طهران- معا- أغلقت مراكز الاقتراع أبوابها في انتخابات الرئاسة، مساء الجمعة، لكن بعض المراكز مددت التصويت لساعتين، وفق التلفزيون الرسمي الإيراني.
وقالت وزارة الداخلية في بيان نقله التلفزيون "مراكز الاقتراع ملزمة بقبول بطاقات الاقتراع ما دام هناك أشخاص" يريدون الإدلاء بأصواتهم.
وصوت الإيرانيون، الجمعة، لاختيار رئيس جديد للجمهورية، وسط أرجحية صريحة للمحافظ المتشدّد إبراهيم رئيسي وتوقعات بمشاركة متدنية نسبيا في انتخابات تجرى في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية.
وقبيل الموعد المقرر لإقفال الصناديق منتصف الليل (19:30 ت غ)، مددت السلطات الاقتراع حتى الثانية فجرا.
وكانت الهيئات المعنية بالانتخابات لمحت سابقا الى إمكان تمديد هذه الفترة في حال دعت الحاجة.
وبقي في السباق 4 من المرشحين السبعة الذين نالوا الأهلية من مجلس صيانة الدستور.
وواجه المجلس انتقادات بعد استبعاده أسماء بارزة تقدمت بترشيحها، ما أثار هواجس من تأثير ذلك سلبا على المشاركة.
وفي غياب منافس جدي، يبدو رئيس السلطة القضائية المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي (60 عاما) في موقع متقدم للفوز بولاية من 4 أعوام خلفا للمعتدل حسن روحاني الذي لا يحق له الترشح لولاية ثالثة متتالية.
وسيعزز فوز رئيسي بحال تحققه، إمساك التيار المحافظ بمفاصل هيئات الحكم في الجمهورية الإسلامية، بعد فوزه العريض في انتخابات مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) العام الماضي.
ومن المقرر أن تقفل صناديق الاقتراع منتصف الليل (19:30 ت غ). لكن السلطات سبق لها الإشارة لإمكان تمديد المهلة ساعتين عند الحاجة، خصوصا في ظل إجراءات الوقاية من فيروس كورونا.
وقبل 3 ساعات على الموعد المحدد للإقفال، كانت العملية الانتخابية تمضي دون مشاكل، وفق الإعلام المحلي.
ودعي أكثر من 59 مليون إيراني ممن أتموا الثامنة عشرة للاقتراع. ويتوقع أن تصدر النتائج بحلول ظهر السبت.
وأطلق المرشد الأعلى علي خامنئي اليوم الانتخابي بإدلائه بصوته بعيد السابعة صباحا في حسينية الإمام الخميني وسط طهران، مكررا الدعوة إلى مشاركة كثيفة لأن "ما يفعله الشعب الإيراني اليوم، يحدد مصيره ويبني مستقبله لعدة سنوات".
وسبق الانتخابات توقع استطلاعات رأي محلية معدودة ووسائل إعلام محلية، أن تكون نسبة المشاركة بحدود 40%.
وحتى مساء الجمعة، لم تصدر أرقام رسمية عن نسبة المشاركة. لكن وكالة "فارس" التي تعد مقربة من المحافظين المتشددين ("الأصوليين")، أفادت أن نسبة الاقتراع حتى الساعة 19:30 (15:00 ت غ) بلغت 37%.
وشارك إيرانيون خارج البلاد في الاقتراع، خصوصا في لبنان والكويت والعراق.
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة قبل 4 أعوام 73%، في حين شهدت الانتخابات التشريعية في شباط/فبراير 2020، نسبة امتناع قياسية بلغت 57%.
"المرشح الأكثر كفاءة"
وشهدت البلاد حملة من دون حماسة تذكر.
وفي شوارع العاصمة الجمعة، تفاوتت الآراء بين الناخبين.
وقال محمد جواد بور زاده "من المهم المشاركة في الانتخابات، وكل فرد يصوّت حسب رأيه. لقد انتخبت اليوم".
وأكدت ممرضة اكتفت بذكر اسم عائلتها، صاحبيان، أنها تعتزم التصويت لرئيسي لأنه "المرشح الأكثر كفاءة"، آملة في أن يتمكن "من تجاوز المشاكل".
موقف مماثل أبدته زهراء فرهاني، ربة المنزل التي أكدت عزمها التصويت لرئيسي بناء على "أدائه (على رأس السلطة) القضائية" منذ العام 2019.
ومنح مجلس صيانة الدستور الأهلية لخمسة مرشحين من المحافظين المتشددين واثنين من الإصلاحيين، قبل أن ينسحب 3 منهم الأربعاء.
ويواجه رئيسي، رجل الدين الذي يعد مقرّباً من خامنئي، المتشددَين محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري، والنائب أمير حسين قاضي زاده هاشمي، والإصلاحي عبد الناصر همتي، حاكم المصرف المركزي منذ 2018 حتى ترشحه.
وحصد رئيسي 38% من الأصوات في انتخابات 2017، وتولى مناصب عدّة على مدى عقود، خصوصاً في السلطة القضائية، وكان سادن العتبة الرضوية في مسقطه مدينة مشهد المقدسة (شمال شرق).
كذلك، تطرح وسائل إعلام إيرانية اسمه كخلف محتمل للمرشد.
"خطيئة"
واستبعد مجلس صيانة الدستور مرشحين بارزين مثل الرئيس السابق لمجلس الشورى علي لاريجاني، ونائب رئيس الجمهورية اسحاق جهانغيري، ومحمود أحمدي نجاد الذي تولى رئاسة البلاد بين العامين 2005 و2013.
وفي حين يؤكد المجلس الذي يهمين عليه المحافظون، التزامه القانون في درس الأهلية، أعطى استبعاده أسماء كبيرة، خصوصا لاريجاني الذي كان يُتوقع أن يكون أبرز منافس لرئيسي، الانطباع بأن الانتخابات حسمت سلفا.
ودعا خامنئي مرارا في الآونة الأخيرة الى المشاركة بكثافة وتجاهل حملات من معارضين في الخارج وعلى مواقع التواصل، للامتناع عن ذلك.
كما حضّ روحاني الجمعة على المشاركة، قائلا "الانتخابات مهمة مهما جرى (...) علينا الذهاب الى التصويت".
لكن بعض سكان العاصمة يعبرون علنا عن عدم رغبتهم في القيام بذلك.
وقال النجار حسين أحمد "لن أصوّت اليوم"، مضيفا "الوضع الراهن لا يترك لنا أي خيار آخر سوى الصمت والبقاء في المنزل على أمل أن يؤدي ذلك الى اسماع أصواتنا".
واعتبر التاجر سعيد زارعي أنه "في حال قمت بالتصويت أم لا، لقد تم انتخاب أحدهم بشكل مسبق".
وأكد أحمدي نجاد الذي تولى الرئاسة بين 2005 و2013، موقفه بالامتناع.
وقال في شريط مصور الجمعة إن الانتخابات تجرى بطريقة تعارض "مصالح النظام (السياسي)، وكواجب شخصي، لا أريد أن أكون جزءا من هذه الخطيئة".
أزمة اقتصادية
ويحظى الرئيس في إيران بصلاحيات تنفيذية ويشكل الحكومة، لكن الكلمة الفصل في السياسات العامة تعود إلى المرشد الأعلى.
وستطوي الانتخابات عهد روحاني الذي بدأ في 2013 وتخلّله انفتاح نسبي على الغرب توّج بإبرام اتفاق العام 2015 بين طهران والقوى الكبرى بشأن برنامج إيران النووي، بعد أعوام من التوتر.
وأتاح الاتفاق رفع عقوبات عن طهران، في مقابل الحدّ من أنشطتها النووية، لكنّ مفاعيله انتهت تقريبا مذ قرّر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سحب بلاده أحادياً منه وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران.
وتتزامن الانتخابات مع مباحثات تجري في فيينا بين إيران وأطراف الاتفاق، وبمشاركة أميركية غير مباشرة، سعياً لإحيائه.
وأبدى المرشحون تأييدهم لأولوية رفع العقوبات والتزامهم بالاتفاق النووي إذا تحقّق ذلك.
وشهدت مدن عدة احتجاجات على خلفية اقتصادية في شتاء 2017-2018 وتشرين الثاني/نوفمبر 2019، اعتمدت السلطات الشدّة في قمعها.
وسيكون الوضع المعيشي أولوية للرئيس المقبل، وهو ما أكّده خامنئي بدعوته المرشحين للتركيز على الشأن الاقتصادي.
أ ف ب