بيت لحم -معا- حاول مركز عمليات الوعي في الجيش الإسرائيلي التأثير على تأييد سكان القطاع للمقاومة خلال الحرب على قطاع غزة عام 2008.
وفي دراسة نشرها معهد الأمن القومي الإسرائيلي بعنوان "حملات المعلومات الإسرائيلية في غزة: العصر الرقمي كميدان للحرب" أن المركز الذي تأسس عام 2005 بهدف إدارة عمليات الوعي عَمِلَ خلال ماتسمى "الرصاص المصبوب" على إضعاف التأييد الشعبي لحركة حماس بين سكان القطاع، حيث كان الهدف الرئيسي للمركز خلال العملية إحداث شرخ بين حماس وسكان القطاع، وأعد لذلك حملة بمساعدة مستشارين مدنيين، والتي تضمنت مقاطع فيديو، ومنشورات، كما طور المركز قدرات لإنتاج محتوى سريع أثناء الحرب.
ومن بين الإشاعات التي بثها مركز عمليات الوعي لسكان القطاع: أن قادة حماس هربوا وتركوا المدنيين، وأن حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية كما ادعى المركز أن الحركة تسرق الدعم الإنساني المقدم للقطاع.
كانت الأدوات التي استخدمها المركز في ذلك الوقت هي إلقاء المنشورات والاستيلاء على محطات الإذاعة والتلفزيون، والنشاط على الإنترنت (خاصة في المنتديات التي كانت شائعة في قطاع غزة). وكانت الحملات الإعلامية للجيش الإسرائيلي تهدف بشكل أساسي إلى التأثير على الشعب الفلسطيني، وعلى تصوره تجاه حركة حماس، وحاول الجيش الإسرائيلي تعزيز الانطباع بأن حماس قد تعرضت لضربات قاسية، ولكن على عكس الحرب مع حزب الله عام 2006، اختار الجيش الإسرائيلي عدم تركيز أنشطته النفسية على قيادة حماس، وذلك بسبب الاعتقاد أن الهجمات الشخصية لن يكون لها تأثير مرغوب فيه على السكان، بل ربما تتسبب بحشد التأييد الشعبي لقادة حماس.
من جانب آخر، عمل الجيش الإسرائيلي على منع البث الإذاعي والتلفزيوني التابع لحماس لئلا تصل رسالة الحركة لسكان القطاع، وأصدر مجلس الأمن القومي رسائل مخالفة لرواية حماس تم بثها على محطات إذاعية سيطر عليها الجيش الإسرائيلي.
وذكرت الدراسة، أن الجيش الإسرائيلي استخدم أدوات أخرى من بينها "المكالمات التلقائية"، أي المكالمات الهاتفية التي يتلقاها المدنيون في غزة برسالة تلقائية، فعلى سبيل المثال، في منتصف الليل، تلقى سكان غزة مكالمة تقول: "هذا ليس حلما، هذا كابوس حماس"، كان الاتصال الآلي أداة مفيدة جدًا لتوسيع نطاق الوصول إلى الجمهور المستهدف.
أما في عمليتي "عامود السحاب" و"الجرف الصامد"، فقد غيّر مركز عمليات الوعي نهجه، وبدأ الانخراط بشكل أساسي في تنفيذ حرب نفسية مباشرة ضد حماس، وليس في محاولة للتأثير على نظرة الشارع في غزة لحماس.
كان هذا التغيير في الموقف إلى حد كبير بسبب الشك في القدرة على تقويض الدعم الشعبي لحماس خلال العملية، وذلك وفق الدروس المستفادة من عملية الرصاص المصبوب، حيث وجد المركز صعوبة في اكتساب زخم حقيقي لأي رواية تضر بالدعم الشعبي لحماس، بالإضافة إلى صعوبة قياس مدى الإنجاز في هذا المجال، بحيث يصعب إظهار النجاح الفعلي في تحقيق هذا الهدف.
من الجدير ذكره، أن الدراسة تعرضت لعمليات الجيش الإسرائيلي على الوعي خلال الحروب على غزة منذ 2008 وحتى 2014، وتناولت المشكلات التنظيمية للهيئات العاملة في مجال الوعي واستهدافها لجماهير مختلفة، سواء الجمهور الفلسطيني بشكل عام والمقاومة الفلسطينية بشكل خاص، والجمهور العربي، بالإضافة إلى تطرقها إلى عمليات الوعي الهادفة إلى حصد التأييد الدولي وتبرير عمليات الجيش لا سيما في عصر الانترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.