القدس- معا- حذر مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين من خطورة مشروع "التسوية الإسرائيلي"، الذي يهدف إلى تسجيل الأملاك والعقارات في القدس المحتلة، ودعا المواطنين الفلسطينيين إلى رفض التعاطي معه، مبيّناً أن هذا المشروع يهدف إلى الاستيلاء على أملاك المواطنين الفلسطينيين، بذريعة ما يسمى بقانون أملاك الغائبين، ويمثل جزءاً خطيراً من المخطط الاستعماري لضم المدينة المقدسة، والذي من شأنه تغيير طابع المدينة القانوني وتركيبتها، مما يؤدي إلى تهويدها.
فهذا المشروع يهدف إلى سرقة مزيد من الأرض الفلسطينية، وتقطيع أوصالها، وعزل مناطقها عن بعض، مؤكداً على أنّ الاستيطان جميعه غير شرعي وإلى زوال، ولن يتم السماح بشرعنة أي بناء استيطاني على الأرض الفلسطينية المحتلة.
وعلى صعيد التهويد الجاري على قدم وساق في القدس، ندد المجلس باستمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى المُبارك، وآخرها اقتحام أعداد كبيرة من المتطرفين له، وإقامتهم الطقوس الدينية اليهودية داخله، في خطوة استفزازية، وشدّد المجلس على رفض هذه الانتهاكات المدبرة والمحمية من سلطات الاحتلال وشرطتها، مؤكداً على أنّ المسجد الأقصى المبارك بكامله هو للمسلمين وحدهم، ولا يحق لأحد من غيرهم التدخل في شؤونه، مطالباً سلطات الاحتلال بالكف عن المس بالمسجد الأقصى المبارك، ولزوم احترام حرمته، داعياً الشعب الفلسطيني إلى شد الرحال إلى المسجد الأقصى، والنفير العام، وإعلان الرفض القاطع لاقتحامات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى التي تأتي في إطار الانتهاكات المتواصلة بحق المقدسات والمعالم الأثرية والتاريخية الفلسطينية، وسياسة الاحتلال الهادفة إلى فرض أمر واقع على الأرض، في محاولة فاشلة ومرفوضة لاستباحة كامل الأرض الفلسطينية، في ظل الاحتلال.
من جانب آخر؛ أدان المجلس قرارات سلطات الاحتلال المتكررة بإغلاق المسجد الإبراهيمي في الخليل، بحجة الأعياد اليهودية، مؤكداً على أن المسجد الإبراهيمي هو مسجد خالص للمسلمين وحدهم، ولا يحق لأحد من غيرهم التدخل في شؤونه، وأن سلطات الاحتلال بقراراتها وممارساتها هذه تخالف القوانين والأعراف الدولية، مناشداً العالم أجمع بضرورة التدخل لوقف هذه الاعتداءات العنصرية.
كما أدان المجلس الهجمة الاستيطانية ضد الأراضي الفلسطينية، والتي كان آخرها استيلاء سلطات الاحتلال على آلاف الدونمات من أراضي قرية كيسان في منطقة بيت لحم، مؤكداً على ضرورة التصدي للسرطان الاستيطاني الذي يتغلغل في الأراضي الفلسطينية كافة.
وفيما يتعلق بالأسرى البواسل؛ تقدم المجلس بأحر التعازي لأبناء شعبنا وذوي الأسير المحرر حسين مسالمة الذي استشهد بعد صراع مع المرض الذي أصابه أثناء اعتقاله في سجون الاحتلال الإسرائيلي بسبب جريمة الإهمال الطبي داخلها، حيث أمضى فيها 19 عاماً، مما يعني إضافة جريمة جديدة في مسلسل جرائم الإهمال الطبي المتعمد ضد أسرانا وارتكاب الأخطاء الطبية، ويشير ذلك إلى خطورة الأوضاع في سجون الاحتلال والمعتقلات الإسرائيلية، التي يتعرض فيها الأسرى الفلسطينيون إلى صنوف بشعة من القسوة وانتهاك حقوق الإنسان، من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، محملاً إياها المسؤولية الكاملة عن حياة المضربين عن الطعام في سجونها، داعياً إلى ضرورة تلبية حقوقهم الإنسانية والوقوف الدائم إلى جانبهم من أجل إيصال رسائلهم ومساندة حقهم في الحرية والعدالة والكرامة، ودعا المجتمع الدولي إلى التدخل من أجل الضغط على سلطات الاحتلال لوقف سياسة الإهمال الطبي، والإجراءات التعسفية وعمليات التنكيل التي تمارس ضد الأسرى الفلسطينيين، وضمان معاملتهم بموجب قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومحاسبتها على جرائمها واعتداءاتها على الأسرى الفلسطينيين في سجونها، وعلى حقوق الشعب الفلسطيني وممتلكاته.
ودعا المجلس أبناء الشعب الفلسطيني وفصائله جميعها إلى ضرورة رص الصفوف ونبذ الفرقة، وإلى الوحدة، لمواجهة العدوان، لأن الوحدة هي الصخرة التي تتحطم عليها قوى العدوان ومخططاته.
جاء ذلك خلال عقد جلسة المجلس (199)، برئاسة سماحة الشيخ محمد حسين، المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى، وتخلل الجلسة مناقشة المسائل الفقهية المدرجة على جدول أعمالها، وذلك بحضور أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس من مختلف محافظات الوطن.