رام الله- خاص معا- في الوقت الذي تتبنى فيه بلدان مثل فرنسا والمملكة المتحدة والسعودية معايير التغليف الموحد على السجائر التقليدية، إلا أنها استثنت عبوات منتجات التبغ المسخن من هذه التدابير الصارمة باعتبارها منتجات منخفضة الضرر بشكل كبير، وقد تساهم في الحد من أضرار التدخين للأشخاص البالغين ممن اختاروا الاستمرار بالتدخين.
وفي المقابل، يبدو أن التوجه في السوق الفلسطيني للفترة المقبلة هو باتجاه فرض معايير التغليف الموحد على عبوات منتجات التبغ كافة بما فيها عبوات لفائف التبغ المُسخن.
"معا" ولتسليط الضوء على هذه التدابير الصارمة الجديدة والاشكاليات المتعلقة بها، التقت حصريا بالخبير الدولي والمختص بشؤون الصحة العامة البروفيسور ديفيد سوينور، وهو واحد من أبرز الداعين لإعلاء شأن الصحة العامة على الصعيد العالمي، فكان هذا الحوار.
التمييز على قاعدة المخاطر
يؤكد البروفيسور ديفيد سوينور، وهو أستاذ مساعد بكلية الحقوق، ورئيس المجلس الاستشاري مركز قانون وسياسة وأخلاقيات الصحة في جامعة أوتاوا، على أن الجهود المبذولة للتعامل مع منتجات النيكوتين بالطريقة ذاتها دون النظر للإختلافات الهائلة في الأضرار، هي إبقاء للوضع الراهن على ما هو عليه وتشجيع لتجارة السجائر التقليدية على حساب تقنيات الإبتكار التي يمكن أن تساهم في إنقاذ أرواح ملايين الأشخاص سنويًا.
وبين سوينور بأن تنظيم منتجات التبغ يجب أن يتناسب مع الأضرار بحيث يكون للمنتجات الأكثر ضرراً التنظيم الأكثر صرامة، كما يجب التفريق بين اللوائح والضرائب على أساس المخاطر النسبية لصالح الإنتقال إلى الأنشطة الأقل ضرراً.
لماذا يجب إستثناء منتجات التبغ المسخن من تدابير التغليف الموحد؟
ومع التوجه لفرض معايير التغليف الموحد لعبوات منتجات التبغ بما فيها لفائف التبغ المُسخن في السوق الفلسطيني خلال الفترة المقبلة، سألنا البروفيسور سوينور عن موقفه -من إستثناء منتجات التبغ المُسخن من تطبيق هذه المعايير، أسوة ببعض البلدان مثل فرنسا، والمملكة المتحدة، والسعودية- فأجاب "من المهم للغاية التمييز بين المنتجات على أساس المخاطر".
وأوضح مقاربته بأن التعامل مع منتجات النيكوتين منخفضة الضرر بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع السجائر هي تماماً وكأنك تتعامل مع الأطعمة النقية بنفس الإجراءات مع الأطعمة الملوثة.
وعن مفهوم الحد من أضرار التبغ وكيف يمكن أن تتناسب مع التدابير الأخرى؛ كالإقلاع والوقاية؟ قال البروفيسور سونيور يبقى الهدف الأساسي للصحة العامة هو تقليل المخاطر. وقد أدى هذا النهج إلى زيادات هائلة في متوسط العمر المتوقع في العالم ونوعية الحياة. وعندما يمكن الحد من المخاطر بشكل كبير وسهل، سيكون تضليل الناس بشأن خياراتهم أمرًا غير إنساني وانتهاكًا لحقوق الإنسان.
علينا وقف جائحة التدخين والإنخراط في جهود الصحة العامة
سألنا البروفيسور سوينور عن وجود آراء متباينة حول منتجات التبغ منخفضة الضرر، وماهية الموقف العلمي حيال اللوائح التفضيلية لهذه المنتجات؟ فأجاب: يدخن الناس من أجل النيكوتين، ولكنهم يموتون من استنشاق الدخان. أهم إجراء يمكننا اتخاذه هو تقليل استنشاق الدخان بأسرع ما يمكن.
وأشار إلى أن العلم واضح، والذين يعارضون ذلك، يساهمون في إستدامة جائحة السجائر التي تتسبب بالأمراض والوفاة. فمن واقع خبرتي، يسعى هؤلاء الأشخاص إما إلى حماية تجارة السجائر بشكل مباشر أو يروجون للإمتناع الأخلاقي فقط بدلاً من الانخراط بشكل عملي في جهود الصحة العامة. بكل الأحوال، النتيجة متشابهة.
وبين بأن تدخين السجائر يقتل ما يقرب من 20 ألف شخص يوميًا على الصعيد العالمي. ومع ذلك، فقد كان معروفًا لعقود عديدة أنه بينما يدخن الناس للحصول على النيكوتين، فإن استنشاق الدخان وليس النيكوتين هو الذي يسبب كارثة الصحة العامة. سنصاب بنفس الأمراض إذا حصل الناس على الكافيين بالتدخين بدلاً من تخمير أوراق الشاي. كذلك فأن تمكين الناس من الحصول على النيكوتين بطرق أقل ضرراً بشكل كبير لا يستبعد التدابير التي تعزز الامتناع التام عن النيكوتين. ولكن هذا يعني أن الناس لا يمرضون ويموتون بأعداد هائلة وبشكل مأساوي في هذه الأثناء.