رام الله- معا- عبرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" عن رفضها للقرار بقانون رقم (07) لسنة 2021 بشأن تعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية رقم (01) لسنة 2021 وتعديلاته الصادر بتاريخ 28/02/2021 بناءً على تنسيب من مجلس الوزراء بتاريخ 11/01/2021،والمنشور في العدد الممتاز من الوقائع الفلسطينية رقم (24) بتاريخ 02/03/2021.
ورأت الهيئة أن هذا القرار بقانون يمثل مساساً خطيراً ومباشراً بالحق في تشكيل النقابات والجمعيات والاتحادات والروابط الذي كفله القانون الأساسي في المادة (26) منه. كما أنه يناقض المرسوم الرئاسي الصادر بتاريخ 20/2/2021 بشأن تعزيز الحريات العامة ويضر بشكل جوهري ببيئة الحقوق والحريات قبيل العملية الانتخابية.
من المؤسف ان هذا القرار بقانون يأتي في الوقت الذي تواجه فيه مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية حملة تحريض منظمة من دولة الاحتلال ومحاولة وصمها بالإرهاب لتجفيف منابع تمويلها، خاصة على ضوء ما تقوم به المؤسسات الفلسطينية من دور في فضح جرائم الاحتلال ودعم صمود الفلسطينيين على أرضهم.
لقد وضع القرار بقانون المعدل قيوداً جديدة غير مبررة وغير ضرورية على ممارسة الجمعيات والمنظمات الأهلية لأنشطتها باستقلالية وحرية، وجعل منها مجرد دوائر تتبع وزارات الاختصاص في السلطة التنفيذية في تناقض واضح لطبيعة عمل الجمعيات ومبررات وجودها في الحيز العام، باعتبارها جهات رقابية على أداء المؤسسات الرسمية وشريكة في التنمية وفي صناعة السياسات والقرارات الوطنية، ومن المفترض أن تمارس أدوارها ومسؤولياتها باستقلالية وحرية كاملة. فقد الزم القانون الجديد الجمعيات والهيئات بأن تكون خطة عملها السنوية منسجمة مع خطة وزارة الاختصاص، بعيداً عن رؤية ورسالة وأهداف تلك الجمعيات. كما اشترط أن يتضمن التقرير المالي الذي تقدمه الجمعيات إلى وزارة الاختصاص، بيانات تفصيلية ومؤشرات حول الأثر الناتج عن مشاريع ونشاطات السنة المالية، الأمر الذي يجعل من وزارة الاختصاص جهة الحكم على نتائج وأنشطة الجمعيات وأثرها دون معايير أو أسس واضحة.
ويظهر تعدي القرار بقانون المعدل على استقلالية الجمعيات والهيئات الأهلية وحقها في ممارسة أنشطتها بحرية، بإتاحته التدخل غير المبرر في الأوضاع الوظيفية والمالية للجمعيات والهيئات الأهلية، بنصه في المادة الثالثة منه على تحديد سقف أعلى لرواتب الموظفين والمصاريف التشغيلية في الجمعية أو الهيئة بما لا يزيد عن (25%) من إجمالي الميزانية السنوية، دون النظر في طبيعة عمل هذه المؤسسات، الامر الذي من شأنه في حال تطبيقه على أرض الواقع أن يؤدي إلى إغلاق العديد من الجمعيات والهيئات الأهلية وفقدان مئات الأشخاص لوظائفهم في تلك المؤسسات.
كما يفرض القرار بقانون المذكور قيوداً غير مبررة وغير دستورية على مصادر تمويل الجمعيات والهيئات الأهلية، بنصه في المادة الرابعة منه على اختصاص مجلس الوزراء بإصدار نظام يحدد فيه شروط وأحكام المساعدات غير المشروطة وجمع التبرعات من قبل الجمعيات والهيئات المشمولة بأحكامه، بتجاوز صريح لقواعد الولاية الدستورية، والتي تتطلب أن يتم تنظيم مثل هذه المواضيع بموجب قوانين صادرة عن البرلمان بناءً على مصلحة مشروعة وضرورية وبما لا يؤدي إلى تعطيل ممارسة الحقوق والحريات أو جعل ممارستها شاقاً ومرهقاًوهذا ما أكد عليه المقرر الخاص المعني بالحق في التجمع السلمي والجمعيات في الأمم المتحدة بقوله: "أن التشريعات التي تعمل على تقييد التمويل المالي للجمعيات تنتهك المعايير والمقاييس الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة بحرية تكوين الجمعيات".
واكدت الهيئة علىأن هذا القرار بقانون يتنكر للدور الوطني الذي تؤديه مؤسسات المجتمع المدني ويقوض العمل الأهلي في فلسطين بصورة غير مسبوقة، ويضر بجهود المصالحة واجراء الانتخابات.
وعليه، فإن الهيئة طالبت بسحب القرار بقانون رقم (07) لسنة 2021 بشأن تعديل قانون الجمعيات والهيئات الأهلية رقم (01) لسنة 2000 وتعديلاته واعتباره كأن لم يكن. وتعبر الهيئة عن دعمها لمؤسسات المجتمع المدني في نضالها الحقوقي والمشروع لإلغاء القرار بقانون المذكور والدفاع عن حق أفرادها في المشاركة في الحياة العامة.
كما طالبت الهيئة بالتوقف عن اصدار اية قرارات حتى تشكيل المجلس التشريعي بناء على نتائج الانتخابات القادمة.