بقلم: الدكتور سهيل الاحمد
السعادة وحصول المحبة والراحة وثبوت ذلك من خلال النظر حال موقفك في ابتهاجك، وتمام رونقك بظهور ابتسامتك، وبيان تعاستك وشقائك من طبع تصرفك في رد فعلك، ويتحقق حزنك أو غمك وكذلك همك من خلال الملامح الظاهرة في نزول دمعتك، فلا استمرار لأي منهما ولا اعتراض على أي منهما، ولا مقتًا أو بغضًا لكل منهما؛ لأن دوام الحال من المحال، ولأن لكل مقام وشأن مقالًا، وهذا حتى ينضبط المرء في انفعالاته بلا مزاجية ظاهرة أو تقلب حال، إذ المستحسن والمعروف وكذلك المعهود والمألوف؛ أن الطبع البشري الخالص يعتريه الأمران ويلاصقه الوضعان، ويمازجه الحالان؛ حال البسمة وحال الدمعة، وكل بسمة تحل بالإنسان لها نهاية، ونهاية بسمته دمعة، وكل دمعة تحل به كذلك لها نهاية، ونهاية دمعته البسمة، وهذا من تمام السعادة والرحمة. فالحياة التي خلقها الله تعالى وابتلى الناس بالعمل فيها وأوجد للبشرية أسباب الارتقاء والبناء، وعوامل السعادة والشقاء؛ ما هي إلا بداية ونهاية وسعادة وهم، وراحة وغم، ودمعة وبسمة ونعمة ونقمة، فإن أصابتك إحداهما فنصيبك من الأخرى قادم لا محالة، وهذا وضع الحال وانضباط المقال، وأمر واقع محدد ومقدر لك في صفحة القضاء والقدر، ومعلوم لمن فهم أمر اختباره من أصناف البشر، وكان قد عرف طبيعة الابتلاء المقصود وكيف يتعامل مع المتغيرات والتقلبات في الحالات والصور، وقد أيقن أن أمر التعامل في الحياة مبني على الفهم والعمل والشعور وفق ذلك بالأمر المقدر والأمل. فيا أيها الإنسان وطن نفسك على طبعها أي النفس، وأعِنْ قلبك على الثبات على تقبلهما أي الحسنات والسيئات، بأمن واطمئنان وتعقل واتزان، لتعرف قدر نفسك وطبعها وما يتسبب لها بالسعادة، وما يحفظها من أن تكون للهم والحزن والشقاء والتعاسة منقادة، حتى يظهر أثرك في غيرك وتعرف أنت حال نفسك، وسعة صدرك، وتميّز خيرك - المفطور عليه- من شرّك.