الخليل- تقرير معا- تشهد الأسواق ارتفاعاً ملحوظاً على السلع الغذائية بشكل عام والسلع الأساسية بشكل خاص، فعلى سبيل المثال ارتفع سعر شوال الطحين (50 كيلو) بنسبة تراوحت ما بين 7-8% على بعض الأصناف وخاصة المستورد، كما فرضت روسيا الاتحادية ضريبة صادرات جديدة على حبوب القمح تقدر بنحو 56 دولار أمريكي للطن الواحد، ليصبح سعر طن حبوب القمح 440 دولار بدل 260 دولار وهو ارتفاع بنسبة 100%.
في حين ارتفع سعر الزيوت النباتية بنحو 20% كما ارتفعت أسعار الحبوب بشكل عام بنحو 30% ولم يطرأ أي ارتفاع على أسعار الأرز، خلال هذه الفترة، على الرغم من المطالبة برفع سعر طن الأرز في مزارع كاليفورنيا الأمريكية بنحو 200 دولار للطن الواحد، وارتفعت اسعار السكر بنحو 8%، وشهدت الكثير من السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية ارتفاعات متفاوتة. وساهم ارتفاع اسعار المواد البلاستيكية المستخدمة في التغليف الغذائي، في رفع الأسعار.
وحذّر زياد السعيد رئيس نقابة تجارة المواد الغذائية في محافظة الخليل، من أن هذه الارتفاعات ستنعكس بشكل سلبي على بعض التجار الذين لن يتمكنوا من شراء بعض السلع وتوفيرها في السوق، نظراً لوجود شركات عالمية في الدول المنتجة تستحوذ عليها وتضع الاسعار و وقت التسليم الذي يناسبها، فعلى سبيل المثال.
كما قال السعيد:" كنا قبل جائحة كورونا نطلب الطلبية من الدول المنتجة وفي غضون شهر او أقل تكون البضاعة في مخازننا، واليوم نأخذ مواعيد لثلاثة أو أربعة أشهر للحصول على الطلبية، ولا يمكن لنا وضع سعر لبيع هذه السلعة الا بعد أن تصل الى مخازننا، وهناك مجازفات ومخاطرة عالية في ذلك على التاجر الفلسطيني الذي يعيش في ظروف اقتصادية وسياسية صعبة أصلاً".
ويعزي موردي وتجار المواد الغذائية هذه الارتفاعات الى الظلال القاتمة التي ألقتها جائحة كورونا على العالم في العام 2020، بحيث لم تعمل الكثير من الدول المنتجة بكامل طاقتها خلال تللك الفترة، وهذا ما أثر سلباً على تزويد الأسواق العالمية، كما ان ارتفاع أسعار الشحن عالميا، ساهم بشكل فعال في رفع الأسعار الأساسية ومدخلات الإنتاج، فعلى سبيل المثال كانت تكلفة نقل حاوية "كونتينر" السلع الغذائية من تايلند الى فلسطين يتراوح ما بين 1200-1300 دولار أمريكي، واصبح اليوم نحو 16000 دولار أمريكي.
وقال إبراهيم القاضي مدير حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني ، ان عام 2020 كان العمل بــ 30 % في كل مصانع العالم و وصلت في بعضها الى 50% فقط و حتى هذه اللحظة لم يعد الانتاج كما كان عليه قبل 2020.
وأوضح القاضي ان وزارة الاقتصاد الوطني وبهدف تخفيف الاعباء على المواطنين، تواصلت مع السفارة الفلسطينية في روسيا وسيتم التواصل مع الروس مباشرة لاخذ اعفاء من ضريبة الصادرات الروسية على طن القمح، ومساعدة الموردين على جلبه لاسواقنا الفلسطينية.
وتابع القاضي خلال حديث إذاعي لبرنامج "يصبحكم بالخير " الذي يقدمه الاعلامي رياض خميس ويبث عبر إذاعة الرابعة وفضائية معا :" ان الأزمة لدينا تأجلت لنهاية شهر سبتمبر ولم تبدأ كما بدأت في العالم، حيث بدأت في بعض الدول بشهر نوفمبر 2020، و بسبب حجم السوق الفلسطيني الصغير و وجود المخزون الاستراتيجي بمخازن تجارنا، لم نتأثر من ارتفاع الاسعار كما هو في باقي البلدان، وقد قاربت الاسعار القديمة على الانتهاء واليوم التجار يشترون بالاسعار الجديدة لذلك شعر المواطن من نهاية شهر سبتمبر الماضي الى هذا الشهر بارتفاع الاسعار".
من جانبه قال وسام الكردي أحد التجار البارزين في محافظة الخليل، ان الارتفاعات التي طرأت على السلع الغذائية، دفعت بالكثير من التجار وموردي هذه السلع للبحث عن بدائل لها من دول العالم، فعلى سبيل المثال الطحين الأوكراني تكلفة شحنه الى السوق الفلسطيني أعلى بكثيرة من تكلف شحن القمح التركي للسوق الفلسطيني.
وبيّن أن اسعار شوال الأرز (25 كيلو) تتراوح ما بين 125- 135 شيكل للشوال الواحد في الوقت الحالي، مؤكداً على ان المنافسة الشريفة بين موردي الأرز للسوق الفلسطيني تصب في مصلحة المستهلك من حيث السعر والجودة، كما ان هذه المنافسة تدفع بالكثير من الموردين والتجار لجلب منتجات ذات جودة عالية. وأكد على ان الموردين لسلعة الأرز ملتزمين بتوريده للسوق الفلسطيني طالما كان متوفراً عالميا وبذات السعر، اضافة الى ان شركة شقحة لا زالت ملتزمة بمنح المستهلك 10% مجانا من كمية الأرز الاسترالي التي يشتريها المستهلك.
وأردف بالقول:" بات من الواجب على المواطنين، الاقبال على شراء سلع بديلة وانا متأكد بأن هذه السلع التي يقوم تجارنا ومستوردينا بجلبها وتوفيرها في السوق الفلسطيني ذات جودة عالية، فعلى سبيل المثال شركة المطاحن الذهبية في رام الله، لم ترفع اسعار الطحين، وهناك ارتفاعات متفاوتة على أسعار الطحين المستورد، وعلى المواطنين الكرام التفكير ملياً في السلع التي يقومون بشراءها".
وتابع الكردي في حديثه:" تقع مسؤولية الأمن الغذائي على كاهل التجار، وأعرف تماماً بأنهم يعملون جاهدين على توفير السلع الأساسية بشكل استراتيجي في مخازنهم فمن واجبهم ومن مصلحتهم توفير السلع بشكل دائم، ولا داع للقلق".
وقال:" على الرغم من ارتفاع الأسعار للسلع بشكل متفاوت، نؤكد للمواطن بأن السلع متوفرة وبشكل كاف للجميع لتجاوز هذه الأزمة التي نأمل بان تنتهي سريعاً ، وعلينا ان نعلم جميعاً بان جميع الدول تعاني من ارتفاع الاسعار وليس نحن فقط في فلسطين، فقد بدأت في عدة دول، ودول العالم اليوم تخوض حرباً على توفير السلع الغذائية لمواطنيها، والحمد لله تجارنا قادرون على المشاركة في تلك الحرب وبحاجة لإسناد من الحكومة".
وطالب الكردي من الحكومة، بضرورة عقد اجتماع موسع لتدارس الأزمة الدولية في ارتفاع الاسعار، وتأثيرها على المواطن الفلسطيني، و وضع حلول لتخفيف وطأة هذه الأزمة علينا. داعيا في الوقت ذاته الجهات الرقابية على الأسواق لتكثيف عملها الميداني في مراقبة الأسواق والأسعار لحماية المواطنين.
من جانبه قال محمود ابو غربية مدير عام شركة ابو غربية للاستيراد والتسويق، ان اسعار الزيوت النباتية مرشحة للارتفاع خلال الفترة القادمة، مشيراً الى الارتفاع الذي سيطرً على اسعار الأرز الأمريكي، حيث يطالب المزارعون في ولاية كاليفورنيا الامريكية بزيادة 200 دولار على سعر الطن الواحد للأرز، اضافة لارتفاع تكلفة الشحن الدولي.
وقال:" من المرجح ان تستمر الاسعار في الارتفاع خلال الأشهر القادمة، وسيطال ذلك كافة السلع، ونأمل بأن تنتهي هذه الأزمة العالمية التي سؤثر بشكل سلبي على حياة المواطنين والدول، وعلى الحكومة ان تبادر لإسناد التجار والموردين، والغاء رسوم الجمارك على أقل تقدير".
كما أكد أوسام الأقرع مدير المبيعات في شركة مصانع الزيوت النباتية، على ان الارتفاعات لم يكن يتوقعها أي أحد، وكان يامل الجميع بأن تستقر الاسعار وتعود الى ما كنت عليه قبل جائحة كورونا.
وقال :" الأزمة بدأت قبل عام تقريباً، والزيوت النباتية ارتفع سعرها بسبب زيادة الطلب عليها من الدول المنتجة لها، حيث ارتفع الطلب على زيت دوار الشمس، ومنذ عدة أشهر والأسعار متذبذبة بخصوص الزيوت النباتية، وسيشعر المستهلك بذلك قريباً، وهذا الارتفاع في سعر الزيوت النباتية هو ارتفاع عالمي، بعد ان اصبحت سلعة أساسية لدى الكثير من الدول".
وأشار الى احتمالية ان تشهد الأسواق الفلسطينية خلال الأربع شهور القادمة نقصاً في كميات الزيوت النباتية، مع استمرار الارتفاع على سعرها.
وقال زياد السعيد رئيس نقابة تجارة المواد الغذائية في محافظه الخليل، ان الأزمة العالمية تعكس بظلال قاسية على المواطن الفلسطيني الذي يعاني من ظروف اقتصادية صعبة.
وأضاف:" على الحكومة الفلسطينية ممثلة بوزارة المالية و وزارة الاقتصاد و وزارة الزراعة، ان تجد حلولاً سريعة لحماية المواطنين من هذه الارتفاعات التي قد تشتد خلال العام القادم، والمؤشرات تشير الى ذلك، وعلى الحكومة دعم السلع الغذائية الأساسية، من خلال تخفيض او الغاء الرسوم الجمركية عليها، بهدف ضمان توريدها وتوفرها في السوق الوطني، والتقليل من المخاطر على التاجر".
وأشار السعيد الى ان ارتفاع الاسعار انسحب بشكل ملحوظ على أسعار الحبوب -حمص، فول، عدس، مفتول، البرغل، فاصولياء بيضاء... الخ- حيث ارتفع سعرها بنحو 30-36 %، وهذه الحبوب تعتبر من الوجبات الرئيسية للمواطن الفلسطيني خلال فصل الشتاء.
وشدد السعيد على ان تقوم الحكومة باتخاذ خطوات سريعة وعملية لحماية المواطنين وخاصة ذوي الدخل المحدود، ومساعدة التجار والموردين على تجاوز هذه الأزمة العالمية.