بقلم: د. صبري صيدم
بامتناع عضوين من القائمة “العربية” الموحدة ورفض ستة أعضاء من القائمة العربية المشتركة، سجل الحب هدفاً مهماً وحاسماً في مرمى عنصرية إسرائيل، ليحسم العرب المترددون والعرب الحاسمون، ألماً استمر لأكثر من ثمانية عشر عاماً صعبة، حرم فيها الفلسطيني المتزوج من امرأة تحمل هوية إسرائيلية، حقه في لم شمل أسرته، فتشتت عائلات، ودمرت عائلات أخرى، وتأثر الآلاف من النساء والرجال والأطفال، كله بسبب عنصرية إسرائيل وخوفها من غلبة العرب ديمغرافياً على دولة الاحتلال.
هذا القانون الذي صدر عام 2003، وحافظت في مقابله كل الحكومات الإسرائيلية على تجديده كل ستة أشهر منذ ذلك العام، فجر من جديد نقاشاً كبيراً خلال الأيام الماضية، ليُعلن ومع الإعداد لهذا المقال، وفي وقت متأخر، وخلال النقاش المحتدم، عن وصول قائمة منصور عباس الإسلامية المعروفة بالقائمة الموحدة والمتحالفة مع الصهاينة في حكومتهم الجديدة، إلى اتفاق مع حزب ميرتس العضو أيضاً في الإئتلاف الحكومي الجديد، يقضي بتمديد العمل بالقانون البائس!
لكن المفارقة ليس فقط في موافقة حزب عربي على تمديد قانون عنصري ضد أبنائه، بل إن الحزب ذاته انقسم في موقفه فصوت اثنان من أعضائه بالامتناع، بينما صوتت القائمة العربية المشتركة ضد التجديد، ما سبب سقوط القانون المشؤوم وفشل اتفاق الموحدة – ميرتس.
خطوة الامتناع اعتبرها البعض من أعداء العرب، بمثابة الضربة التكتيكية التي ضمرها العرب في وجدانهم، ثم ما لبثوا أن سددوها في وقتها، فتسببوا في سقوط القانون. لكن البعض الآخر رآها بمثابة تعبيرٍ واضحٍ عن خلاف وتمرد داخل القائمة الموحدة ذاتها.
أياً كانت الأسباب فإن الصوت العربي الممتنع والمعارض، برهن عن نجاعة مهمة في هزيمة الصهاينة وتركيعهم، خاصة إن هم اتحدوا وتآلفوا واستعادوا تمتين وتمكين القائمة المشتركة.
في سياقٍ آخر وفي عالم كرة القدم، فما زال فريق برشلونة العريق، ومع كتابة هذا المقال مصممٌ على مواجهة الفريق الصهيوني المعروف بـ”بيتار القدس” على أرض فلسطين المحتلة، ليس فقط لكون مدرب برشلونة رونالد كومين هو شقيق إروين كومين مدرب الفريق العنصري المذكور، ولا لكون المباراة قد غُلفت بشعارات وهمية تسويقية كالسلام والإنسانية، بل أيضاً لما سيدفع مقابلها من مال ترويجي غير مسبوق.
هذا المال جعل نادي برشلونة على ما يبدو يتخلى عن اللعب مع فريق فياريال الفائز بلقب بطل الدوري الأوروبي في التاريخ ذاته، مقابل المباراة المزمعة مع فريق العنصرية الأول في العالم.
الفريق الذي استقدم ذات يوم لاعبين من البوسنة والشيشان، فلم يصمدا أمام حجم التحريض وهتافات الكراهية والحقد، وما تعرضا له من قبل مشجعي “بيتار القدس”، فقررا مغادرة النادي إلى غير رجعة، إنما هو الفريق ذاته الذي فكّر أحد المستثمرين العرب أمام نشوة التطبيع، لا أن يستثمر في فريق “هلال القدس” مثلاً، بل أن يستثمر في “بيتار القدس” نفسه، ليلفظه جمهور النادي، ويشتمونه ويستهزؤون بماله، إلى أن وصلت بهذا الجمهور الوقاحة ليتعرض للنبي الكريم محمد عليه أحسن الصلاة والتسليم، ويتنمرون أكثر فأكثر على العرب وثقافاتهم.
برشلونة مدعوة للتضحية بهذه المباراة، ليس فقط مراعاة لموقف مشجعيها من معظم دول العالم الحر، والالتزام بقرارات الفيفا، وقرارات الشرعية الدولية التي اعتبرت القدس محتلة، بل أيصاً انتصاراً لمئات الأطفال والنساء الذين سحقتهم قذائف إسرائيل وصواريخها في حروبها واجتياحاتها في غزة والضفة.
لقد سجل الحب هدفاً ثقيلاً في مرمى العنصرية على أمل أن تعود كرة القدم البرشلونية، إلى المرمى ذاته فتسجل هدفاً آخر ليكون الجازم الحاسم في معركة الإنسانية.