رام الله- معا- طالبت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" المجتمع الدولي ولا سيما الأطراف السامية الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة بضرورة التحرك العاجل والفاعل لوقف العدوان وحماية المرافق وأفراد الخدمات الطبية في قطاع غزة، والتحرك الفاعل لضمان وقف العقوبات الجماعية التي تفرضها سلطات الاحتلال على قطاع غزة وسكانه، وإلزامها بالقيام بمسؤولياتها بتأمين الصحة العامة والشروط الصحية وأن توفر بأقصى ما تسمح به وسائلها العناية الطبية للسكان في الأراضي المحتلة.
جاءت هذه المطالبات في تقرير توثيقي أصدرته الهيئة حول تفاقم انتهاكات الحقوق الصحية في قطاع غزة بفعل عدوان سلطات الاحتلال، خلال الفترة (11- 15 أيار 2021)، متضمناً الحقوق الصحية في القانون الدولي، واقع الحقوق الصحية في ضوء العدوان على قطاع غزة، في سياق سلسلة من التقارير الحقوقية التوثيقية التي تعدها الهيئة وترصد من خلالها تداعيات العدوان الحربي الإسرائيلي والانتهاكات التي يتسبب بها على صعيد الحقوق والحريات في القطاع.
أوضح التقرير ارتكاب سلطات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكات جسيمة للحقوق الصحية للفلسطينيين، مما فاقم انتهاك المعايير الدولية للتمتع بالحق في الصحة، علاوة على تعمدها انتهاك هذه الحقوق من خلال العقوبات الجماعية التي طالت القطاع الصحي سيما مع إغلاق المعابر كليًا منذ بدء العدوان، يضاف إلى ذلك تزامن العدوان مع انتشار جائحة كورونا الأمر الذي يفاقم من تدهور الأوضاع الصحية. وارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي جرائم حرب باستهدافها المباشر للمرافق الصحية والبنى التحتية ذات العلاقة.
ورصد التقرير أن استهداف طائرات الاحتلال لمحيط مركز الحجر الصحي في محافظة رفح جنوب قطاع غزة، صفعة لجهود وزارة الصحة في مواجهة جائحة كورونا والتأثير المباشر على ما راكمته الوزارة في تقديم الخدمة الصحية لمصابي الجائحة وخاصة بعد قرار حجر العائدين من الهند وبنغلادش ودول أخرى في أعقاب انتشار السلالة الهندية. علاوة على توقف امدادات الوقود لمحطة توليد الكهرباء في قطاع غزة جراء إغلاق المعابر، وتضرر شبكات الكهرباء بفعل القصف المتواصل، واكتظاظ غرف العناية بالحالات التي تحتاج متابعة تخصصية ففي مجمع الشفاء يوجد (9) أسرة عناية فيها (17) إصابة خطيرة. ونزوح نحو 21 ألف فلسطيني جراء هجمات قوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث يتخذ هؤلاء من المدارس والمساجد ومن أماكن أخرى مأوى لهم في ظل جائحة كورونا، ولا تتيسر لهم سوى إمكانية محدودة للحصول على المياه والغذاء والخدمات الصحية، ما يعد بيئة خطرة لانتشار الأوبئة والأمراض المعدية ويزيد من عبء جهود مواجهة جائحة كورونا.
كما بين أن الاستهداف المباشر للبنى التحتية من الطرق ومحيط المراكز الصحية هدد ويهدد وصول المرضى إلى المراكز الطبية خاصة المرضى المزمنين وممن تظهر عليهم أعراض كورونا وحصولهم على اللقاحات، إضافة إلى عدم قدرة الفرق الطبية من الوصول للمرضى وحالات الاشتباه وهذا يقوّض من جهود مواجهة الجائحة.
وشدد التقرير على أن القانون الدولي لحقوق الإنسان أولى الحق في الصحة عناية خاصة، وأهمية بالغة فالزم دولة الاحتلال بمجموعة من الالتزامات الصحية التي يتوجب ان توفرها للشعب المحتل وللطواقم الطبية التي تقدم الخدمات الصحية. كما يحظر استهداف المستشفيات وأفراد الخدمات الطبية، حيث يُعتبر التمييز من قبل أطراف النزاعات المسلحة وفي جميع الأوقات بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية. علاوة على أنه بمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن "تعمّد توجيه هجمات ضد... الأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبيّنة في اتفاقيات جنيف طبقاً للقانون الدولي" يشكّل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية.
وطالبت الهيئة في تقريرها المنظمات الإنسانية الدولية إلى توفير الاحتياجات الإنسانية للسكان المدنيين النازحين، بما في ذلك الغذاء، والدواء، والمياه والاحتياجات الأخرى الضرورية للصحة العامة. والمؤسسات الرسمية الفلسطينية لمضاعفة جهودها لحث المجتمع الدولي على الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لوقف عدوانه الغاشم على قطاع غزة.