بقلم: د. صبري صيدم
ما أن نشرت بعض المصادر هذا العنوان خلال العدوان الأخير على غزة، حتى انتشر كالنار في الهشيم..
البعض نفى الخبر والبعض الآخر أكده، إلى أن جاء الرد القاطع من المصدر، لينفي الأمر جملة وتفصيلا، ويؤكد المصدر ذاته على استحالة وقوع الأمر، ورفضه لمجرد التفكير به، والتزامه بعدالة القضية ومحبة فلسطين، وهو ما لا يمكن أن يسمح بأمر كهذا.
وعليه انتهت القصة بعد أيام من تداولها وأوقف الناس الحديث عنها، إلى حد غيابها شبه التام عن منصات الإعلام الاجتماعي.
لكن تسارع المواقف التطبيعية مع دولة الاحتلال الصهيوني من قبل البعض، وتزامن ذلك مع خطوات انزلاقية خطيرة ومتسارعة وغير مفهومة، تجعل من بشاعة تلك الخطوات أمراً يفوق بشاعة القصف لو أنه حدث. فقصف أواصر الترابط مع فلسطين معنوياً، وإهانة أهلها وطلاق التاريخ الطويل معها، والمستند إلى التعاطف والأُخوة والدعم، خاصة أثناء وعقب استمرار المعركة الأخيرة، لا يجعل من ظاهرة الخطوات التطبيعية المارثونية أمراً مقبولاً ولا مستساغاً، حتى إن رافقه ضغط إعلامي ترويجي كبير، ودعمته منصات إعلامية كثيرة، ووفرت له إسرائيل مساحات ومساحات للتهليل.
المفارقة أيضاً أن التجربة الأخيرة التي شهدت صحوة عربية ودولية تجاه فلسطين، وأدت إلى انقلاب ضخم في الرأي العام العالمي لصالحها، كان من المفترض أن تشكل وازعاً مهماً لمراجعة الذات والمواقف والالتزامات.
لكن ما حصل من عدوان إنما شكل للبعض فرصة مستفحلة للإيغال في التطبيع، في مشهد سيريالي يشوبه التصنع والادعاء، لما يحمله من تظاهر بالحب واستماتة بالابتذال والتزلف وإهانة الذات، خاصة أمام عظام الـ67 طفلاً وعشرات النساء الذين طحنتهم صواريخ إسرائيل ودمارها الذي أوقعته.
إن ما حدث ويحدث من تطبيع، إنما جاء مناقضاً لما توقعه الجميع تماماً، وبصورة فيها اختلاق لخطوات لافتة وغير اعتيادية في التطبيع، بغرض لفت الانتباه وإعطاء الهالة الإعلامية المصاحبة «لفانتازيا» التساوق، مع فكرة توفير فرصة لنجاح وقبول مفهوم التطبيع من قبل الناس العاديين.
لا يا سادة.. فالتطبيع ومهما تعددت قفزاته وتقليعاته لن ينجح بعد اليوم، إذ لن تتمكن أي ماكنة إعلامية، مهما بلغت من الحصافة والقدرة والحضور، في أن تجعل منه أمراً مقبولاً. كما أن وقع التطبيع على الفلسطيني هو أنكى وأكثر إيلاماً من وقع المدافع العربية، إضافة إلى أن التمادي فيه، إنما هو أكثر فداحة من قصف غزة، أو أي من مدن فلسطين الأبية بطائرات العرب وقذائفهم.
الأمل أن تساهم الدماء الفلسطينية المسالة اليوم، وكل يوم في حقن دماء المطبعين ذات يوم بشيء من الحياء، حتى يخجلوا ويتراجعوا قبل أن يلقي بهم التاريخ في مزابله!