صواريخ الاحتلال.. تسرق الطفولة وتعدم البراءة
نشر بتاريخ: 07/03/2006 ( آخر تحديث: 07/03/2006 الساعة: 16:00 )
غزة- معا- بالبكاء والحزن والعويل, إستقبلت عائلة الشهيدين الطفلين رائد ومحمود أحمد البطش ( 8- 16 عاما) جثمانيهما الغضين, في منزل العائلة المتواضع بحي الشجاعية شرق مدينة غزة, بعد أن تناثر جسديهما في عملية الاغتيال التي نفذتها قوات الاحتلال أمس واستهشد فيها ثلاثة مواطنين آخرين بينهم طفل.
لم يتسع المنزل للمودعين الذين كان بينهم أقران ورفاق الشهيدين, فاضطر المودعون الى الوقوف بجانب حديقة صغيرة من الزهور وأشتال الريحان والنعناع أمام المنزل,حيث قضى الشهيدان وهما يعتنيان بها.
وكم كان المشهد بالغ الاسى في الداخل, فالجميع ينظر الى الجثمانين, والعبرات تنهمر من العيون, حيث لم يظهر من راسيهما سوى اليسير من أجزاء الوجه والجمجمة, وقد لف رأسيهما بالقطن والشاش الابيض, بسبب الاصابات البليغة التي تعرضا لها من شظايا الصواريخ التي أطلقتها الطائرات الاسرائيلية.
أما والدة الشهيدين التي لبست السواد على رأسها, فتمنعت عن الحديث, وبدت الام المفجوعة في حالة من الصدمة لم تمكنها من التعبير عن عن شيء من الغضب والحزن في قلبها, والذي يكاد يتفجر على فلذات أكبادها وزوجها الذي أصيب هو الاخر في ذات القصف بجراح خطيرة.
علا البطش ( 14 عاما) شقيقة الطفلين وقفت أمام الحضور تحمل حقيبتي شقيقيها ودفاترهما المدرسية, وتتساءل والدموع تغالب مقلتيها عن الذنب الذي إقترفه شقيقاها ووالدها, ليتطاير جسداهما الطاهران فوق سطح المنزل, وبالقرب من الطيور التي اعتادا على رعايتها وإطعامها.. حتى الزهور التي كانا يرويانها بالماء ارتوت من دمائهما الطاهرة؟.
وفي بيت مجاور في ذات الشارع الرملي المتواضع, تتكرر مشاهد الوداع الاليم, فالشهيد الطفل أحمد السوسي ( 16 عاما) هو الاخر كان اليوم جسداً مقطعاً الى أشلاء, انتظرته والدته ليصلها الى البيت, كي تلقي عليه نظرة الوداع الاخير, حتى أن صراخها وحزنها, انطلق في ذات اللحظة التي ارتفع فيها البكاء في منزل عائلة البطش المجاور.
لقد ودعت الام طفلها, وهي تردد كلمات الرضى عليه, فهو كان حنوناً عليها, وباراً بها رغم صغر سنه.
وفي ظل هذا المشهد المأساوي تقول شقيقة الشهيدين الطفلين محمود ورائد إن الشارع سيفتقدهما فمحمود حرص يومياً على كنسه ورشه بالماء وإزالة بقايا القاذورات منه لجعله نظيفاً.
أما عمة الشهيدين فتساءلت بحرقة:" من الإرهابي؟ هل هم أبناؤنا الأطفال الذين لعبوا في ساحة البيت أم من يرمونهم بحمم من نيران, ويفتتون قلوب أقاربهم عليهم, فماذا تفعل الأمهات الثكالى والآباء المحرومون من فلذات أكبادهم؟!".
ويبدو أن الامهات الفلسطينيات إعتدن في زمن الاحتلال على غير ما اعتدات عليه امهات العالم, فبينما تنتظر نساء العالم يوم المرأة, وعيد الام, تحرم الام الفلسطينية من أطفالها, وتعيش هاجس فقدانهم, لا لذنب سوى انهم أطفال أحبوا الحياة وسعوا لاستحقاقها.
إن جرائم قتل الاطفال التي تزايدت في سنوات الانتفاضة, تثير كثيراً من التساؤلات عن الموقف الدولي, ولجان حقوق الانسان, والهيئات القانونية في العالم, فلماذا عندما يقتل طفل اسرائيلي تقوم الارض ولا تقعد؟, أما عندما يقتل خمسة اطفال في غضون ساعة واحدة في قطاع غزة, لا تجد من يذكرهم, أو يطالب بمحاكمة قاتليهم ؟.
يذكر أن عملية الاغتيال التي نفذتها طائرات اسرائيلية أمس في حي الشجاعية شرق مدينة غزة, أسفرت عن استشهاد خمسة مواطنين بينهم ثلاثة أطفال, هم: منير سكر واشرف ابو شلوف من كوادر سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي, والاطفال رائد ومحمود البطش ( 8- 16 عاماً) واحمد السوسي ( 16 عاماً) فيما اصيب والد الطفلين البطش بجراح خطيرة.