الجمعة: 15/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

بانتظار مكالمة هاتفية!

نشر بتاريخ: 17/02/2021 ( آخر تحديث: 17/02/2021 الساعة: 18:16 )
بانتظار مكالمة هاتفية!

بقلم: د. صبري صيدم

يخال للبعض أنك أمام قصة عشق فريدة يتمنّع فيها المحبوب عن وصال حبيبته حتى يصبح الأمر الشغل الشاغل للبشرية، وحتى تحتل هذه القضية صفحات الإعلام الاجتماعي، وصدر الصحف وواجهات المواقع.

وما يزيد الأمر إثارة هو تأكيد الأطراف على أن أياً منهما لا يكترث، الأول لتأخر الاتصال، والثاني لتبرير التأخير والتأكيد على أن الاتصال مقبل لا محالة.

ومع هذا وذاك ينطلق محامو الدفاع بالتفسير والتعليل، بينما يسكن الشك صدر الصحافيين الأحرار، فتجود قرائحهم بكل جديد، تارة في توصيف الحال، وتذكير القارئ بطبيعة العلاقة اليوم، وتارة أخرى في محاولة قراءة المشهد وتحليله بعمق أكبر. مكالمة بايدن – نتنياهو المتأخرة، هي موضوع الساعة اليوم، هل اتصل؟ هل يتصل؟ لماذا لم يفعل؟ متى يفعل؟ هل سيتأخر أكثر؟ أم يفعلها اليوم؟ أم هذا الأسبوع؟

قصة باتت نزيلة المنصات الإعلامية كل يوم، ليس بسبب العلاقة التاريخية، بل ربما لحجم الابتذال، الذي قاده ترامب في حب إسرائيل، فأجزل لها العطايا والهدايا والسجايا متناسياً حقوق المظلومين المكلومين، ممن سرقهم بنيامين وأمراؤه المتصارعون على زعامة دولة المحتلين.

وبين هذا وذاك يعود البعض ليشرح لنا طبيعة العلاقة التي تربط أمريكا بإسرائيل، وحاجة الطرفين لبعضهما بعضا، وأن هذه الرابطة الوثقى لن تنفرط، وأن التأخير ما هو إلا نتيجة الآلام والأوجاع، التي تركها ترامب وراءه، بما يجعل الرئيس بايدن يسّخر وقته كله لتنظيف الوضع، وتصحيح السير والمسير، عبر سلسلة من القرارات التنفيذية المستحقة، التي أصدر حتى تاريخه العشرات منها.

المثير في الأمر أن القرارات التنفيذية المذكورة تشمل في ما تشمل وقف العمل بجدار الفصل العنصري، على الحدود ووقف المنع المفروض، على رعايا الدول من دخول أمريكا ووقف الإجراءات اللإنسانية بحق أطفال اللاجئين، والحد من التمييز والتفرقة القائمة بكامل أشكالها، ووقف الانتهاكات اليومية في مجالات البيئة والطاقة والصحة عبر العودة للانضمام للمؤسسات والاتفاقيات ذات العلاقة. سر الإثارة أننا قد سمعنا بالإجراءات الظالمة هنا في فلسطين بمسميات وسيناريوهات مختلفة، وعليه فإن الإثارة أيضاً في الاتصال المنتظر، أن بايدن سيتحدث بعد قراراته التنفيذية مع رئيس الوزراء الذي تمارس دولته الإجراءات ذاتها وإن اختلف المكان والإخراج، فهل يستذكر بايدن بعدما مارس قناعته بوقف العنصرية، حقوق الغير ومعاناتهم في مكالمته مع نتنياهو؟

إن الأمر التنفيذي الأهم عالمياً وإن كان الكثيرون لا يعولون على إدارة بايدن في علاج الصراع العربي الإسرائيلي، بسبب علاقتها العميقة مع دولة الاحتلال وغرق بايدن بما خلفه ترامب من مصائب، إنما يكمن في أن تتخذ الولايات المتحدة موقفاً يتقاطع وإجراءات وقف التمييز العنصري، عبر إنفاذ قرارات الشرعية الدولية المرتبطة بفلسطين.

حلم؟ ربما يكون، لكن انتظار المكالمة المرتقبة لا يكفيه تجديد الدعم والآمال ومباركة الظلم، والاستمرار في إغفال آمال وطموحات الآخرين، الذين تختطف إسرائيل أحلام أبنائهم في كل يوم، لا بل تستمر في ذلك مع إشراقة كل صباح. اليوم يقول بايدن بأن إدارته لن توافق على إجراءات أحادية الجانب تتخذها إسرائيل، فيرد نتنياهو بإعلان حكومته عن بناء المزيد من المستوطنات بينما يعلن الصندوق الوطني اليهودي عن توسيع امتلاكه للأراضي لتوسيع المستوطنات! ثم يعود ليسأل: هل اتصل «العم» بايدن أم لم يتصل؟

[email protected]