السيدة نجلاء بودن دخلت التاريخ كأول رئيسة وزراء في العالم العربي.
هنالك شيء مشترك بينها وبين الرئيس الذي فاجئ العالم بتعيينها، هو ان الاثنين لم يكونا من فئة السياسيين التقليديين الذين يرشحون عادة لرئاسة الدولة او الحكومة.
الاثنان هبطا على تونس والتونسيين كهبوط نيزك مفاجئ.
الأول الذي هو الرئيس أتت به عفوية وعاطفة الشعب التونسي والتوق للتخلص من نمطية القديم لمصلحة تجربة الجديد، فصار زعيم أكبر حزب لم يتأسس اسمه حزب الناخبين، الذين حولوا صندوق الاقتراع الى حصن منيع فليس مألوفا ان يجبي رجل قيل عنه في البدايات انه كان مجهولا اعلى أصوات ليس في تونس وانما في العالم كله، ذلك بعد استثناء التسعات الأربعة التي كانت توضع في كثير من البلدان العربية كنتيجة مقررة للانتخابات الرئاسية قبل اجراءها.
الرئيس سعيّد ما يزال في عين العاصفة، وما يزال امام اختبار من قبل الملايين التي صوتت له، والتي تريد التأكد من انها كانت على حق.
ان تجربة الرئيس سعيّد منذ قراره خوض الانتخابات الرئاسية، وحتى الإجراءات الجراحية التي اتخذها مؤخرا والتي اختلف القوم عليها، تظل تحت اختبار يومي تحدد نتيجته الحاسمة والنهائية انتخابات رئاسية جديدة، فهي من سيعرّف بدقة مآلات التجربة .... هل هي انقاذ جاء في وقته ام مجازفة؟
حال رئيسة الوزراء "التاريخية" تشبه في جوانب عديدة منها حال رئيسها الذي جازف بتكليفها، فلو اقترح مائة اسم لتشكيل الحكومة في هذا الوضع العاصف، فلربما لم يكن اسمها من بين المقترحين، اما وقد سميت فسوف يكون وصفها في التاريخ كأول امرأة عربية ترأس حكومة، امراً ثانويا لأن ما سيتقدم عليه هو وصف الناجحة، وهذا ما ينبغي ان تضعه رئيسة الوزراء التاريخية في حسابها منذ اول يوم تبدأ به ممارسة عملها.
السيدة نجلاء التي استقطبت الأضواء منذ تسميتها لابد وانها تدرك كم من الأضواء الكاشفة سوف تسلط عليها، وكم من التقليديين الذين املوا ان يكونوا هم من يحظون بالمنصب سوف يتربصون بها، وفي زمن الانترنت فكل دقيقة في حياتها ستظل معروضة على الجمهور ووفق هوى كل من راهن عليها وكل من ظن ان الفرصة كانت له ولكنها آلت اليها.
المسافة بين رئيسة وزراء تاريخية ورئيسة وزراء ناجحة، طويلة ووعرة ومليئة بالصخور والحفر وحتى الألغام.
السلطة لا تحمي والصلاحيات حتى لو كانت دستورية لا تكفي، وهنالك امر وحيد يتقدم على السلطة والصلاحيات ويضع النتيجة هو النجاح، ولعلها صدفة ذات مغزى ان تأتي السيدة نجلاء أيام ذهاب السيدة ميركل، فكم نحن العرب بحاجة الى سيدة نتباهى بنجاحاتها، ونعيد للمرأة في مجتمعاتنا اعتبارها المستحق.