واشنطن - معا- يصل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في وقت لاحق، اليوم الإثنين، إلى المنطقة، في جولة تشمل إسرائيل والأراضي الفلسطينية ومصر والأردن، في جولة يهدف من خلالها لتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة والتعامل مع الوضع الإنساني الخطير في القطاع وجهود إعادة إعماره.
وقالت وزارة الخارجية في بيان، إن الوزير بلينكن "سيبدأ اليوم، الإثنين، جولته في الشرق الأوسط، التي تمتد حتى 27 أيار/ مايو الجاري". وأشارت إلى أن "جولة بلينكن جاءت بناء على طلب من الرئيس جو بايدن؛ لمناقشة جهود تعزيز وقف إطلاق النار، وتقليل مخاطر اندلاع صراع خلال الأشهر المقبلة".
وأوضح البيان أن بلينكن "سيتجه أولا إلى إسرائيل، حيث يلتقي بالرئيس رؤوفين ريفلين، ورئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ومسؤولين إسرائيليين كبار آخرين". وفي رام الله، "سيعقد مباحثات مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ورئيس الوزراء، محمد اشتية".
وأضاف البيان أن بلينكن "سيتوجه بعدها إلى القاهرة للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية، سامح شكري"، بحسب البيان؛ وأضاف البيان أن بلينكن "سيختتم جولته بزيارة العاصمة الأردنية، عمّان، للقاء الملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي".
ولم تذكر وزارة الخارجية الأميركية، في بيانها، مواعيد محددة لجولة بلينكن.
وعلى صلة، ذكر مسؤول أميركي رفيع أنه "على الرغم من تركيز محادثات وزير الخارجية الأميركي في إسرائيل على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، إلا أنه سيطرح مسألة الاشتباكات العنيفة بين اليهود والعرب" في الداخل الفلسطيني.
وعبّر المسؤول الأميركي عن قلقه من الأحداث الأخيرة، وقال في إحاطة قدمها لصحافيين إسرائيليين: "نحن قلقون مما حدث. واجهنا في الولايات المتحدة تحديات مماثلة".
وكان بايدن قد دعا إلى "إنهاء الاشتباكات بين السكان المتشددين من كلا الطرفين"، على حد تعبيره، وذلك في مؤتمر صحافي عقده فجر الجمعة الماضي، في أعقاب الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة.
كما شدد بايدن خلال مكاملة أجراها مع نتنياهو خلال الحرب على غزة على "ضرورة المساواة في معاملة المواطنين الإسرائيليين سواء اليهود أو العرب".
وفي وقت سابق الإثنين، أعلن الرئيس الأميركي، تكليفه وزير خارجيته بزيارة الشرق الأوسط، الأسبوع الجاري، لمتابعة تنفيذ وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. وقال بايدن في بيان، إن بلينكن سيعمل أيضا مع شركاء إقليميين لضمان "تنسيق الجهود الدولية لضمان وصول المساعدة الفورية إلى غزة".
وتعرضت الإدارة الأميركية لانتقادات لاذعة بسبب ردها الأولي بعدم التدخل على العنف الدامي في القطاع. وانتقد ديمقراطيون في الكونغرس ذلك، وطالبوا الحكومة باتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل، وردها على الهجمات الصاروخية من فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة.
من جانبها، دافعت الإدارة الأميركية عن ردها بالقول إنها منخرطة في جهود دبلوماسية مكثفة، لكن هادئة، رفيعة المستوى لدعم وقف إطلاق النار، والذي تم الترتيب له في نهاية المطاف الأسبوع الماضي، بعد وساطة مصرية.
وقال بلينكن، أمس الأحد، إن الجهود التي جرت خلف الكواليس بقيادة بايدن آتت ثمارها، حيث تم التوصل إلى هدنة بعد 11 يوما. وأضاف في مقابلة مع شبكة "سي إن إن": "الرئيس بايدن الذي قاد هذا الجهد قرر أننا نستطيع أن نكون أكثر فاعلية في القيام بذلك".
وأضاف "في النهاية، بعد هذا الجهد المكثف عبر الحكومة، وصلنا إلى حيث يريد الجميع أن يكون، وهو إنهاء العنف. لكن الآن، كما قال الرئيس، أعتقد أنه من واجبنا جميعا أن نحاول أن نبدأ في بناء شيء أكثر إيجابية، وما يعنيه أن على الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء أن يعرفوا في يومهم وحياتهم اليومية مقاييس متساوية للفرص والأمن والكرامة".
وبعد التوصل إلى وقف إطلاق نار دخل حيز التنفيذ الجمعة بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، بعد قصف متواصل للقطاع استمر 11 يوما، أكد بايدن وبلينكن أن "حل الدولتين" يبقى الوحيد الممكن. غير أن البيانين اللذين يؤكدان زيارة وزير الخارجية للمنطقة لم يأتيا على ذكر هذه المسألة بين مواضيع البحث المطروحة.
ورحبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، بالمواقف التي صرح بلينكن، في مقابلتيه مع شبكة "سي إن إن" و"آي بي سي"، التي أكد فيهما على "أهمية إعطاء الأولوية لتثبيت وقف إطلاق النار والتعامل مع الوضع الإنساني الخطير في قطاع غزة وضرورة البدء بإعادة إعماره".
كما دعا بلينكن إلى "بذل المزيد من الجهود لتهيئة الظروف بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لإعادة إطلاق عملية سلام حقيقية"، مشددا على أن "المفاوضات يجب أن تؤدي إلى تحقيق حل الدولتين".
وقالت الوزارة في بيان إن "مواقف بلينكن تأتي في الاتجاه الصحيح ويمكن البناء عليها، غير أن المطلوب هو الانتقال من مربع الأقوال إلى مربع الأفعال، بما في ذلك ممارسة الضغوط على إسرائيل لوقف الاستيطان ووقف اعتداءاتها على القدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، ووقف طرد وتهجير العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح".
وأكدت الوزارة أن "الجانب الفلسطيني يتعامل بإيجابية مع المواقف والتوجهات الأميركية التي عبر عنها الرئيس بايدن ووزير خارجيته، وكذلك مع أية مواقف وجهود معلنة ومبذولة لتحقيق السلام وفقا لمرجعيات السلام الدولية وفي مقدمتها مبدأي حل الدولتين والأرض مقابل السلام".
وأشارت الى أن "التحدي الأبرز أمام الجهود الأميركية والدولية يبقى التعنت الإسرائيلي والهروب المستمر من دفع استحقاقات السلام الحقيقي والدائم بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".
ومنذ 13 نيسان/ أبريل الماضي، تفجرت الأوضاع بالأراضي الفلسطينية جراء اعتداءات الاحتلال والمستوطنين في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح في القدس، في محاولة لإخلاء 12 منزلا فلسطينيًا وتسليمها لمستوطنين.
وفي 8 أيار/ مايو، امتد العدوان الإسرائيلي إلى كافة الأراضي الفلسطينية والبلدات العربية بأراضي 48، وشن عملية عسكرية ضد قطاع غزة شملت قصفا جويا وبريا وبحريا على القطاع، ما أسفر إجمالا عن 280 شهيدا، بينهم 69 طفلا، و40 امرأة، و17 مسنا، فيما أدى إلى أكثر من 8900 إصابة.