رام الله- معا- قال رئيس الوزراء محمد اشتية "إن مجلس الوزراء يستكمل في جلسته الأسبوعية، المنعقدة اليوم الاثنين، بمدينة رام الله، مناقشة الموازنة العامة للسنة المالية 2021، قبل إحالتها للرئيس محمود عباس للمصادقة عليها، وفق الأصول".
وأوضح رئيس الوزراء، أن مصادقة الرئيس على الموازنة ستتم بعد أن يُجري مجلس الوزراء النقاش للمرة الثالثة والنهائي لها، وسط توقعات بفجوة عجز حوالي مليار دولار، والتي ستعمل الحكومة كل ما تستطيع من أجل سد هذه الفجوة، عبر إصلاحات هيكلية إدارية، ومالية.
وبهذا الصدد، أشار إلى تطبيق الخطة الاستراتيجية للإيرادات الضريبية للفترة 2021- 2025، والتي تركز بشكل أساسي على مكافحة التهرب الضريبي، والتجنب الضرائب، وتوسيع القاعدة الضريبية بشكل أفقي، وعدم زيادة العبء الضريبي على المواطنين.
وأضاف، أن العمل جارٍ لترشيد الإنفاق العام في أمور هامة، كصافي الإقراض، والتحويلات الطبية، والتكاليف الأخرى، ومتابعة الجهود بشكل حثيث لتصويب الملفات المالية العالقة مع الجانب الإسرائيلي، والمنبثقة من بروتوكول "باريس".
وأشار رئيس الوزراء إلى أن إقرار موازنة هذا العام يأتي بعد انقطاع دام عامين عن اعتماد موازنة عادية؛ بسبب الظروف الاستثنائية التي مررنا، ولا زلنا نمر بها، وسط تصاعد الموجة الثالثة من النسخ المتحورة من "كورونا"، والتي تسببت في اتخاذ تدابير وإجراءات وقائية، فاقمت من التداعيات الصحية والاقتصادية للوباء.
وتابع: يأتي إعداد مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2021 استكمالا لتنفيذ الخطة الوطنية "الصمود المقاوم والانفكاك والتنمية بالعناقيد نحو الاستقلال" هذه الخطة خطة التنمية بمحاورها الثلاثة الرئيسية: إنهاء الاحتلال، الإصلاح وتحسين جودة الخدمات العامة.
وأشار إلى أن موازنة 2021 تعكس التوجهات العامة للحكومة والواردة في أجندة السياسات الوطنية وأهداف التنمية المستدامة، مع الأخذ في الاعتبار المرونة والقابلية للتنفيذ وفقاً للتدفقات النقدية وأولويات الحكومة في الصرف، والتي سوف ترتكز بشكل أساسي على قضايا الصحة والتعليم وكذلك مساندة الفقراء.
وأضاف اشتية: كما تعكس الموازنة المرونة في إجراء أي تعديل في ضوء أي تطورات سياسية داخلية أو خارجية مرتبطة بالوضع الفلسطيني، وهذا ما يؤهلها لأن تشكل رؤية مستقبلية تمنح الحكومة قدرا من المرونة في مواجهة الأزمات، وتضمن توحيد الجهود في الأنشطة المتشابهة بمختلف القطاعات، وهذا سيؤسس لواحدة من أهم أدوات الإصلاح الاقتصادي لتنفيذ رؤية الحكومة في تحقيق التنمية المستدامة بمفهومها الشامل، بهدف توسيع القاعدة الإنتاجية وتعزيز الصمود ومحاربة الفقر كخطوة هامة على طريق الانفكاك عن الاحتلال.
ونوه إلى أن موازنة هذا العام تتميز بالعديد من الجوانب، التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
أولاً: تركيز الإنفاق الحكومي بشكل ثابت وموجه نحو قطاعات الصحة، والتعليم، والحماية الاجتماعية والأمن، ويشكل حجم الانفاق على هذه القطاعات ما نسبته 62% من إجمالي الإنفاق العام، وقد خُصّص للتعليم 17% من إجمالي الموازنة.
وسيتم التركيز على تحسين البنية التحتية للمدارس، ودعم المدارس في مدينة القدس، وما يسمّى بالمناطق المصنفة "ج"، والأغوار، إضافة إلى توفير التمكين التكنولوجي، وتطوير المستوى التعليمي.
ثانيا: تخصيص 12% من إجمالي الموازنة العامة للقطاع الصحي، بحيث تركز على مواجهة الكورونا، وتطوير البنية التحتية للمستشفيات الحكومية، والمراكز الصحية، واستقطاب كوادر الندرة، وتخفيض فاتورة التحويلات الطبية.
ثالثا: تخصيص 13% من إجمالي الموازنة للحماية والتنمية الاجتماعية، وذلك لدعم الفئات المتضررة من الاحتلال من جهة، والفئات المهمّشة والعاطلين عن العمل وتخفيض نسبة الفقر.
رابعا: تركيز الإنفاق الحكومي نحو برنامج التنمية الاقتصادي الشامل المبني على التنمية بالعناقيد (العنقود الزراعي، العنقود السياحي، العنقود الصناعي، عنقود العاصمة، وعنقود تكنولوجيا المعلومات، وعناقيد قطاع غزة)، وذلك لزيادة القاعدة الإنتاجية، والاعتماد على الذات، ومحاربة الفقر، والبطالة، والانفكاك التدريجي عن الاحتلال، حيث تركز التنمية بالعناقيد على تعظيم الاستفادة من الميزة الجغرافية التي تتمتع بها المحافظات الفلسطينية، من خلال تطويرها عموديا وأفقيا، وخلق شراكة ما بين القطاع العام والأهلي والخاص، ما يشجع على جذب مزيد من الاستثمارات في مختلف المجالات الزراعية، والسياحية، والصناعية.
خامسا: تعتبر موازنة العام 2021 نقلة نوعية في دعم القطاعات الإنتاجية التي كانت سابقا تعتمد على دعم المانحين، ويأتي في مقدمتها القطاع الزراعي، الذي احتلّ المرتبة الثانية، ضمن الموازنة التطويرية للعام 2021، أي بزيادة قدرها 37% عن الموازنة التطويرية لوزارة الزراعة للعام 2020، وبزيادة قدرها 161% عن الموازنة التطويرية لوزارة الزراعة للعام 2019، وجاءت هذه الزيادة استجابة لخطة وأجندة السياسات الوطنية وخطة التنمية للحكومة الثامنة عشرة.
سادساً: تركيز الإنفاق الحكومي نحو برامج تعزيز صمود المواطنين وخاصة في القدس، فقد تم تخصيص مبلغ 60 مليون دولار لدعم الصحة والتعليم والكهرباء في القدس، إضافة الى 26 مليون دولار لدعم عنقود العاصمة التنموي.
سابعاً: استمرار الحكومة بالتزاماتها المالية تجاه أهلنا في قطاع غزة بما يقارب 1.4 مليار دولار، وما نسبته 30% من إجمالي النفقات و40% من إجمالي الإيرادات، ستصرف على قطاع غزة.
ثامناً: تركيز الانفاق الحكومي نحو تعزيز دور الشباب والمرأة والفئات المهمشة من خلال برامج ومشاريع مختلفة بما يقارب 70 مليون دولار.
وتطرّق رئيس الوزراء في كلمته إلى المرتكزات التي ستعمل عليها الحكومة ضمن الموازنة لسد الفجوة التمويلية، عبر ثلاثة محاور، وهي:
أولا: الإصلاحات الهيكلية إداريا، وماليا، والعمل على تطبيق الخطة الاستراتيجية للإيرادات الضريبية للفترة 2021-2025، والتي تركز بشكل أساسي على توسيع القاعدة الضريبية بشكل أفقي، وعدم زيادة العبء الضريبي على المواطنين.
ثانياً: ترشيد الإنفاق الحكومي.
ثالثاً: متابعة الجهود الحثيثة لتحصيل حقوقنا المالية من الجانب الإسرائيلي، وهناك مستحقات لنا تقدر بمئات الملايين من الشواقل.
وتوجه بالشكر لوزير المالية شكري بشارة ولطاقم الوزارة على ما بذلوه من جهد كبير لإعداد هذه الموازنة في ظروف غير عادية، كما توجه بالشكر للوزراء على روح التعاون وروح النقاش المسؤول الذي شهدته جلسات مجلس الوزراء.
وحول آخر المستجدات المتعلقة بفيروس "كورونا"، قال اشتية: من المقرر أن تصلنا اليوم دفعة جديدة من اللقاحات سيتم توزيعها بشكل منتظم، وجزء من هذه اللقاحات عبارة عن تبرع مشكور من جمهورية الصين الصديقة، والجزء الآخر من هذه اللقاحات كنا قد سددنا ثمنه، وننتظر وصول دفعات أخرى على شكل تبرعات، أو من تلك التي قمنا بشرائها.
وفيما يتعلق بإضراب نقابة الأطباء، أعرب اشتية عن أسفه لمواصلة الأطباء إضرابهم في وقت أحوج ما يكون فيه شعبنا لهم في هذه الفترة الحرجة بسبب كورونا، حيث اكتظاظ الأسرة في المستشفيات بالمصابين، وارتفاع اعداد الوفيات، جراء الموجة الثالثة من الفايروس.
وأعرب عن أمله من نقابة الأطباء والتي عليها واجب الالتزام بقرار المحكمة التي رفضت الإضراب، وطالبتهم بالعودة إلى عملهم، حرصا على شعبهم من الجائحة، التي تتسارع وتيرتها على نحو أكثر انتشارا وأشد فتكا.
وأكد أن هذا الوقت ليس وقت الاستنكاف عن العمل، قائلا: نقدر عمل الأطباء، وتضحياتهم، وكذلك عمل الممرضين والعاملين في المختبرات، وكل من يعمل في القطاع الصحي، وسنبقي باب الحوار مفتوحا معهم، ونحن على ثقة بالتوصل الى تفاهمات تصب بالأخير في مصلحة شعبنا وحمايته.
كما جدد رئيس الوزراء ترحيب الرئيس محمود عباس بدعوة الرباعية الدولية لاستئناف مفاوضات هادفة تفضي الى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس.
وفي سياق منفصل، أدان مجلس الوزراء عزم سلطات الاحتلال الإسرائيلي إقامة وحدات استيطانية جديدة في مستعمرة "جبل أبو غنيم"، وعمليات الاستيلاء على المزيد من أراضي المواطنين في الأغوار، وعمليات الهدم المتواصلة لمنازل المواطنين، والاستيلاء على ممتلكاتهم.
ودعا المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية "للجم شهوة التوسع الاستعماري على ارضنا".