معا- "إذا أحببت شيئا بقوة فأطلق سراحه، فإن عاد فهو لك وإن لم يعد فإنه لم يكن لك منذ البداية"، كلنا يعرف هذا المثل الشهير.
وبالرغم من معرفتنا أن مضمونه ربما يساعدنا في بعض الأمور التي نمر بها في حياتنا؛ فإنه من الصعب ترك الأشياء التي نحبها بالفعل، فطبيعتنا البشرية تحثنا على أن نقاتل من أجل الأشياء التي تهمنا.
من ناحية أخرى، فإن التمسك بالأشياء والأشخاص الذين لم يعد بإمكاننا امتلاكهم ليس جيدا بالنسبة لنا. إنه يبقينا عالقين في ذكريات ماضينا ويمنعنا من ملاحظة وتقدير ما لدينا الآن.
ولكن كيف يمكننا التخلي عن كل الأشياء التي نميل إلى التشبث بها في الماضي مثل الغضب والحب والخوف وغيرها. وهل هناك فرق بين النساء والرجال في هذا الأمر؟ ومن منهما يستطيع التخلي أسرع؟
لماذا من الصعب التخلي عما كنا نملكه؟
تقول تشيكي ديفيس الاستشارية والكاتبة الحاصلة على الدكتوراه -في مقالها على موقع "سيكولوجي توداي" (Psychologytoday)- نحن البشر نحب حقا التمسك بالأشياء، حتى الأشياء التي نعرف أنها ضارة بنا.
ومن المحتمل أن يكون أحد الأسباب هو أننا نخاف من اكتشاف أنفسنا بعيدا عن علاقتنا بالشخص الذي نحبه والذي عشنا معه طويلا، أو إذا تركنا العمل -حتى الوظيفة التي نكرهها- قد نظن أننا لن نعرف أنفسنا جيدا بعد ذلك، وقد نفكر كثيرا في من سنكون أو كيف سنشعر إذا تركنا الأشياء والأشخاص التي اعتدنا عليها، والنتيجة أننا نتشبث بكل الأشياء الجيدة والسيئة في حياتنا، ونحن غير قادرين على ممارسة القبول والمضي قدما.
تضيف ديفيس أن أصعب ما في التخلي عن الماضي هو حينما نمر ببعض الأوقات الصعبة ونتمنى عودة أيامنا السعيدة من قبل، أو حينما نتوق لشخص أحببناه أن يعود إلى حياتنا مرة أخرى، أو حينما نفتقد صديقا جيدا ابتعد عنا.
النساء يمضين قدما أسرع من الرجال
دائما ما تكون مسائل الحب والانفصال معقدة، ويأخذ كل فرد وقته للمضي قدما مبتعدا عن الماضي. ومع ذلك، تشير الدراسات إلى أن حسرة القلب تؤثر على الرجال والنساء بشكل مختلف، ولكلا الجنسين طرق مختلفة للتعامل مع هذا الموقف.
يقول يانان وانغ -الكاتب بـ"واشنطن بوست" (Washingtonpost)- عندما يتعلق الأمر بالانفصال، فإننا نميل إلى الاعتقاد بأن النساء محطمات بينما يمضي الرجال قدما بسرعة. لكن دراسة أجراها باحثون بجامعة "بينغهامتون" (Binghamton) وجامعة "كوليدج لندن" (London’s Global) كشفت أن الانفصال يؤثر على الرجال أكثر من النساء.
وقد وجدت الدراسة -التي استطلعت آراء 5 آلاف و705 أشخاص في 96 دولة- أن النساء قد يشعرن بحزن شديد في نهاية العلاقة، لكن الرجال يتعرضون لصدمة عاطفية أكبر بمرور الوقت.
وطُلب من المشاركين في هذه الدراسة -التي نشرت في مجلة "العلوم السلوكية التطورية" (Evolutionary Behavioral Sciences)- تقييم الألم العاطفي والجسدي للانفصال على مقياس من 1 إلى 10.
وأشارت الدراسة إلى أن المرأة تتأثر سلبا أكثر من الناحيتين العاطفية والجسدية بانكسار القلب. وصنفت المشاركات "معاناتهن العاطفية" على أنها 6.84% بعد الانفصال، بينما كان الرقم 6.58% للرجال. علاوة على ذلك، صنفت النساء "ألمهن الجسدي" على أنه 4.21% في المتوسط والرجال 3.75%.
ومن المثير للاهتمام أنه بينما تعاني النساء أكثر على المستوى العاطفي والجسدي بعد الانفصال، إلا أنهن يملن أيضا إلى التعافي بشكل كامل والخروج أقوى من هذه التجربة.
وفي حين أن النساء يوجهن مشاعرهن بشكل بناء ويملن إلى فهم أنفسهن واحتياجاتهن من العلاقة بشكل أفضل؛ فإن الرجال لديهم طريقة مختلفة تماما للتعامل مع الموقف.
ووفقا للدراسة فإن الرجال لا يستفيدون شيئا أو قد يلجؤون إلى الكحول أو تعاطي المخدرات أو العنف، وهم أقل عرضة للتوصل إلى أي نوع من الإدراك الشخصي. حيث يشير البحث إلى أن الرجال يستغرقون وقتا أطول من النساء ويكافحون أكثر للمضي قدما.
يقول كريج موريس -عالم الأنثروبولوجيا وقائد الدراسة في المقال المنشور على "الواشنطن بوست" (The Washington Post)- "عندما ننتقل من الأرقام في الدراسة إلى القصص الفعلية، يمكنك أن ترى أن النساء يتحدثن بوضوح عن شيء ما في الماضي، لكن عندما تقرأ ردود الرجال، فلن تشعر أبدا بهذا الإحساس فالانفصال لديهم عبارة عن جرح دائم مفتوح، حتى لو كانوا متزوجين الآن ولديهم أحفاد".
ألم الرجال المستمر
يعزو موريس ألم الرجال المستمر إلى الثقافة العامة، ففي حين أن النساء عادة ما يكون لديهن أنظمة دعم اجتماعية قوية لتخطي الأوقات الصعبة، فمن النادر أن يعبر الرجال عن ضعفهم مع أصدقائهم.
يقول موريس، إذا ظهر رجل في إحدى الليالي وقال لأصدقائه جميعا أنا حزين نوعا ما ولن أستطيع اللعب معكم الليلة؛ فإنهم سيردون عليه "حسنا، نراك لاحقا".
ووفقا للدراسة فإنه من المثير للاهتمام أن فقدان الرجال لرفيقة جيدة قد لا "يضر" في البداية، ومع ذلك، فإنهم يبدؤون في الشعور بالألم بمجرد إدراكهم لخسارتهم التي لا يمكن تعويضها.
فيما يلي بعض النصائح لكيفية التخلي عن الأمور التي حدثت وانتهت في الماضي:
توقع الأفضل
عندما تتخلى عن شيء ما، حاول التفكير في الأشياء الجيدة التي ستأتي في المستقبل وتوقع الأفضل. إذا توقعنا الفشل، فمن المرجح أن نفشل.
التعاطف مع الذات
يمكن أن تكون ممارسة التعاطف مع الذات أداة مفيدة للمساعدة في التئام الجروح والمضي قدما بشكل فعال؛ لذا حاول أن تكون لطيفا مع نفسك، واغفر لنفسك أي أخطاء، وتقبل احتياجاتك كما هي.
ابتعد عن الخوف وكن متفائلا
عندما نكون خائفين وقلقين، غالبا ما نرى النتائج السيئة المحتملة فقط دون البحث عما يمكن أن يكون جيدا. حاول تغيير طريقة تفكيرك للتخلص من الخوف أو القلق واستبداله بالأمل أو التفاؤل.
الاستغناء عن الأشياء هو تحدٍ عقلي صعب بشكل مدهش. يستغرق الأمر وقتا وممارسة حتى تتقن التخلي عن الماضي والمضي قدما في حياتك بطرق تجعلك أكثر سعادة.