بيت لحم- معا- وسط تصعيد إعلامي وتهديدات مستمرة، قدمت إيران شكوى رسمية ضد إسرائيل في مجلس الأمن الدولي، محذرة من أي مغامرة محتملة من قبل إسرائيل.
وقالت البعثة الإيرانية فيالأمم المتحدة، إنها تقدمت بخطاب شكوى ضد التهديدات الإسرائيلية لبرنامج طهران النووي، مؤكدة أن التهديدات الإسرائيلية تمثل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي.
ويأتي هذا في الوقت الذي تعهد فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن، عقب لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، بألا تمتلك إيران أسلحة نووية أبدا.
شكوى إيرانية
وأكدت سفيرة ومساعدة البعثة الدبلوماسية الدائمة لإيران في نيويورك على إرادة إيران الحازمة باستيفاء حقوقها المشروعة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، محذرة "الكيان الصهيوني" من مغبة أي خطأ في الحسابات أو خطوة مغامرة.
ووصفت التهديدات التي أطلقها وزير الجيش الإسرائيلي بشأن الهجوم على إيران وبرنامجها النووي بـ "الوقحة"، مؤكدة أن استهداف مركز نووي حساس مع احتمال كبير لتسرب المواد المشعة يعد عملا إجراميًا وإرهابيًا نوويًا وانتهاكا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة خاصة المادة 2 منه، ومثالا لخرق القوانين الدولية من قبل إسرائيل، وفقا لوكالة الأنباء الإيرانية.
وأكدت أن إسرائيل قامت خلال أقل من عامين بإجراءات مغامرة علنية وسرية من ضمنها استهداف العلماء والمراكز النووية الإيرانية والهجمات على السفن التجارية في المنطقة وكذلك بالطائرات المسيرة والجوية.
وأعلنت أن إيران تحتفط لنفسها بحقها الذاتي على أساس القوانين الدولية لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للحفاظ والدفاع عن مواطنيها ومصالحها ومنشآتها وسيادتها أمام أي "أعمال إرهابية أو تخريبية".
واعتبر صادق الموسوي، المحلل السياسي الإيراني، أن لجوء إيران لمجلس الأمن الدولي وتقديم شكوى ضد إسرائيل وممارستها بحق طهران، ما هي إلا لإثبات الحجة على إسرائيل.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك": "كل بقعة ومدينة في إسرائيل، تحت مرمى النيران الإيرانية مباشرة أو تحت مرمى نيران الحلفاء، وسبق وأن أكدت طهران أنها قادرة على مواجهة إسرائيل في البحر أو البر أو الجو".
ويرى أن "طلب إيران في مجلس الأمن ضد إسرائيل ليس له أي معنى أو ضرورة سوى إطلاع مجلس الأمن على التهديدات الإسرائيلية، حتى إذا أقدمت إيران على أي خطوة لا يكون لمجلس الأمن أي فرصة للتنديد، فسبق وأن قدمت إيران شكوى ولم تفعلوا أي شيء".
بدوره اعتبر مصطفى الطوسة، المحلل السياسي المقيم في فرنسا، أن "التصعيد الإسرائيلي الإيراني يمكن أن يذهب لحد الصدام ولفترة متشنجة، وربما إلى نوع من المواجهات الجديدة بين الإيرانيين والإسرائيليين".
وقال إن هناك مؤشرات غاضبة وممتعضة خرجت من عدة عواصم للقرار الدبلوماسي العالمي، عبرت عن خيبة أملها في أن الإيرانيين لم يعودوا إلى المفاوضات الإيرانية، فهناك غضب أوروبي من إيران حيث حملوها مسؤولية عدم العودة للمفاوضات، وكذلك تهديدات أمريكية تزامنت مع زيارة المسؤول الإسرائيلي إلى واشنطن.
ويرى الطوسة أن "هناك عدم رضى دولي على الأداء الإيراني، وتلاعب طهران بالأجندة التفاوضية، حيث تريد كل الأصوات من إيران العودة لطاولة المفاوضات وتجديد التزامها بالاتفاق النووي، وبلورة اتفاق جديد يرضي جميع الأطراف".
ويعتقد المحلل السياسي أن "العنصر الجديد الذي قد يغير من كل هذه المعادلة، هو ما يقع حاليا في أفغانستان والهزيمة العسكرية والرمزية التي يمنى بهاالجيش الأمريكيوالأداء الأمريكي هناك، وهذا يمكن أن يدفع الإدارة الأمريكية للجوء لمنطق آخر غير منطق التفاوض ومحاولة ممارسة أقصى الضغوط على الإدارة الإيرانية سواء كانت اقتصادية أو عسكرية، لجعلها تخضع لمنطق التفاوض".
وأضاف الطوسة: "نحن أمام مرحلة حساسة في علاقة إيران مع المجموعة الدولية وإسرائيل، بالرغم من بوادر المصالحة الإيرانية الخليجية هناك تشديد في المواقف العربية والخليجية من أن إيران يجب أن تقلم أظافرها وتخضع أنشطتها تحت المجهر الدولي".
وتابع: "هناك إرادة إسرائيلية مع اقتراب إيران لحيازتها السلاح النووي بدفع المجموعة الدولية لأن تقوم بكل ما في وسعها لمنع إيران من تحقيق الهدف الاستراتيجي، والذي من وجهة نظر الخليج والولايات المتحدة وإسرائيل ودول الاتحاد يهدد أمن واستقرار المنطقة".
وقدم رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت،للرئيس الأمريكيجو بايدن، خطة إسرائيلية لمواجهة إيران عبر تحقيق هدفين، الأول يركز على حصار إيران، والهدف الثاني منع طهران وبشكل دائم من إمكانية تطوير أسلحة نووية.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية تفاصيل الخطة عن مصدر دبلوماسي في الوفد المرافق لرئيس الحكومة الإسرائيلية خلال زيارته الحالية للولايات المتحدة، حيث تعتمد الخطة على تنفيذ عمليات عينية في إيران.
ووصف الدبلوماسي الإسرائيلي استراتيجية بينيت التي تم استعراضها أمام الرئيس الأمريكي، أنها "موت بأدوات كثيرة"، موضحا أنها "تعتمد على تنفيذ عمليات عينية في إيران بطرق متعددة وعبر مجموعات متنوعة، وذلك لكبح طهران عن تنفيذ برنامجها النووي، بدلا من تنفيذ هجوم عسكري دراماتيكي واسع النطاق".
وقال المسؤول الإسرائيلي: "يجب أن تكون نشيطا. تضايقهم طوال الوقت. حتى لو لم يكن الأمر مجرد صدفة".
ووفقا للمصدر، فإن الخطة التي قدمها بينيت للرئيس الأمريكي بمثابة حرب باردة، ومعناها "نحن الأمريكان سادة المنطقة، نحن دولة ديمقراطية قوية ونابضة بالحياة اقتصاديا، وإيران دولة فاسدة ذات نظام متعفن، مع فجوة كبيرة بين النظام ومواطنيه".
وأشار المصدر إلى أن "الوفد الإسرائيلي أكد معارضته للعودة إلىالاتفاق النووي الأصليلأنه لن يكون له نفس الأثر". وقال المصدر: "المعرفة ستبقى مع الإيرانيين لأن ست سنوات مرت بالفعل. الأمريكيون سوف يستنفدون قنوات دبلوماسية، لكن هناك خيارات أخرى بشأن إيران".
ونقلت هيئة البث عن المصدر الدبلوماسي الإسرائيلي، قوله إنه "لا يمكن القول إن الأجواء لدى واشنطن متفائلة بالتوصل إلى اتفاق نووي"، مضيفا بأن "الأمر يعتمد على إيران، في حين أن إسرائيل في جميع الأحوال ليست طرفا في الاتفاق".
وقال المصدر إن "إسرائيل قدمت طلبا لواشنطن لاتخاذ تدابير إضافية وفقا للخطة الشاملة التي صاغها بينيت في مكتبه بشأن قضية إيران"، مشيرا إلى أنه "لدينا طلبات ملموسة في مجال تعاظم النفوذ والتوغل الإيراني".