الإثنين: 30/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

ورقة موقف من الائتلاف الاهلي لاصلاح القضاء وحمايته على القرار بقانون بخصوص القضاء الشرعي 2021

نشر بتاريخ: 18/02/2021 ( آخر تحديث: 18/02/2021 الساعة: 14:46 )
ورقة موقف من الائتلاف الاهلي لاصلاح القضاء وحمايته على القرار بقانون بخصوص القضاء الشرعي 2021

رام الله- معا- اطلع الائتلاف الاهلي لاصلاح القضاء وحمايته على مشروع قرار بقانون القضاء الشرعي 2021، وقد سبق لأعضاء الإئتلاف أن أعدوا أوراقاً متخصصة بالقضاء الشرعي وأبدوا مواقف في العديد من مشروعات القرارات بقوانين الخاصة بالقضاء الشرعي سواء التي أقرت في العام 2012 وتم لاحقا الغاء بعضها أو التي تم اقتراحها في العام 2016.

جاء ذلك انطلاقاً من أن وظائف القضاء الشرعي من جزء لا يتجزء من الوظيفة القضائية بشكل عام. فالقضاء الشرعي هو قضاء مختص بفض المنازعات وتنظيم الاحوال الشخصية وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية وخصوصا ما يتعلق منها بالزواج والطلاق والولاية والوصاية والارث والتركة وغيرها من الأحوال الشخصية. ومن هنا فإن الكثير من الشروط والمتطلبات الناظمة لعمل القضاء النظامي من حيث ضمان استقلاله ونزاهته وحياديته وكفاءته الاصل أن تنطبق تماما على القضاء الشرعي.

ومن هذا المنطلق، وتعزيزا لوحدة السلطة القضائية وضمانات استقلالها ونزاهتها وحياديتها بما يعزز من مفهوم النزاهة في الحكم، فإن الائتلاف يبدى ملاحظاته على مشروع قرار بقانون القضاء الشرعي 2021 بالآتي:

أولا: أكدت المادة 97 من القانون الاساسي المعدل على أن: " السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، ويحدد القانون طريقة تشكيلها واختصاصاتها وتصدر أحكامها وفقاً للقانون، وتعلن الأحكام وتنفذ باسم الشعب العربي الفلسطيني". كما نصت الفقرة الاولى من المادة 101 من القانون ذاته على أن: " 1- المسائل الشرعية والأحوال الشخصية تتولاها المحاكم الشرعية والدينية وفقاً للقانون". وعليه فإن القانون الاساسي أكد على وحدة السلطة القضائية وفتح المجال لتنوع المحاكم واختصاصاتها بما يشمل المحاكم الشرعية، وهذا يعني أن جعل القضاء الشرعي منفصلا عن القضاء النظامي وانشاء مجلس خاص بالقضاء الشرعي يترأسه قاضي القضاة يمس بمفهوم وحدة السلطة القضائية، ويخلق مزيد من التعقيد ولا يستجيب لمبدأ الترشيد في انشاء المؤسسات العامة. وعليه يؤكد الائتلاف على أهمية اتباع القضاء الشرعي للقضاء النظامي، بحيث تتبع المحاكم الشرعية لمجلس القضاء الأعلى، الأمر الذي يتطلب تعديل كافة المواد التي وردت في مشروع القرار بقانون المقترح بما يتفق مع هذه التوصية.

ثانيا: إن طبيعة مشروع القرار بقانون المقترح كتشريع متعلق بالسلطة القضائية، يجعل من فكرة اقراره على هيئة قرار بقانون من قبل رئيس دولة فلسطين استنادا الى المادة 43 من القانون الاساسي فكرة غير دستورية وغير سليمة باعتبار هذا النوع من التشريعات تمس مباشرة بمفهوم الفصل بين السلطات، خصوصا اذا ما أخذ بعين الاعتبار الاحكام التي تخضع هذا القضاء الى هيمنة السلطة التنفيذية من خلال تعيين قاضي القضاة ومجلس القضاء الشرعي والقضاة الشرعيين من قبل رئيس الدولة وتبعية قاضي القضاة للرئيس. وكذلك توقيت وموعد تقديم مشروع القرار بقانون في ظل التوافق الوطني والدعوة للانتخابات التي ستسفر عن عودة قريبة للمجلس التشريعي صاحب الولاية الاساسية في اقرار هذا النوع من التشريعات. الأمر الذي يثير الشكوك والتساؤلات حول الغاية والهدف من وراء هذا التشريع المقترح، ويعزز من القول بأن هذا التشريع يمس بمفهوم النزاهة في الحكم.

ثالثا: يفتح شرط التعيين للقضاة الشرعيين الوارد في المادة 15 من التشريع المقترح" بأن يكون حسن السيرة والسلوك." المجال (وفقا للتطبيق الخاطئ لمفهوم شهادة حسن السير والسلوك واصدارها من وزارة الداخلية عوضا عن شهادة عدم المحكومية التي تصدر عن وزارة العدل) لتدخل الاجهزة الامنية في تعيينات القضاة على خلفية الانتماء السياسي أو الاعتبارات غير الموضوعية، وهي مسألة أيضا تضعف من مفهوم النزاهة في الحكم.

رابعا: تتنافى بعض شروط التعيين للقضاة الشرعيين مع بعض ضمانات الكفاءة المطلوبة، فالاكتفاء بأن يكون القاضي الشرعي حاصل على شهادة في الشريعة الاسلامية ليكون قاضيا شرعيا هي مسألة لا تستجيب للخبرات والمهارات القانونية التي يجب أن يتمتع بها القضاة عموما ، لذلك يرى الائتلاف ضرورة أن يكون القاضي الشرعي حاصل على شهادة في القانون بالاضافة الى تدريبه وتأهيله في الجانب الشرعي، أو أن يخضع من يكون حاصلا على شهادة من كلية الشريعة الاسلامية الى فترة تدريب طويلة في معهد التدريب القضائي، أو أن يتدرب القضاة الحاصلين على شهادة في القانون على الجوانب الفقهية الشرعية. ذلك أن المهمة الرئيسية للقاضي الشرعي هي الفصل بمنازعات، والتي تتطلب أن يتمتع القاضي الشرعي للفصل بها بمهارات قانونية عالية.

خامسا: إن ما ورد في المادة 46 من التشريع المقترح من استثناء لرئيس المحكمة العليا الشرعية وأعضائها من رقابة واختصاصات دائرة التفتيش القضائي، يعتبر اضعافا لأحد أهم أدوات المساءلة الداخلية في القضاء، ولذلك نرى أهمية عدم استثناء اعضاء المحكمة العليا الشرعية من رقابة دائرة التفتيش القضائي.

سادسا: إن مشروع القانون المقترح يعزز من حالة الانقسام في النظام القضائي الفلسطيني بين شطري الوطن، حيث لم يتم الاشارة إلى انطباق القانون على قطاع غزة.

وعليه، وانسجاما مع موقف الائتلاف الاهلي لحماية القضاء واستقلاله الرافض لاقرار التشريعات القضائية التي صدرت مؤخرا، فإن الائتلاف يطالب بعدم اقرار هذا التشريع على هيئة قرار بقانون، والانتظار لحين انتخاب المجلس التشريعي الفلسطيني ليتولى بصفته صاحب الصلاحية الدستورية النظر في هذا التشريع المقترح بما يتفق والملاحظات التي اوضحناها في هذا الموقف.