أريحا -معا- احتفلت جامعة الاستقلال، اليوم الخميس، بتخريج الفوج التاسع من طلبة البكالوريوس، والثالث من طلبة الدبلوم "فوج حي الشيخ جراح"، في حرم الجامعة بمدينة أريحا.
وحيّا رئيس الوزراء محمد اشتية الخريجين، الذين احتفلوا هذا العام دون ذويهم، الذين تغيبوا عن حفل التخرّج بسبب الظرف الاستثنائي المتمثل بجائحة "كورونا".
وخاطب الخريجين قائلًا: "تتخرجون اليوم ونحن نعبر ظروفًا سياسية صعبة، ونكافح لكي نعبر الظرف الصحي الاستثنائي، ومن الناحية الصحية نحن نتجه نحو المناعة المجتمعية بالتطعيم، ونحن نواجه تحولات جديدة في فيروس "كورونا" الذي يواجهه العالم مجتمعًا، ولذلك يسعدني أن إجراءات السلامة في هذا العام قد أخذت مجراها في حفل التخرج".
وعلى الصعيد السياسي، أوضح اشتية في كلمته أن الفلسطينيين يواجهون مجموعة من التحديات، يتمثل أولها في الإجراءات الإسرائيلية المجرمة على الأرض، من المصادرة وهدم البيوت والاستيطان والحصار على قطاع غزة، والحواجز العسكرية، وحصار القدس وتهويدها.
وأضاف، إن إسرائيل ورغم هذه الإجراءات التي تهدف إلى منع إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس، تعلم أن الفلسطيني إنسان صعب المراس وقادر على التحمل والمواجهة، مشددًا على أن "هذا البلد لن يبقى فيه إلا السكان الأصليون، وأن مصير المستوطنين إلى غياب وخروج من أرض فلسطين وهوائها ومائها".
وأشار رئيس الوزراء إلى أن التحدي الثاني يتجسد في الفراغ السياسي الذي يجب أن تملؤه مبادرة دولية من اللجنة الرباعية في أقرب وقت، خاصةً وأن هذا العام يكون قد مضى 30 عامًا على مؤتمر مدريد الذي عقد في تشرين الأول / أكتوبر 1990، وأطلقت بموجبه عملية السلام، موضحًا أن الذي يملأ الفراغ السياسي الآن هو وجودنا على الأرض وصمودنا عليها ووجودنا في الميدان.
أما التحدي الثالث حسب رئيس الوزراء، يتمثل بحرب غير المسبوقة يشنها الاحتلال الإسرائيلي على الرواية الفلسطينية، التي تتعرض لتزوير بشكل مستمر وتسمية الأشياء بمسميات غير أصلية، مضيفًا أنه يتوجب إعادة صياغة الرواية عن فلسطين وتعزيزها، فكل فرد من الشعب الفلسطيني لديه رواية وقصة معاناة إن كان عن ابن أو أخ شهيد أو أسير أو جريح، مستشهدًا في هذا السياق بتجربة بنازير أبو عطوان التي شكّلت نموذجًا في الوقوف إلى جانب شقيقها الأسير المحرر الغضنفر أبو عطوان في معركة الأمعاء الخاوية التي خاضها مؤخرًا.
وتابع اشتية أن التحدي الرابع يخص إنهاء الانقسام الداخلي البغيض، الذي حرمنا من مياه البحر الأبيض المتوسط على شواطئ غزة، وحرم أهلنا في قطاع غزة من الوصول إلى القدس، والذي منع أهل الساحل من أن يروا الجبل.
وشدد على أن هذا الانقسام يجب أن ينتهي بالحوار والاتفاق والانتخابات التي عطلها الاحتلال، مؤكدًا أن الحكومة ستبقى وفية لديمقراطية المجتمع الفلسطيني ولحرية التعبير، ليكون هذا المجتمع للجميع وليس حكرًا على أحد.
ونوه إلى أن عناصر الأجهزة الأمنية، وبالإضافة إلى كونهم حماة الوطن والمواطن، فهم حماة الحرية والفكر الحر، وأن لغة الحوار يجب أن تسود دائمًا بين كل مفاصل المجتمع الفلسطيني.
وطالب رئيس الوزراء الخريجين الذين انتقلوا إلى الحياة العملية، بخدمة المجتمع الفلسطيني بتواضع ودون استعلاء، مؤكدًا أن جامعة الاستقلال تعلّم الالتزام والانضباط واحترام الآخر وخدمة الناس والوطن.
وقال، إن الشهادة التي ستمنحونها اليوم، لا تعطي أحدًا حق التعالي على الآخرين، وهذه الشهادة تعطينا جرعة من التواضع ودفعة من أجل خدمة الأهل والمجتمع. كونوا قدوة ونموذجًا للمجتمع والشباب الفلسطيني، وكونوا إيجابيين وأصحاب مبادرة وسفراء لعقيدتكم التي تربيتم عليها، وهي حب الوطن وخدمة الإنسان والحرية والعدالة ووحدة الشعب وإنهاء الاحتلال والدولة المستقلة والقدس العاصمة وحق العودة للاجئين.
بدوره، أكد رئيس مجلس أمناء جامعة الاستقلال اللواء توفيق الطيراوي، أن الأمن نفهمه ونتعلمه ونمارسه في فلسطين، ويعني أمان الشعب والأرض والعرض وكل المقدسات، ويشمل الكرامة والعطاء والتضحية والفداء، وهو يعني أمان المؤسسة والقيادة والريادة والسيادة.
وأضاف: "أما حرية الرأي أو ما نقول عنها المعارضة، فهي حرية الرأي بالقول والكلمة والبرنامج والاحترام والبناء والحفاظ على الأرض والسيادة ومكونات هذا الشعب وإنجازاته، وحرية الرأي لا تعني توجيه الشتائم، وإنما بناء المؤسسات وتصويب ما هو خطأ".
وشدد على أن حرية الرأي تتمثل في أخذ رأي سديد وإعطائه للقيادة وللجميع، حتى تبني المعارضة والموالاة والحكومة والشعب الأمن للدولة الفلسطينية، وحتى يكون الهدف واحد وهو دحر الاحتلال، الأمر الذي يحتم التكامل وليس التصارع والتحارب.
وأشار إلى أن الإنجاز الأساسي يجب أن يكون ببناء المؤسسات والحفاظ على القيادة والشرعية والأرض والعرض، والتوحد على هدف واحد ببرامج متكاملة تطرحها الحكومة والمعارضة، وهو بناء وطن واحد ينعم بالحرية.
وأكد أن الشهداء الأبطال ارتقوا من أجل فلسطين والقدس وليس من أجل هذا الحزب أو ذاك، وأن الأسرى فقدوا حريتهم وناضلوا من أجل حرية فلسطين وشعبهم وليس من أجل حزب أو آخر، وهذا يدلل على أن شعب فلسطين يجب أن يكون في خندق واحد بآراء مختلفة متكاملة.
وطالب الطيراوي الخريجين بتقبل الرأي الآخر، وأضاف: "حافظوا على أهاليكم لأنهم ليسوا فقط الأب والأم، إنما هم كل شعب فلسطين، وأرضكم هي كل أرض فلسطين وقدسكم هي قدس فلسطين التي لا يوجد قدس غيرها".
من جانبه، قال رئيس الجامعة صالح أبو أصبع، إن مئات الطلبة يتخرجون وهم يحملون أملهم في خدمة وطنهم فلسطين، الذي يعاني من كابوس الاحتلال الإسرائيلي، ويتخرجون وهم يحملون اسم الاستقلال ويرنون إلى وطن حر وعاصمته الأبدية القدس الشريف.
وأضاف، إن هذا الاحتفال هو حصيلة جهد الطلبة والتزامهم، مطالبًا إياهم بخدمة أبناء شعبهم والعمل بتفان، واحترام أبناء شعبهم وتأدية الواجبات بتواضع وحب واحترام، وبالحفاظ عل كرامة المواطن وحريته.
وأردف أبو أصبع: "أنتم تحملون معكم وسم الاستقلال ويجب أن تحملوا معكم الأمل بالاستقلال والعمل من أجل إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ومعه يجب أن تحملوا معكم حلم العودة".
وألقت أروى أبو عون، الأولى على جامعة الاستقلال في تخصص علم الجريمة والقانون، كلمة فوج الخريجين، أشارت فيها إلى أن السنوات الأربع التي قضاها الطلبة في منازل العلم وطوابير العسكر، آتت أكلها وأثمر التعب في الاحتفال بالتخرج ورفع الشهادة الأكاديمية والرتبة العسكرية.
وقالت: "إننا وبعد هذه المعاناة أصبحنا جنودًا لهذا الوطن، ضباطًا وحماة لفلسطين، ونسأل المولى أن يعيننا على هذه المسؤولية وأن يمدنا بالقوة ويوفقنا لخدمة الوطن ويثبتنا على درب القائد الشهيد ياسر عرفات وخلفه الرئيس محمود عباس".
وعقب الكلمات، ردد الخريجون القسم العسكري لجامعة الاستقلال خلف النائب العسكري العميد ركن تيسير عبد الله، ثم قام رئيس الوزراء ورئيس مجلس أمناء الجامعة ورئيس الجامعة بتكريم الخريجين المتفوقين وأوائل الطلبة على الكليات.