الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الصحافة العبرية: العد التنازلي لنهاية حكم أبو مازن

نشر بتاريخ: 05/05/2021 ( آخر تحديث: 05/05/2021 الساعة: 17:23 )
الصحافة العبرية: العد التنازلي لنهاية حكم أبو مازن

كتبت دانا بن شمعون :

حماس غاضبة من تأجيل الانتخابات وترى في ذلك تجاوزا للخط الأحمر.
ايضا داخل فتح الأعصاب متوترة . إلى أي حد يمكن ان تهدد مقامرة ابو مازن الخطيرة سلطته وهل لا زال بالامكان اصلاحها ؟

سجل حافل بالخطوات المترددة : يوم الخميس الماضي جلس ابو مازن في قاعة الاجتماعات في رام الله واعلن رسميا تاجيل الانتخابات . رافق ذلك شكلا تظاهريا من الاجماع الوطني حيث كان قادة الفصائل الفلسطينية يحيطون بالقائد ينصتون لاعلانه المتوقع باستسلام تام في الوقت الذي قاطع اللقاء ممثلو حماس والجهاد الاسلامي الذين كانوا على دراية مسبقة بما سينتج عن الاجتماع وشاهدوا ما يجري من على شاشات التلفزة باشمئزاز .

أبو مازن كعادته لم يستجب لدعوات حماس الملحة للتراجع عن إعلانه تأجيل الانتخابات بحجة أن إسرائيل ترفض اجراؤها في القدس. وهي طريقة عمل تقليدية لشخص يمتلئ سجله السياسي بإعلانات عن خطوات دراماتيكية ما يلبث ان يتراجع عنها عندما يشعر أن الأرض بدأت تشتعل تحت قدميه. كان هذا هو الحال عندما اتخذ قراره المتردد بوقف التنسيق الأمني ​​مع إسرائيل ردًا على احتمالات ضم مناطق من الضفة الغربية وغور الأردن ، وكان هذا هو الحال عندما رفض استلام أموال الضرائب من إسرائيل بعد إعلانها. أنها ستخصم مخصصات الأسرى.


ساعدته سياساته الاكروباتية المترددة على المضي قدمًا بحذر في اللعبة السياسية المعقدة والمناورة بين الأجندات والمصالح المختلفة. حتى الآن عملت هذه الطريقة بشكل غير سيئ ، لكن لا أحد يستطيع ان يضمن له نجاحها هذه المرة أيضًا.

مصيدة وانتقام :


صحيح ان ابو مازن استل الورقة الاكثر قداسة -قضية القدس لاضفاء الشرعية على قراره تاجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية لكن شرائح واسعة في المجتمع الفلسطيني وفي حركة فتح نفسها وباقي المنظمات وعلى راسها حماس يدركون ان ذلك لم يكن السبب . ويسمون ذلك رغبة في التشبت بالسلطة .
الحقت حماس الهزيمة به مرة واحدة وكان ذلك اكثر من اللازم عندما فازت في الانتخابات السابقة وانتزعت منه السيطرة على غزة ، والان هناك مخاوف من انها قد تعيد تكرار ذلك النجاح المذهل مع انجازات قد تقود الى تجريد ابو مازن تماما من السيطرة على الضفة .

لقد وقع ابو مازن في المصيدة التي نصبها هو بنفسه . ما الذي اراد ابو مازن تحقيقه من الدعوة للانتخابات ؟ من جانب اراد ارضاء الادارة الامريكية الجديدة لكي تقوم باستئناف تقديم المساعدات التي اوقفت في فترة حكم الرئيس ترامب وفرض العودة لمسار المفاوضات . من الجانب الثاني اراد اكتساب الشرعية مجددا لسلطته واسكات الانتقادات الموجهة له من الداخل والخارج باعتباره لم يعد قائدا شرعيا بسبب عدم اجراء الانتخابات منذ عام 2006 .
ولكن ما فائدة هذا كله ان كان في النهاية سيخسر لخصومه من فتح او حماس في نفس الوقت الذي تلوح به اسرائيل من الخلف بسوط من التهديدات التي قد تكلفه حكمه .

الفرص التي برزت واهدرت مرة اخرى :
كرست سلطة ابو مازن الفردية على امتداد سنوات طويلة ثقافة سياسية ليس فيها مكانا للمعارضة العلنية . الانشغال بالانتخابات ، دخول السباق الانتخابي بقوائم متعددة ، كثرة عدد المرشحين المحسوبين على حركة فتح نفسها - كشفت عمق التصدعات والرغبة في التغيير . هناك من فتح من راى بالانتخابات فرصة فريدة قد لا تتكرر لتحقيق تطلعات سياسية طال انتظارها -محمد دحلان ، ناصر القدوة واخرين ممن كانوا في صحراء السياسة على امتداد سنوات طويلة اعتبروا الانتخابات منصة للعودة للحياة السياسية بشكل فعال . للحظة بدا أن جميع الأوراق قد تم خلطها مرة أخرى ، وفجأة ظهرت فرصة وكان كل شيء ممكنًا. وفجأة ، في ذروتها ، أنهار كل شيء.

تآكل خطير: أدى الإعلان عن الذهاب للانتخابات إلى خلق مستوى عالٍ من التوقعات في اوساط حماس وبين شخصيات فتح الذين كانوا في مواجهة أبو مازن. إن انهيار هذه التوقعات على أرض الواقع قد يتبين لاحقا انه كان مدمرًا على مستقبل سلطة أبو مازن وربما حتى يقود الى نهايته ، في ظل ظروف معينة مثل كيفية تشكل خريطة الانقسامات والتحالفات بين خصومه و ومدى إصرارهم وقدرتهم على تحديه من الداخل بمختلف الوسائل . بالاضافة طبعا لسياسات اسرائيل .

الاعلان عن الانتخابات ومن ثم تاجيلها ادى الى اضعافه اكثر مما ادى لتعزيز قوته . بدأ تآكل شرعيته في الحكم الان ، ويبدو أن عباس قام بمجازفة محفوفة بالمخاطر. اذ تجرأ على تأجيل الانتخابات ، جزئياً بسبب الثقة المفرطة بنفسه على ضوء اعتقاده بان إسرائيل والولايات المتحدة تقفان خلفه وان هناك من سيقوم لانقاذه ، وكذلك بسبب عدم تقديره جيدا لمدى الدعم والتماسك الذي يتمتع به على ما يبدو داخل مؤسسات فتح والسلطة الفلسطينية وقوى الأمن الفلسطينية .

البقاء اصبح محل شك : بقاء أبو مازن في السلطة لم يعد بديهيًا كما كان من قبل. سيقول البعض بأنه مثل طائر الفينيق. يسقط ثم يعود ويقف على رجليه ، نوع من الناجي الابدي . قام بقمع عددا ليس قليلا من المعارضين الذين برزوا في طريقه العملية وصولا لاقصائهم من الحياة السياسية تماما كما عرف كيف يقوم باجتثات كل تهديد ظهر ضد سلطته . حتى عندما بدا يطرح موضوع اليوم الذي يلي اثبت انه من المبكر جدا تابينه . لكن رويدا رويدا الى جانب اعداد الاعداء الكبير الذين راكمهم وانهيار التوقعات التي نتجت عن اعلانه الغاء الانتخابات قد تؤدي تحت ظروف معينة لخلق الحشد الضروري لمعارضة بقائه في السلطة .
اذا اراد ابو مازن الحفاظ على استقرار سلطته يتعين عليه القيام بمجموعة من الخطوات عاجلا للتعويض عن الغاء الانتخابات وذلك من اجل تهدئة المشاعر قليلا في النظام السياسي من ضمن ذلك الاعلان عن موعد جديد وقريب للانتخابات ، اعطاء بوادر حسن نية معينة تجاه بعض شخصيات فتح في محاولة لارضائهم بالاضافة الى الغاء العقوبات على قطاع غزة .

ترجمة اطلس عن دانا بن شمعون