القدس - غزة - ديما دعنا - لا يزال الغزيون يحصدون آثار الجرائم الإسرائيلية بعد كل حرب عسكرية تفتك بالبشر والحجر والشجر، وأكثر من يحصد ثمار ممارساتهم اللإنسانية هم الأطفال والنساء والشيوخ العزل والآمنين في بيوتهم ، فهم الأكثر تضررا ومعاناة ؛ ولا تنتهي مأساتهم بانتهاء الحرب بل تبدأ إلى أجل غير مسمى باحثين عن العلاج فمنهم من يجد العلاج والبعض الآخر لا يزال يعاني من تشوهات وحروق لا علاج لها ، والطفلة يسرى والتي تسكن وعائلتها في حي المغازي في القطاع هي واحدة من الاطفال الذين لا زالوا يعانون من آثار حرب عام 2012 على قطاع غزة فقد كانت حينها تبلغ من العمر عاما واحدا وفقدت إحدى عينيها لتعيش بعين اصطناعية للأبد .
قصف مفاجئ
تقول والدة يسرى : كانت يسرى تلعب في باحة المنزل ونحن نقطف الزيتون ، وكانت الطائرة الإسرائيلية وتسمى " الزنانة " تحلق فوق سطح المنزل ، شعرت بالخوف وطلبت من أطفالي الدخول فورا إلى المنزل خوفا من قصف مفاجئ ، وبالفعل دخلت المنزل وإذ بالكهرباء تقطع فجأة ، ظننت أن احد أطفالي قد لعب بالكهرباء لكن ما هي إلا لحظات حتى قصف البيت فوق رؤوسنا وتحول كل شيء إلى ركام، أخذت اصرخ وأنادي على أطفالي العشرة ، ثم جاءتني ابنتي الكبرى تحمل يسرى بين يديها بعد ان انتشلتها من أنقاض المنزل؛ مغشيا عليها، تنزف من رأسها وفقدت إحدى عينيها فيما كانت طفلتي الثانية قد خرجت أحشائها ، وتم نقل الاثنتين إلى المستشفى.
صدمة وانهيار
وتضيف: لم أكن في وعي ، كنت اصرخ كالمجانين ، ولم أتوقف عن البكاء للحظة ، فكل شيء قد انهار ، وتم ايذاء أطفالي العزل ، وبعد أن هدأت الحرب بعد حوالي الأسبوع ، جاء ليسرى تحويلة للعلاج في أمريكا ، وبقيت هناك حوالي الأربعة شهور لتركيب عين اصطناعية مكان التي فقدتها ، ومن ثم عادت ، فرحت جدا لعلاجها حيث لم نكن نفرق أي عين قد فقدت ، لكن بعد خمس سنوات سقطت العين الاصطناعية من عين يسرى ولم تعد تجدي نفعا بسبب كبر حجم العين .
بحث عن علاج
وتتابع: ضاقت بنا السبل ، وتقطعت بنا الأسباب وأخذنا نبحث عن طبيب لعلاج يسرى من جديد حتى اقترحوا علينا الذهاب إلى مستشفى سانت جون للعيون في غزة، وبالفعل بدأوا في علاجها وتحويلها ما بين القطاع ومدينة القدس لاجراء العمليات، منذ أكثر من 3 سنوات.
أخدت ام يسرى تبكي على ابنتها وتشكي حجم التعب الملقى على عاتقها وتقول : تركت كل شيء ورائي أطفالي العشرة وزوجي من أجل علاج ابنتي في القدس ، حتى أن زوجي أصيب بجلطة ولم أكن بجانبه ، وابنتي الكبرى الطالبة في التوجيهي لم أوفر لها الجو الذي يناسبها للدراسة فقد كانت تعتني بوالدها واخوتها.
وتضيف : أشعر بالانهاك والتعب والتشتت، من التنقل والمواصلات والوحدة والغربة والخوف على ابنتي قبل العملية وبعدها ، فليس من السهل على الأم أن ترى ابنتها تتعذب ، فمنذ عام 2016 وهي تجري العمليات وفي كل مرة أشعر بالعجز وأتمنى لو أنني مكانها حتى أخفف عنها اوجاعها.
الرعاية الصحية
وعن الرعاية الصحية في المستشفى، أشارت أم يسرى إلى أنها تشعر وكأنها في بيتها، وابنتها في أيد أمينة يهتمون بها كأنهم عائلتها ويقدمون لها الكثير من الهدايا ، شاكرة لهم حسن رعايتهم واهتمامهم من إدارة وأطباء وطواقم تمريضية.