بيت لحم- معا- نشر مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان "بتسيلم)، شريط فيديو يُظهر قيام عناصر الوحدة الخاصّة في شرطة حرس الحدود (اليمام)- تابعة لشرطة الاحتلال الإسرائيلي- باغتيال أحمد عبده في مدينة البيرة وهو يجلس داخل سيّارته دون أن يشكّل خطراً على أحد.
وأفاد المركز في بيان وصل معا: "فجرَ يوم 25.5.21 وفي لحظة دخول الشابّ أحمد عبده (25 عاماً) إلى سيّارته في بلدة البيرة، اعترضته مركبة تابعة للوحدة الخاصّة في شرطة حرس الحدود (اليمام). تنشر مؤسسة بتسيلم اليوم شريط فيديو يظهر فيه عناصر الشرطة وهُم يخرجون من مركبتهم وفوراً يُطلقون عليه عدّة رصاصات وأحمد عبده، المصاب على ما يبدو، يفتح باب سيّارته من الجهة اليمنى. ثمّ يظهر العناصر وهُم يحاصرون السيّارة ويفتحون بعضاً من أبوابها وعلى ما يبدو يجرّون أحمد عبده إلى خارجها. بعد ذلك غادر العناصر دون إسعافه. لاحقاً زعمت شرطة حرس الحدود في بيانها أنّ أحمد عبده قُتل أثناء "عمليّة اعتقال" ولم تفسّر لماذا جرى استخدام النيران الفتّاكة. لا يمكن أن يسمّى إطلاق النيران الفتّاكة نحو شخص يجلس في سيّارته ودون القيام حتى بمحاولة اعتقاله "عمليّة اعتقال". إنّه اغتيال".
وتابع: "نحو السّاعة 4:30 من فجر يوم الثلاثاء الموافق 25.5.21 دخل الشابّ أحمد عبده وهو من مخيّم الأمعري إلى سيّارته المتوقّفة تحت بناية يقيم فيها عمّه وتقع في حيّ أمّ الشرايط في البيرة. حصلت بتسيلم على شريط كاميرا مراقبة تظهر فيه سيّارة تصل إلى المكان فوراً بعد دخول أحمد عبده إلى سيّارته وتعترض السيّارة بحيث تمنعها من الخروج من الموقف. يترجّل من السيّارة أربعة عناصر من الوحدة الخاصّة في شرطة حرس الحدود (اليمام) وفوراً يُطلق بعضهم عليه عدداً من الرّصاصات من الجهة اليسرى للسيّارة، جهة السّائق حيث يجلس أحمد عبده، وأيضاً على إطارات السيّارة. أثناء إطلاق الرّصاص يبدو أحمد عبده المُصاب على ما يبدو وهو يفتح باب السيّارة من الجهة اليمنى. في هذه المرحلة يحاصر العناصر السيّارة من جهتها الأخرى ويفتحون بعضاً من أبوابها ثمّ بعد مضيّ نحو ثلاث دقائق يغادرون المكان ويتركون أحمد عبده المُصاب ملقىً على الأرض. يؤكّد شهود عيان أنّ أحمد عبده كان لا يزال حيّاً في ذلك الوقت ويُظهر شريط الفيديو أنّ عناصر "اليمام" لم يقدّموا له الإسعاف الطبّي وحتى لم ينقلوه لتلقّي العلاج. هناك توثيق لعلامات احتكاك الجسد بالأرض ممّا يدلّ على أنّ العناصر ربّما قد جرّوه بأيديهم مسافة بضعة أمتار".
وأضاف، "بعد مضيّ دقائق معدودة على مغادرة عناصر الشرطة جاء عدد من الأهالي واستدعوا سيّارة إسعاف - وصلت بعد مضيّ رُبع السّاعة ونقلت أحمد عبده إلى المستشفى لكنّه فارق الحياة قبل وصوله، وقد أعلن الأطبّاء وفاته نتيجة إصابته برصاص في الجزء الأيسر من صدره وفي رجليه".
وأكد بيان بتسيلم أنه، "غداة الحادثة وفي الأيّام التي تلت كان مسؤولون من "الشاباك" يهاتفون خال الضحيّة وأفراداً آخرين من العائلة ليعبّروا عن أسفهم لمقتله ويطالبوهم في المقابل أن يسلّموا "المطلوب" محمد أبو عرب خال الضحيّة بزعم أنّه مشتبه به بإطلاق رصاص نحو جنود خلال مظاهرة جرت مقابل مدخل البيرة. في اللّيلة التالية لمقتل أحمد عبده اعتقل الجيش أربعة من أبناء أخواله وأجرى جنود تفتيشاً في منازل أنسباء الخال ومنازل جيرانهم وألقوا قنابل صوت في ساحات المنازل، كما اعتقلوا ابن أحد الأنسباء وهو فتىً في الـ17 من عمره".
وتابع: "زعمت شرطة حرس الحدود أنّ أحمد عبده كان "متعاوناً مع مطلوب" وأنّه قُتل أثناء عمليّة اعتقاله. لكنّ تسلسُل ملابسات مقتله يدلّ على أنّ عناصر الشرطة لم يقوموا بأيّة محاولة لاعتقاله بل قتلوه برصاصهم فوراً بعد أن خرجوا من مركبتهم؛ وحتى بيان شرطة حرس الحدود لم يذكر بتاتاً أنّ أحمد عبده شكّل خطراً من أيّ نوعٍ كان على أيّ من العناصر ولم يقدّم البيان أيّ تفسير لاستخدام النيران الفتّاكة. إطلاق النيران الفتّاكة على شخص يجلس داخل سيّارته وحتى دون محاولة لاعتقاله لا يمكن أن يسمّى "عمليّة اعتقال" بل إنّه اغتيال".
أدناه يحدّث وهيب مجادبة (33 عاماً) وهو يقيم مع زوجته وأولادهما الأربعة في بناية مقابلة للمكان الذي أوقف فيه أحمد عبده سيّارته - من إفادة أدلى بها أمام باحث بتسيلم الميدانيّ إياد حدّاد في 25.5.21:
نحو السّاعة 4:30 من فجر يوم الثلاثاء الموافق 25.5.21 وفيما كنّا نائمين أنا وزوجتي وأولادنا الأربعة الصّغار أيقظني صوت إطلاق رصاص. سمعت ثلاث طلقات وربّما كان قد أطلق أكثر من ذلك ولم أسمع فقد كنت مستيقظاً لتوّي وغير متنبّه تماماً. نظرت عبر النافذة فرأيت شخصاً مستلقياً قرب الرّصيف إلى يمين سيّارة زرقاء ويقف حوله ثلاثة أو أربعة جنود كانوا يروحون ويجيئون بينه وبين السيّارة التي أتوا فيها وكانت متوقّفة في الشارع خلف السيّارة الزرقاء وتعترض طريقها. اتّصلت فوراً بالهلال الأحمر وأبلغتهم عن وجود شخص مصاب. أنهيت المحادثة وفي اللّحظة نفسها عُدت ونظرت إلى الشارع عبر النافذة فشاهدت الجنود يغادرون المكان في سيّارتهم وقد تركوا المصاب ملقىً على الأرض.
خرجت فوراً إلى حيث المُصاب وهو شخص لا أعرفه وقد بدا لي أنّه في العشرينيّات من عمره. كان يلفظ أنفاسه الأخيرة. شهق شهقة أخيرة وحرّك شفتيه قليلاً ثمّ استرخى جسده تماماً. رأيت دمه ينزف من منطقة الكتف لكنّني خشية أن أسبّب له ضرراً لم أحرّكه لكي أرى موضع الإصابة بالضّبط. وبصفتي أعمل ممرّضاً أمسكت يده وفحصت النبض لكنّني لم أستشعر نبضاً فخمّنت أنّه في النّزع الأخير. كان ذلك بعد إطلاق الرّصاص عليه بدقيقتين تقريباً. بعد مضيّ خمس دقائق هاتفت الهلال الأحمر مرّة أخرى. قلت لهم إنّهم تأخّروا وإنّ عليهم الوصول فوراً لأنّ الشاب يُصارع الموت. جاءت سيّارة الإسعاف بعد أن مضى رُبع السّاعة على إطلاق الرّصاص ونقلت الشابّ من الموقع.
كان باب السيّارة من جهة السّائق مفتوحاً وقد رأيت علامات إصابة أربع رصاصات داخل السيّارة. لاحقاً علمت عبر مواقع التواصُل الاجتماعي أنّ الشابّ قد فارق الحياة قبل وصوله إلى المستشفى.
أدناه يحدّث خال الضحيّة، أيمن أبو عرب (49 عاماً) عمّا حدث بعد أن علم في الصّباح بمقتل ابن أخته - من إفادة أدلى بها في 26.5.21 أمام باحث بتسيلم الميدانيّ إياد حدّاد:
في السّابعة صباحاً هاتفني شخص من "الشاباك" اسمه كابتن حلبي. أنا أعرفه من قبل لأنّه قد سبق أن اعتقلتني إسرائيل وقضيت أكثر من عشر سنوات في السّجون الإسرائيليّة. عبّر حلبي عن أسفه لما حدث فقلت له إنّني لا أفهم كيف قاموا بهذه الفعلة وقتلوا شخصاً لم يرتكب أيّ ذنب. أجابني أنّ أحمد ساعد أخي محمد زاعماً أنّ محمد "مطلوب" لإسرائيل. فقط بعد ذلك علمت أنّ محمد مشتبه به بإطلاق رصاص نحو جنود خلال مظاهرة جرت قرب مستوطنة "بيت إيل". أغضبني جواب الكابتن حلبي فواصلت النقاش معه حول مقتل أحمد. اعتذر مرّة أخرى وطلب أن يسلّم محمد نفسه قلت إنني سأتحدّث مع محمد فقط بعد مضيّ أيّام الحداد الثلاثة.
كان ابن أختي شابّاً لا تزال حياته كلّها أمامه. كان مهذّباً خلوقاً ومؤمناً، أحبّ الناس وأحبّوه بالمثل. وكان مثل كلّ الشباب في سنّه يحلم أن يتزوّج ويقيم عائلة وقد خطب عروساً وكان يُفترض أن يتزوّج في الصّيف بعد إتمام بناء منزله في مخيّم الأمعري للّاجئين.
كان يعمل موظّفاً في بلديّة البيرة لكنّه استقال بسبب الرّاتب المتدنّي وبدأ العمل في مخبز يعود لعائلة عروسه. كان دائماً يطلب منّي أن أجد له عملاً إضافيّاً لأنّه أراد أن يتمّ بناء منزله في أسرع وقت ممكن وأن يوفّر تكاليف العُرس. لكنّ إسرائيل اجتثّت حُلمه وسرقت الفرحة من عروسه.