الكاتب اسيد منتصر
تمثل جزيرة سقطرى اليمنية الواقعة في المحيط الهندي حالة فريدة في كثير من الجوانب، بداية من نباتاتها الفريدة التي لا توجد في أي مكان آخر وهي تعد بالمئات، مرورا بوضعها الاستثنائي خلال الحروب الأهلية التي تشهدها اليمن، ومنها الحرب الحالية المتواصلة منذ سبع سنوات.
أُعلن أرخبيل سقطرى محافظة إدارية يمنية قبل نحو أربع سنوات، وهي كانت قبل ذلك تتبع محافظات يمنية جنوبية قبل الوحدة اليمنية وضمت إلى محافظات شمالية بعد حرب 1994م بين الجنوب والشمال والتي انتهت بانتصار الأخير.
على الرغم من مميزاتها الفريدة التي تؤهلها بحسب كثيرين ممن زاروها لتكون وجهة سياحية رئيسية في المنطقة إلا انها ظلت بعيدة الاستفادة من هذه المؤهلات طوال العقود الماضية.. مقصيه وخارج سياق التنمية وأي تطوير، وهو ما جعلها جزرا نائية تفتقد لأبسط أنواع الخدمات ناهيك عن المقومات التأهيلية للسياحة على الرغم من مقوماتها الطبيعية.
على عكس مناطق اليمن الأخرى التي تدور في معظمها حرب أهلية طاحنة، بقيت سقطرى بعيدة عن هذه الحرب، لكنها كانت ولاتزال محل حرب إعلامية وتغطيات صاخبة يرى أهلها أنها تأتي ضمن أجندات تحاول جرهم الى الصراع أو جر الحرب إلى ارضهم.
الشيخ غانم بن سعيد شيخ سقطرى في تريح خاص للموقع
اتهم من سماها بأحزاب إسلامية بالسعي لإعادة سقطرى الى سنوات التهميش والحرمان، وقال إن تلك الأحزاب تستغل آلتها الإعلامية لاستهداف سقطرى واهلها وتشوه الوضع فيها وتحاول تصويرها كأنها منطقة متوتر وهذا الكلام غير صحيح
وأضاف الشيخ غانم "نحن نعيش في أمن واستقرار وننعم بالخدمات والتنمية أكثر من أي وقت مضى، تلك الحملات الإعلامية معادية لكل أهل الجزيرة حتى أنهم يزعمون بوجود سياح إسرائيليين وهذا الكلام غير صحيح أبدا، لكنهم يسعون لإفشال أي انتعاش في قطاع السياحة تماما كما يسعون لجر الصراع الى سقطرى ولوقف عجلة التنمية فيها"
..
يعد التناول الإعلامي لسقطرى وما يجري فيها صورة واضحة جديدة عن مدى قدرة الماكينات الإعلامية الموجهة على تزييف الوقائع والاحداث وخداع الراي العام وتوجيه الصراعات بل وخلقها.
كل من زاروا سقطرى - وقد تحدثنا مع كثيرين منهم - وبينهم سياح من دول غربية نقلوا صورة مغايرة تماما، وتحدثوا عن استقرار أمني ونقلة في توفر الخدمات والطرقات والفنادق وان كانت محدودة العدد لكن الوضع بشكل عام أفضل بكثير مما كان عليه قبل خمس او ست سنوات، وفق ما أخبرني عدد من زاروا سقطرى عدة مرات وفي فترات مختلفة.
يتحدث أهالي الجزيرة عن أفضلية المرحلة الحالية مقارنة مع ما يصفونها بسنوات وعقود النسيان والإهمال التي عانوا منها، ويذهب كثيرون منهم الى القول بأنهم عاشوا خارج سياق العالم في عزلة ربما لامثيل لها في أي بقعة من العالم.
مؤخرا سمعنا كثيرا عن توجه سياح من إسرائيل إلى جزيرة سقطرى في إطار صب إعلامي كبير عن الصراع في الجزيرة أو بالأحرى عليها، وكان هذا الأمر لافتا ومحل سؤال وتدقيق من قبلنا.
تحدثنا مع صحفيين يمنيين للسؤال عن الامر وأكدوا أن تلك مجرد إشاعات، وللتحقق أكثر وصلنا إلى عدد من سكان وأهالي سقطرى منهم شيخ قبيلة وعدد ممن يعملون في مرافقة السياح كمرشدين لهم.
جميعهم أجمعوا انهم لم يصادفوا أي سائح من إسرائيل..
طرحنا كل تلك الأسئلة على مدير مكتب المحافظة محمد عبدالله
فأبدى اندهاشه لحجم ما سماه بالتضليل الواضح، وتشوية الوضع في سقطرى، واتهم صراحة حزب الإصلاح وهو الذراع اليمني لتنظيم الاخوان بالوقوف وراء تلك الحملات، وعبر عبدالله عن مخاوف حقيقية من أن تنجح تلك الحملات والتحريض المستمر في توجيه عناصر وتنظيمات الإرهاب الى سقطرى، مضيفا أنه تم رصد مؤشرات على ذلك.
الخشية من هجمات إرهابية يبدو أنها ولأول مرة تقلق الأمن في سقطرى، وتهدد كل مساعيها لتنشيط حركة السياحة، وتثبيت حالة الاستقرار الأمني الذي تنعم به، ويبدو ان الحملات الإعلامية المتتالية قد ولدت مثل هذه المخاوف بشكل واضح، كما أن هناك خشية من جر الصراعات والحروب الى سقطرى التي بقيت دائما في منأى عن تلك الحروب.