأمر به بحل المجلس تماماً في كانون أول (ديسمبر) 2018 مستخدماً في ذلك جهازا قام بتشكيله لهذه الغاية وهو المحكمة الدستورية[1].
سيكون على المجلس التشريعي، إن عاد إلى الحياة، أن يقبل أو يرفض كافة هذه الإجراءات، وأن يحدد أولويته الرئيسية في تقوية وتحصين النصوص التشريعية اللازمة لحسم كافة القضايا التي أثارت السلطة التنفيذية الشكوك حولها بما في ذلك تلك التي تسمح للرئيس بإصدار التشريعات غير الطارئة أثناء غياب المجلس، أو تلك التي سمحت للرئيس والمؤسسات التي عينها، كالمحكمة الدستورية، بارتكاب مخالفات دستورية جسيمة.
إضعاف القضاء: شكلت الرغبة في الحفاظ على أمن النظام الحاكم في الضفة الغربية بعد انقلاب حركة حماس على رئيس السلطة المنتخب القوة الدافعة الأولى لإضعاف القضاء. أرادت السلطة الحاكمة في الضفة الغربية تدمير أو إضعاف البنية التحتية العسكرية والمالية والدينية والسياسية لحركة حماس في الضفة الغربية وذلك لخوفها من قيام هذه الحركة بانقلاب على سلطة الرئيس عباس في الضفة الغربية مشابها لما قامت به في قطاع غزة. أدى ذلك لحملة منظمة ضد هذه البنية التحتية بدون التزام بقانون أو قرار محكمة. تجاهلت الحكومة والأجهزة الأمنية الغالبية العظمى من قرارات المحاكم التي حاولت تقييد إجراءات السلطة العقابية ضد حركة حماس في الضفة الغربية بالرغم من أن القانون الأساسي يعتبر رفض تنفيذ قرارات المحاكم جريمة يعاقب عليها بالحبس والفصل. بل لقد وصل الحد بالسلطة التنفيذية لتشكيل محاكم عسكرية لمحاكمة مدنيين، كما حدث بين عامي 2008-2009.
لكن عملية إضعاف القضاء اكتسبت زخماً في عام 2016 على خلفية الصراع داخل فتح ورغبة الرئيس عباس في إضعاف دحلان من خلال محاكمته. لكن هذا الإجراء تطلب رفع الحصانة عن دحلان بسبب عضويته في المجلس التشريعي. رفض القضاء رفع الحصانة أو تقديم دحلان للمحكمة لما في ذلك من مخالفة صريحة للقانون مما دفع بالرئيس لتغيير مجلس القضاء الأعلى واستبداله بآخر مخالفاً بذلك النص الصريح للقانون الأساسي. لم يكتف الرئيس بذلك، بل قام بتعديل قانون المحكمة الدستورية في نهاية عام 2016 معطيا لنفسه صلاحيات واسعة في تعيين أعضائها وجعل نفسه مرجعية لها،[2] ثم قام بتشكل هذه المحكمة التي أعطته على الفور الصلاحية في نزع الحصانة البرلمانية، وهو ما أراده بخصوص دحلان. وقبل نهاية ذلك العام قام الرئيس بنزع الحصانة عن أربعة برلمانيين آخرين ممن اعتقد بولائهم لدحلان. ورغم فشل محاولة السلطة التنفيذية في منتصف عام 2017 لتعديل قانون القضاء بشكل يضمن لها السيطرة الفعلية عليه، فإن الرئيس قام في 2019 بحل مجلس القضاء الأعلى وتعيين مجلس قضاء انتقالي جديد في مخالفة صريحة لذلك القانون وللقانون الأساسي، وتبعه في مطلع عام 2021 إجراء تعديلات على قانون القضاء سمحت بتعزيز سيطرة السلطة التنفيذية من خلال سيطرتها على تعيين رئيس المحكمة العليا / رئيس مجلس القضاء الأعلى وسمحت بعزل القضاة وإحالتهم على التقاعد مما أضر بشكل فاضح بمبدأ فصل السلطات وجعل من القضاء ذراعاً آخر من أذرع السلطة التنفيذية[3].
إن سيطرة السلطة التنفيذية على عمل السلطة القضائية كفيل بإحباط أي محاولة من السلطة التشريعية لإصلاح النظام السياسي. لذلك، ينبغي أنه يكون من أولويات المجلس المنتخب رفض كافة التعديلات التي أدخلها الرئيس على قانون السلطة القضائية وإرجاع الاستقلالية للقضاء. كما سيكون عليه إلغاء التعديلات التي أدخلها الرئيس على قانون المحكمة الدستورية والعمل مع السلطة التنفيذية والقضائية على ضمان استقلالية هذه المحكمة وإبطال أي مرجعية لها سوى القانون الأساسي وإعادة تشكيلها من رجال وأساتذة قانون مشهود لهم بالاستقامة والكفاءة.
استهداف المجتمع المدني:
بعد الموجة الأولى من الجهود لتدمير البنية التحتية لحركة حماس بين الأعوام 2007-2009، التي استهدفت مؤسسات المجتمع المدني التابع لها، بدأت في منتصف عام 2015 الحملة ضد المجتمع المدني الفلسطيني الأوسع وذلك عندما قامت السلطة الفلسطينية بمصادرة أموال تعود لمؤسسة غير ربحية ترأسها سلام فياض بعد انتهاء عمله كرئيس للوزراء. تبع ذلك تعديل على النظام المتعلق بعمل كافة هذه المؤسسات غير الربحية (المسماة حسب القانون "شركات غير ربحية" لتمييزها عن الجمعيات الخيرية) أجبرتهم فيها على الحصول على إذن مكتوب مسبق من مجلس الوزراء قبل القيام بأي نشاطات مجتمعية وقبل الحصول على أموال من أي جهة كانت محلية أو أجنبية. أي أنه بجرة قلم قامت السلطة التنفيذية بالسيطرة على أعمال كافة هذه المؤسسات التي بلغ عددها آنذاك حولي 300 مؤسسة وصادرت حقها في العمل بدون موافقة من السلطة التنفيذية. إن المغزى الأكبر لهذا الإجراء تمثل في إعطاء هذه السلطة حقاً لم يعطه لها القانون الأساسي ولا قانون الشركات ولا قانون الجمعيات الخيرية. بدلاً من أن تكون هذه المؤسسات مدافعة عن مصالح المجتمع المدني الذي جاءت منه، أرادت الحكومة والقيادة الفلسطينية جعلها تابعة لها من خلال السيطرة على نشاطاتها وأموالها. أما المغزى الثاني لهذا الإجراء فتمثل في إجبار هذه المؤسسات على العمل بما تسمح به الحكومة فقط وذلك من خلال إصدار الأوامر للبنوك بعدم إدخال أي أموال لحسابات هذه المؤسسات ما لم تحصل على إذن مسبق من مجلس الوزراء.
إن النتيجة الحتمية لهذا الإجراء كانت تدمير التعددية في المجتمع المدني وجعل غالبية المؤسسات التي اضطرت للرضوخ لتعليمات الحكومة أبواقاً لها مما دمر استقلاليتها فلم تعد قادرة على تمثيل الجمهور الذي جاءت لحمايته ومساندته. عارضت كافة مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان بالذات هذه الإجراءات واعتبرتها مخالفة للقانون ورأت فيها محاولة من الحكومة للسيطرة على العمل الأهلي وتقييد المساحة المتاحة للمجتمع المدني.[4]
يشكل المجتمع المدني رديفاً هاماً لعمل السلطة التشريعية الرقابي، وفي إضعافه إضعاف لهذه السلطة. وقد شكل في مرحلة من مراحل غياب هذه السلطة مصدراً هاماً للمساءلة قبل إخضاعه لهيمنة السلطة التنفيذية. سيكون من أولويات المجلس التشريعي الجديد إلغاء كافة القرارات التي اتخذتها الحكومات الفلسطينية المتعاقبة لتقييد عمل المجتمع المدني، لما في تلك القرارات من تعد صارخ على دور واختصاص هذا المجلس بالتشريع، وإلزام الحكومة بإصدار تعليمات وأنظمة متوائمة مع نص وروح التشريعات وغير متعارضة معها كما هي الحال في قرار الحكومة المعدل لنظام عمل الشركات غير الربحية الصادر في تموز (يوليو) 2015.
انتهاك الحريات:
في السنوات التالية لاستيلاء حركة حماس على قطاع غزة تم اعتقال العديد من الصحفيين في الضفة الغربية (وكذلك الحال في قطاع غزة بالطبع) وذلك لقيامهم بالتعبير عن مواقفهم. لكن التطور الأبرز في إسكات أصوات المعارضة جاء في منتصف عام 2017 عند صدور القرار بقانون المتعلق بالجرائم الالكترونية، ترتب على صدور هذا القانون حالات من توقيف وملاحقة الصحفيين والنشطاء وحتى المواطنين العاديين على خلفية التعبير عن الرأي الصحفي أو العمل الصحفي. ورغم استجابة الحكومة الفلسطينية للاعتراضات الواسعة التي سجلها المجتمع المدني ضد هذا القانون من خلال إصدار قانون جديد في عام 2018، فإن هذه التعديلات التي تم إدخالها لم تغلق الباب أمام "تجريم" الأفعال والكتابات المنضوية تحت مظلة حرية الرأي والتعبير"[5]، واستمر القانون في استخدام مصطلحات فضفاضة مثل تلك المستخدمة في المادة 39: "الأمن القومي أو النظام العام أو الإدارة العامة" وذلك في معرض السماح بحجب مواقع الكترونية. وتطبيقاً لهذه المادة قامت السلطة الفلسطينية في تشرين أول (أكتوبر) 2019 بحجب 59 موقعاً الكترونياً، وسبق ذلك حجب 30 موقعاً في عام 2017.
ينبغي أن يسعى المجلس الجديد لضمان الحريات العامة للمعارضة وللصحفيين والمواطنين العاديين من خلال إجراء التعديلات اللازمة على قانون الجرائم الالكترونية لعام 2018 بإزالة المصطلحات الفضفاضة وتقييد صلاحيات السلطة التنفيذية في حجب المواقع الالكترونية، وضمان خصوصية مستخدمي الإنترنت ووسائل الاتصال الالكتروني.
معيقات الإصلاح: مصادر وروافد السلطوية في النظام السياسي الفلسطيني:
قبل الانطلاق في أي جهد إصلاحي يتناول المحاور الأربعة السابقة، ينبغي على المجلس المنتخب أن يسأل نفسه عن الأسباب التي أوصلتنا للحالة الراهنة من الانحدار نحو السلطوية. كيف تمكنت السلطة الفلسطينية في نصف عمرها الثاني من هدم الكثير مما بنته في نصف عمرها الأول. بدون فهم لهذه الأسباب لن يتمكن المجلس التشريعي من تقدير المعيقات لعمله التي ستضع العراقيل أمامه منذ اليوم الأول لوجوده عندما سيكون عليه أن يقرر هل سيحترم القانون الأساسي وينفذ ما جاء فيه أم سيلقي به جانبا كما فعلت السلطة التنفيذية منذ عام 2007 متذرعة بحجج عدة كان أولها الانقسام. رغم وضوح بعض الظروف والأسباب وراء الفشل الفلسطيني المدوي في احترام إرث من سبقونا، فإن هناك حاجة لمزيد من الإيضاح. هذه قائمة بأربعة مصادر وروافد ساهمت مجتمعة وعلى حدة في الوصول بنا لما نحن عليه الآن.
الانقسام السياسي: ابتدأ الانحدار نحو السلطوية في منتصف عام 2007 كردة فعل على استخدام حركة حماس للقوة المسلحة في قطاع غزة ضد القوات التابعة للرئيس محمود عباس. أدى هذا "الانقلاب المسلح" ضد رئيس السلطة الفلسطينية، والقرارات التي اتخذها الرئيس عباس فوراً بعد ذلك، إلى الانقسام الفلسطيني السياسي الذي أضاف المزيد من المعاناة للفصل الجغرافي القائم بين منطقتي الضفة الغربية وقطاع غزة. رداً على انقلاب حماس على سلطته أقال الرئيس عباس حكومة الوحدة الوطنية، التي ترأسها آنذاك إسماعيل هنية، وشكل حكومة جديدة برئاسة سلام فياض اقتصر نطاق سلطتها بشكل رئيسي على الضفة الغربية، فيما مارست حكومة هنية المقالة السلطة في قطاع غزة. كما قام الرئيس بمنع انعقاد جلسات المجلس التشريعي في الضفة الغربية مما ألغى كافة أدواره، وخاصة دوره التشريعي ودوره في منح الثقة بالحكومة أو سحبها منها. بالتالي لم تحصل حكومة فياض على ثقة المجلس التشريعي كما يتطلب القانون الأساسي، مما أعطى الحكومة المقالة، على الأقل شكلياً، التبرير القانوني لبقائها في وظيفتها خلال الفترة ما بين 2007 و2014 عندما استقالت الحكومة المقالة بعد تشكيل حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله. ولعب الفشل في تحقيق المصالحة دوراً بارزاً في تقويض مكانة المجلس التشريعي دافعاً في نهاية 2018 المجلس الثوري لحركة فتح (الحركة التي خسرت الانتخابات البرلمانية الأخيرة في عام 2006) لمطالبة المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية (وهو جسم غير منتخب من الشعب) بحل البرلمان الفلسطيني المنتخب، في سابقة أظهرت هشاشة النفس الديمقراطي لدى تلك الحركة ومدى الدمار الذي أحدثه الانقسام على منظومة القيم السياسية الفلسطينية.
الصراع بين قيادات فتح: لكن الانحدار نحو السلطوية تعزز خلال السنوات القليلة الماضية من مصدر مختلف تماما هو صراع القوى الداخلي في حركة فتح، وخاصة بين الرئيس عباس وعضو المجلس التشريعي وأحد قادة فتح الرئيسيين محمد دحلان، الرئيس السابق للأمن الوقائي في قطاع غزة. أدى هذا الصراع بين الأعوام 2011 و2014 بأوامر من الرئيس عباس، إلى طرد دحلان من عضويته في اللجنة المركزية لحركة فتح وإلى طرد مجموعة من مؤيديه الكبار من الحركة وخاصة من بين مؤيديه في قطاع غزة. شهدت الفترة ما بين 2015 و2019 امتداد تأثيرات هذا الصراع الفتحاوي الداخلي إلى النظام السياسي الفلسطيني بأكمله، مخلفة نتائج سلبية كثيرة: ساد الخوف بين أعضاء المجلس التشريعي وتراجعت قدرتهم على انتقاد السلطة التنفيذية، وتم إضعاف القضاء وتهديد استقلاليته، وتراجع دور المجتمع المدني وأجبر على العمل حسب القواعد التي أرادتها السلطة التنفيذية، ووضعت القيود على عمل وسائل الإعلام وفرضت عليها الرقابة الذاتية، بل ووضعت القيود على حرية التعبير الفردية في وسائل التواصل الاجتماعي من خلال قانون يتعلق بالجرائم الإلكترونية. بسبب كل ذلك، وفي ظل قلة اهتمام من المجتمع الدولي، وانشغال شعبي بالبحث عن حياة معيشية أفضل أو بمقارعة الاحتلال، أصبحت السلطة الفلسطينية أكثر جرأة في تجاهل قانونها الأساسي وحكم القانون وأكثر صراحة في تعزيز سلطات مؤسسة الرئاسة والسلطة التنفيذية ككل وإضعاف كل معارضة لهما بما في ذلك معارضة المجتمع المدني.
طبيعة النخبة الفلسطينية الحاكمة: جاء الرافد الثالث للانحدار نحو السلطوية من النخبة السياسية الفلسطينية وخاصة تلك التي عملت في الجهاز التنفيذي. ليس هناك شك أن الكثير من أعضاء النخبة هؤلاء ليسوا ديمقراطيون، بل إن بعضهم معادون للديمقراطية. إن إحدى أهم أسباب فشل عملية التحول الديمقراطي في فلسطين يعود لحقيقة أن عدداً ضئيلاً فقط من النخب السياسية ديمقراطيون. بدون كوابح ذاتية كالتي نجدها بين النخب الديمقراطية، فإن كبار المسؤولين في الجهاز التنفيذي، من الرئيس ورؤساء الوزراء والوزراء ومن عمل في خدمتهم، وجدوا أنفسهم بدون رقابة ذات مغزى. وجد أعضاء هذه النخبة في مؤسسة الرئاسة ومجالس الوزراء أنه يمكنهم العمل كيفما شاءوا بدون قيود كهذه، بل كان من الأسهل العمل أحياناً بدون إزعاج من المحاكم أو المجتمع المدني أو وسائل الإعلام.
إن مما يجعل عمل هذه النخبة سهلاً هو غياب معارضة سياسية فعالة من داخل أو خارج حركة فتح. إن استبدال رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض برئيس الوزراء رامي الحمد الله في عام 2013 قد ساهم في الدفع نحو المزيد من السلطوية، حيث أن المعارضة السياسية لفياض، وخاصة داخل فتح، قيدت قدرة حكومته على العمل بدون رقابة. كما أن فياض والعديد من وزرائه قد شكلوا حاجزاً ساهم في إبطاء الاندفاع نحو الاستبداد. أما في حالة الحمد الله، فبالإضافة لغياب التقاليد والقيم الديمقراطية، فإن السير بدون نقاش مع رغبات الرئيس والأجهزة الأمنية قد أزال معارضة حركة فتح وفتح الباب بشكل أوسع نحو كرة متدحرجة تضعف سلطات القانون ووسائل الإعلام والمجتمع المدني وتدفع نحو إعادة صياغة النظام السياسي برمته. بدلاً من الوقوف بوجهها وحرفها عن مسارها، أخلت النخبة السياسية الفتحاوية، ليس فقط في اللجنة المركزية لحركة فتح بل أيضاً في مجلسها الثوري، الطريق أمام هذه الكرة المتدحرجة. كما أن كافة القوى السياسية، من داخل وخارج إطار منظمة التحرير الفلسطينية، قد فشلت في التصدي لهذا الانحدار نحو السلطوية وأزاحت المسؤولية عن نفسها متذرعة مرة بالانقسام ومرات أخرى بالانشغال بمواجهة الاحتلال. إن هذا السلوك أظهر بوضوح كم كانت جوفاء وزائفة تلك الدعوة للديمقراطية التي تغنت بها حركة فتح وغيرها من الحركات الوطنية والإسلامية الفلسطينية. هذا لا يعني أن هذه الحركات هي في أصلها مناهضة للديمقراطية، لكنه يعني أن قياداتها ونخبتها السياسية، بعكس قاعدتها الشعبية، تستمرئ وتستسهل السلطوية في غياب المساءلة والحساب.
سكوت ورضا المجتمع الدولي: شكل المجتمع الدولي في سنوات السلطة العشرة الأولى كابحاً للنزعة السلطوية لدى الحرس القديم بين أطراف النخبة السياسية الفلسطينية. لكن المجتمع الدولي يبدو اليوم أقل اهتماماً بهذا الدور متذرعاً بالعديد من التخوفات مثل صعود الإسلاميين للحكم، والصراعات الداخلية والإرهاب والطائفية والكثير منها من موروثات الربيع العربي. يجد المجتمع الدولي نفسه اليوم يبحث عن الاستقرار في عالم متغير ويستبدل بالتالي أجندته التقليدية الداعية للديمقراطية والحكم الصالح. إضافة لذلك، وبالنظر لفشل المجتمع الدولي في تبني مواقف وإجراءات عملية وفعالة ضد السياسة الاستيطانية الإسرائيلية فإن العديد من الدول الأوروبية تبدو مترددة في الضغط على السلطة الفلسطينية في شؤونها الداخلية في الوقت الذي تظهر هذه السلطة التزاماً بحل الدولتين. كذلك، فإن قيام المجتمع الدولي خلال السنوات السبعة الماضية بتخفيض دعمه المالي للسلطة إلى النصف تقريباً أضعف من قدرته على ممارسة الضغط على هذه السلطة. ليس من المفاجئ إذاً أن نرى أن فقدان المجتمع الدولي لقدرته على الضغط على السلطة قد تبعه على الفور إهمال لمستقبل الحكم الصالح في فلسطين. لم يعد حكم القانون والاستقامة والحكم النظيف قضايا ذات أولوية لأي من المانحين الدوليين. في ظل اهتمام ضئيل أو حتى بدون اهتمام من المجتمع الدولي، أصبحت السلطة الفلسطينية أكثر جسارة في تجاهل قانونها الأساسي ومبدأ حكم القانون فيما عملت على تعزيز قوة وصلاحيات الرئاسة والجهاز التنفيذي ككل وعلى إضعاف المعارضة.
الخلاصة:
ابتدأت هذه الورقة بالتشكيك بإمكانية إجراء انتخابات تشريعية فلسطينية قريباً، لكن ذلك لم يمنعها من البحث في الطرق التي يمكن لانتخابات كهذه، إن حصلت، أن تُستثمر لما فيه مصلحة المجتمع الفلسطيني، وخاصة في مجال الإصلاح السياسي. رغم ذلك، فإن الاستعراض السابق لعلامات ودلائل الاستبداد في النظام الفلسطيني الراهن ولمعيقات الإصلاح الأربع تقوي الشكوك حول وجود نوايا جادة لدى القيادة الفلسطينية والأحزاب السياسية الرئيسية لإجراء الانتخابات.
ليتمكن النظام السياسي الفلسطيني من الخروج من حالة الانحدار نحو السلطوية الراهنة وليتمكن من الوقوف على قدميه والبدء بتحول جاد نحو الحكم الصالح سيكون مطلوباً من كافة مؤسساته العمل سوية وبتناغم للوصول لذلك الهدف، بما في ذلك السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام. اقتصر النقاش في هذه الورقة على دور المجلس التشريعي بعد انتخابه وذلك لأن هذا المجلس هو المعبر عن تطلعات الشعب الفلسطيني ومجتمعه المدني في بناء نظام سياسي تسوده المساءلة وحكم القانون.
اكتشف الفلسطينيون خلال سنوات الانقسام أن قادتهم وأحزابهم لا يختلفون بشيء عن شعوب وقادة وأحزاب جيرانهم العرب رغم التجربة الفلسطينية الفريدة تحت الاحتلال وفي المنفى. بل اكتشفوا أنهم أيضاً هم أنفسهم لا يختلفون عن بقية الشعوب العربية التي رضخت للقهر والاستبداد لعقود طويلة قبل انطلاق الربيع العربي في عام 2011. فمثلاً، أظهر استطلاع الباروميتر العربي الأخير في فلسطين، الذي أُجري في نهاية عام 2018 أن ثلث الجمهور الفلسطيني فقط يثق بحكومته، وأن الأغلبية لا تعتقد بوجود ضمانات لديهم بحرية التعبير، وقال 83% منهم أن الفساد منتشر في مؤسساتهم العامة. ورغم أن الغالبية العظمى منهم اعتبرت أن الديمقراطية رغم مشاكلها هي النظام الأفضل، فإن حوالي ثلاثة أرباع الجمهور الفلسطيني وصفت أوضاع الديمقراطية في السلطة الفلسطينية بأنها سيئة أو سيئة جداً. بالرغم من ذلك فإن نسبة لا تزيد عن الثلث قالت إنها تشارك في نشاطات مختلفة تعبيراً عن معارضة السلطوية في فلسطين.[6]
لكن إجراء انتخابات تشريعية (ورئاسية لاحقاً) قد يعطي الجمهور الفلسطيني القدرة على إحداث التغيير الذي طالما رغب به، وذلك من خلال المشاركة الواسعة في هذه الانتخابات. إن حصول المجلس المنتخب على التفويض الشعبي لإجراء الإصلاح سيشكل أرضية مناسبة تتيح للمجلس التشريعي العمل على المحاور الأربعة التي غطتها هذه الورقة. ليعزز فرص نجاحه في القيام بذلك يمتلك المجلس التشريعي ثلاث آليات فعالة: تعديل القانون الأساسي، رفض قرارات بقوانين، وإجبار الحكومة على إلغاء أو تعديل قرارات وأنظمة وضعتها حكومات سابقة:
القانون الأساسي: سيكون الأصعب على المجلس المنتخب إجراء التعديلات اللازمة على القانون الأساسي، إذ ليس من المؤكد أن يتمكن من الحصول على الأغلبية المطلوبة للقيام بهذه التعديلات. مع ذلك ينبغي للمجلس البحث بجدية في سبل تحويل النظام السياسي الفلسطيني لنظام برلماني كامل، او على الأقل إجراء المزيد من التقليص على صلاحيات الرئيس بحيث يتم إزالة الغموض في صلاحيات السلطة التنفيذية في إصدار التشريعات أثناء غياب المجلس التشريعي، ووضع ضمانات إضافية لحماية الحصانة البرلمانية لأعضائه. كما أن على المجلس من خلال هذه التعديلات إعطاء المزيد من التأكيدات على منع أي رئيس مقبل من إجراء تعيينات في المناصب العليا بدون مصادقة برلمانية، ومنع التعدي على صلاحيات السلطة القضائية، ومنع انتهاك الحريات، ومنع تقييد المساحة المخصصة للمجتمع المدني. وفوق كل ذلك، ينبغي للتعديلات التأكيد على عدم مشروعية أية حكومة فلسطينية لا تحصل على الثقة اللازمة منه، واعتبار كل حكومة لا تحصل على هذه الثقة باطلة.
رفض قرارات بقوانين: سيكون على المجلس أن يرفض في أول جلسة له كافة القرارات بقوانين التي سببت ضرراً جسيماً لمبدأ فصل السلطات او خرقت بنود القانون الأساسي بما في ذلك تلك المتعلقة بالقضاء والمحكمة الدستورية والجرائم الالكترونية وغيرها.
رفض القرارات والأنظمة الحكومية غير القانونية: على المجلس رفض كافة القرارات والأنظمة التي وضعتها الحكومات الفلسطينية منذ وقف عمل المجلس التشريعي وخاصة تلك التي شكلت تعدياً على صلاحيات المجلس التشريعية مثل التعديل الذي ادخلته الحكومة في عام 2015 على نظام عمل الشركات غير الربحية.
أوراق سياساتية نقدية
هذه الورقة هي الأولى ضمن الأوراق السياساتية النقدية التي يصدرها المركز للعام 2021. تتناول هذه الأوراق قضايا سياساتية داخلية وخارجية تهم المجتمع الفلسطيني وصانع القرار.
المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية
مؤسسة أكاديمية علمية بحثية مستقلة غير ربحية وغير حكومية. تأسس المركز في مطلع عام 2000 كمركز مستقل للبحوث الأكاديمية ودراسات السياسات العامة. يهدف المركز إلى تطوير المعرفة الفلسطينية وتقويتها في مجالات ثلاث: السياسات الفلسطينية الداخلية؛ والتحليل الاستراتيجي والسياسة الخارجية؛ والبحوث المسحية واستطلاعات الرأي العام. يقوم المركز بالعديد من النشاطات البحثية، منها إعداد الدراسات والأبحاث الأكاديمية ذات العلاقة بالسياسات الفلسطينية الراهنة، وإجراء بحوث مسحية حول المواقف السياسية والاجتماعية للمجتمع الفلسطيني، وتشكيل مجموعات عمل لدراسة قضايا ومشاكل تواجه المجتمع الفلسطيني وصانع القرار ووضع حلول لها، وعقد المؤتمرات والمحاضرات والموجزات المتعلقة بشؤون الساعة، ونشاطات أخرى. يلتزم المركز الفلسطيني للبحوث بالموضوعية والنـزاهة العلمية ويعمل على تشجيع تفهم أفضل للواقع الفلسطيني الداخلي وللبيئة الدولية وبلورته في أجواء من حرية التعبير وتبادل الآراء.
يتم القيام بالنشاطات والأبحاث في المركز من خلال وحدات ثلاثة: وحدة السياسة الداخلية، وحدة التحليل الاستراتيجي، ووحدة البحث المسحي. تقوم هذه الوحدات بممارسة أربعة أنواع من النشاطات: كتابة البحوث والتحليلات السياسية، وإجراء البحوث المسحية التجريبية واستطلاعات الرأي العام، وتشكيل فرق الخبراء ومجموعات العمل، وعقد وتنظيم المؤتمرات واللقاءات. تقوم هذه الوحدات بالتركيز على المستجدات في الساحة الفلسطينية وعلى الموضوعات السياسية ذات الأهمية الخاصة والتي تحتاج إلى البحث العلمي والأكاديمي.
خليل الشقاقي هو أستاذ العلوم السياسية ومدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله، فلسطين. منذ عام 2005 عمل زميلاً رئيسياً في مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط في جامعة براندايس في الولايات المتحدة. أنهى دراسة الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة كولومبيا في نيويورك في عام 1985 وعلّم في عدة جامعات فلسطينية وأمريكية. عمل بين الأعوام 1996-1999 عميداً للبحث العلمي في جامعة النجاح الوطنية في نابلس. أمضى صيف 2002 زميلاً زائراً في معهد بروكنجز في العاصمة واشنطن. أشرف د. الشقاقي عل عمل أكثر من 200 استطلاع للرأي العام الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وعلى العشرات من استطلاعات الرأي المشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ترأس في الفترة ما بين 1998-1999 مع د. يزيد صايغ فريقاً من 25 خبيراً فلسطينياً في شؤون بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية. وقد تم نشر النتائج في تقرير أصدره مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك تحت اسم "تقوية مؤسسات السلطة الفلسطينية" وذلك في عام 1999. تشتمل اهتمامات البحث للدكتور الشقاقي على قضايا عملية السلام وعملية بناء الدولة والرأي العام والتحول نحو الديمقراطية وأثر التطورات الفلسطينية الداخلية على عملية السلام. وهو الكاتب المشارك لتقرير "مقياس الديمقراطية العربي" وعضو لجنة الإشراف على "الباروميتر العربي".