رام الله - معا- خلصت دراسة متخصصة نفذتها هيئة مكافحة الفساد بالتعاون والتنسيق مع مسؤولي وطواقم وزارة العدل، بهدف رصد مخاطر الفساد التي قد تؤثر على سلامة أداء ومخرجات عمل واداء الوزارة، كما توفر مجموعة من تدابير الوقاية الواجب اتخاذها بما ينعكس على تحسين جودة العمل والأداء والخدمات المقدمة للمواطنين، الى ضرورة تقييم إجراءات العمل في الوزارة بشكل دوري مع أهمية وجود أدلة عمل لجميع إجراءات الوزارة، وضرورة تفعيل العمل بالنظام الإلكتروني الجديد في الإدارة العامة للسجل العدلي، والذي سيقوم بربط عمليات إصدار شهادة عدم المحكومية وعمليات تصديق المعاملات المختلفة مع إيرادات الصندوق.
كما شددت الدراسة على أهمية إيلاء اهتمام من قبل مجلس الوزراء للهيكلية المقترحة لوزارة العدل، والاهتمام بتدريب الكوادر البشرية العاملة في الوزارة، وخاصة في المجالات والمستجدات القانونية وأشكال التزوير والتزييف الحديثة، وضرورة تفعيل عمل وحدة الرقابة الداخلية في الوزارة، والالتزام بالملاحظات الصادرة عن ديوان الرقابة المالية والإدارية، إضافة الى ضرورة تعيين مدير عام للإدارة العامة للطب الشرعي في الوزارة، و التأكد من أن الأطباء الشرعيين لا يمارسون أعمالاً أخرى بجانب عملهم في الإدارة العامة للطب الشرعي.
وقال معالي رئيس الهيئة الأستاذ، رائد رضوان،" تشـكل دراسـات تدابيـر النزاهـة والحوكمـة فـي الـوزارات والمؤسسـات مكونـا أساسـيا مكافحـة الفسـاد. ويتـم إعـداد هـذه الدراسـات فـي إطـار عمـل هيئـة مكافحـة الفسـاد، مـن خـال تطويـر التدابيـر اللازمة للوقايـة مـن جرائـم الفسـاد وتحديـث آليـات ووسـائل مكافحتهـا"، والدراســة التــي نضعهــا بيــن يــدي القــارئ بعنــوان "تدابيــر النزاهــة والحوكمــة فــي وزارة العــدل"، فـي صميـم اهتمامـات هيئـة مكافحـة الفسـاد.
وتابع رضوان :" هذه الدراسة تكتسـب أهميتهـا فـي أنهـا تسـلط الضـوء تعالـج موضوعـا علـى نقـاط الضعـف والثغـرات فـي وزارة العـدل التـي لهـا أهميتهـا الخاصـة، إذ تشـكل هـذه الـوزارة رئيســا من اركان قطــاع العدالــة فــي دولــة فلســطين، حيــث تســعى إلــى بنــاء مجتمــع يقــوم علــى قواعــد العدالـة والمســاواة، وحمايـة الحقـوق والحريـات، مـن خلال تعزيـز مبـدأ ســيادة القانـون، والمسـاهمة فـي صياغـة وإعـداد تشـريعات مراعيـة لحقـوق الإنسان، والفصـل بيـن السـلطات، واستقلال القضـاء، ونشــر الوعــي القانونــي للوصــول إلــى عدالــة ناجــزة.
وجاء اعداد هـذه الدراسـة فـي إطـار تنفيـذ الاستراتيجية الوطنيـة عبـر القطاعيـة لتعزيـز النزاهـة ومكافحـة الفســاد 2020-2022 وثمــرة التعــاون والتنســيق ما بين وزارة العــدل وهيئــة مكافحــة الفســاد، مــن خلال توقيـع مذكـرة تعـاون مشـتركة بينهمـا.
وشـارك فـي اعـداد هـذه الدراسـة طواقم متخصصة من وزارة العـدل ووحـدة التنسـيق المركـزي فـي وزارة الماليـة، إضافـة الـى طواقم وكوادر مهنية فـي الهيئـة.
وقال رضوان:” نحن على يقيـن أن توصيـات هـذه الدراسـة سـتأخذ طريقهـا إلـى التنفيـذ وأن تسـهم فـي تحصيـن وزارة العــدل ضــد الفســاد وتعزيــز الإجراءات الوقائيــة فيهــا، ورفــع مســتوى جــودة الخدمــات التــي تقدمهــا للمواطنيـن، وأن يحمـي حقوقهـم يسـاهم فـي تحقيـق العدالـة.
من جانبه قال وزير العدل، أ.د.محمد الشلايدة،: ان الحوكمـة تعتبـر أحـد أهـم الوسـائل والأساليب التـي تضمـن تحقيـق الإصلاح المنشـود وفقـا الدوليـة فـي الجهـاز الإداري للدولـة، مـن حيـث الفعاليـة والكفـاءة والامتثال للقوانيـن والأنظمة واللوائـح المعمـول بهـا، وذلـك مـن خلال ترسـيخ قيـم الشـفافية والمسـاءلة والنزاهـة والمشـاركة وسـيادة القانـون والعدالـة ومكافحـة الفسـاد باعتبارهـا مـن المبـادئ الأساسية لمفهـوم الحوكمـة، وهـو الأمر الـذي يتطلـب القيـام بالعديـد مـن الإصلاحات علـى الصعيـد المؤسسـاتي والتشـريعي مـن جهـة، والعمـل علـى رفـع القـدرات البشـرية والمؤسسـاتية، وكذلـك تغييـر نمـط الثقافـة والسـلوك السـائد فـي المؤسسـات الحكوميـة مـن جهـة أخـرى.
وأضاف:" تأتـي هـذه الدراسـة تنفيـذا لأهداف التنميـة المسـتدامة بعيـدة المـدى والمعتمـدة مـن قبـل الأمم المتحـدة عـام 2015م للفتـرة الممتـدة مـن 2016م إلـى 2030، ، والتزامـا من وزارة العـدل بالعمـل والتعـاون مــع كافــة الشــركاء علــى المســتوى الوطنــي لتحقيــق تلــك الأهداف، واســتجابة مــن الــوزارة لتعهــد الحكومـة الفلسـطينية بمواصلـة جهودهـا الإصلاحية باتجـاه نقلـة نوعيـة فـي عمـل المؤسسـات الحكوميـة مـن خلال إدمـاج مبـادئ الحوكمـة، لتصبـح أكثـر فعاليـة وكفـاءة وتلبيـة لاحتياجـات المواطـن باعتبـار ذلـك مـن المتطلبـات الأساسية لتحقيـق أهـداف التنميـة المسـتدامة.
وقدم الوزير الشلايدة شكره لطاقـم العمـل فـي وزارة العـدل وهيئـة مكافحـة الفسـاد وكل من ساهم وشارك في إعـداد هـذه الدراسـة الغنيـة.
ومن ضمن القضايا الرئيسية التي ركزت عليها الدراسة أهمية وضع دليل لإجراءات العمل أكثر وضوحا في دائرة الطب الشرعي، وعدم التهاون في العقوبات بخصوص المخالفات أو الأخطاء التي قد تحصل في الإدارة العامة للطب الشرعي، وتوفير الاحتياجات اللوجستية لعمل الإدارة العامة للطب الشرعي من أجل سرعة الإنجاز.
وشددت الدراسة على وجوب تطوير العمل في دائرة المعمل الجنائي؛ مثل تزويدها بأحدث التقنيات والأجهزة الخاصة بعملها، وزيادة كادر الإدارة العامة للشؤون المهنية والوسائل البديلة لحل المنازعات، وضرورة إعداد أنظمة إلكترونية لربط العمليات الداخلية في الإدارة العامة للشؤون المهنية والوسائل البديلة لحل المنازعات، مع التأكيد على ابرام اتفاقيات تعاون محلية واقليمية ودولية، للاستعانة بخبراتهم وإمكانياتهم في مجال الطب الشرعي.
وانطلقت أهمية الدراسة من ان قطاع العدالة بكافة مؤسساته (وزارة العدل، ومجلس القضاء الأعلى، والنيابة العامة، وديوان قاضي القضاة، والمحكمة الدستورية، وديوان الفتوى والتشريع، والمعهد القضائي الفلسطيني)، يُعد الأكثر تأثيراً على المواطن، لما له من دور في توفير الحماية للحقوق والحريات، ووضع حد لإساءة استخدام السلطة، والعمل على حل المنازعات، وتكمن مسؤولية قطاع العدالة الأساسية في إنفاذ القانون من خلال فرض النظام ومنع الجريمة ومراقبتها وتنفيذ عقوبتها. وحتى تتحقق العدالة المطلوبة ينبغي من جميع مؤسسات قطاع العدالة القيام بدورها ومهامها بكفاءة، من خلال خلق علاقة تكاملية بين هذه المؤسسات.
كما ان وزارة العدل تشكل ركن من أركان قطاع العدالة، حيث تسعى الوزارة للمساندة في بناء مجتمع يقوم على قواعد العدالة والمساواة، وحماية الحقوق والحريات؛ من خلال تعزيز مبدأ سيادة القانون، والمساهمة في صياغة وإعداد تشريعات مراعية لحقوق الإنسان، والفصل بين السلطات، واستقلال القضاء، وتقديم خدمات عدلية وقانونية بفاعلية، ونشر الوعي القانوني للوصول إلىعدالة ناجزة.
وتعتبر وزارة العدل من الوزارات التي تتواصل بشكل مباشر مع الجمهور من خلال مجموعة من الخدمات التي تقدمها ذات الحساسية العالية، والتي من أهمها التصديقات، والسجل العدلي، والتحكيم، والترجمة، والطب العدلي، وغيرها. إضافة إلى دورها في رفد خزينة الدولة بالأموال من خلال الرسوم التي تجبيها لقاء تقديم هذه الخدمات. من هنا أولت هيئة مكافحة الفساد، هذا القطاع أهمية كبيرة جداً، وعملت على توقيع خطط ومذكرات تفاهم مشتركة مع مؤسسات قطاع العدالة الفلسطيني، وعلى رأسها كانت وزارة العدل، حيث كان أحد بنود مذكرة التعاون المشتركة هو إعداد هذه الدراسة؛ التي تركز على تدابير النزاهة والحوكمة في وزارة العدل.
أهداف الدراسة:
وهدفت الدراسة الى تسليط الضوء على التدابير الوقائية بهدف استعراض نقاط الضعف والقوة في الإدارات العامة التالية: (الإدارة العامة للسجل العدلي، والإدارة العامة للطب العدلي والعمل الجنائي، الإدارة العامة للشؤون المهنية والوسائل البديلة لحل المنازعات) والتي تعتبر من أهم الإدارات في الوزارة، نظراً لصلتها المباشرة بالمواطنين، وتقديم خدمات جوهرية وحيوية لهم. بهدف وضع خطة لتعزيز النزاهة والحوكمة في الوزارة، وكشف الثغرات الإجرائية أو القانونية، وتحليل أثرها واحتمالية حدوثها، وصولاً لتوصيات وقائية من شأنها أن تعزز بيئة النزاهة والشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد بالوزارة.
منهجية الدراسة:
واستندت الدراسة الى منهجية عمل مستمدة من التعاون المشترك ما بين هيئة مكافحة الفساد ووزارة العدل، بهدف رصد مخاطر الفساد التي قد تؤثر على سلامة أداء ومخرجات الوزارة، وخروج بمجموعة من التوصيات والمقترحات الهادفة الى تعزيز الإجراءات الوقائية في الوزارة وتحصين موظفي الوزارة من الوقوع في شبهات الفساد ورفع ثقة المواطنين فيها، حيث تم تشكيل فرق مشتركة من طاقم هيئة مكافحة الفساد ووزارة المالية – وحدة التنسيق المركزي ووزارة العدل، اعتمد عمل هذه الفرق على قراءة ومراجعة التقارير السنوية الخاصة بالوزارة وتقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية، وعمل مقابلات مع أصحاب الاختصاص مع كل من إدارة السجل العدلي، والطب الشرعي والمعمل الجنائي، والشؤون المهنية والوسائل البديلة لحل المنازعات.
حدود الدراسة:
اقتصرت الحدود المكانية لهذه الدراسة في وزارة العدل في المحافظات الشمالية في دولة فلسطين، وتم استهداف ثلاث من الإدارات العامة سابقة الذكر في وزارة العدل، وذلك بالتنسيق والاتفاق بين هيئة مكافحة الفساد ووزارة العدل، تماشيا مع المنهاج العلمي في دراسات تدابير النزاهة والحوكمة. على الرغم أن الأطباء العاملين في الإدارة العامة للطب الشرعي ينتمون لنقابة الأطباء الفلسطينيين؛ الا أن هذه الدراسة لم تتطرق لإجراءات تعيين الأطباء أو حتى شروط الانتساب للنقابة.
ملخص النتائج:
وجاءت خلاصة الدراسة التي نفذت في إطار منهج جديد في عمل هيئة مكافحة الفساد في إطار التعاون مع الوزارات والمؤسسات التي تدير شأنا عاما، مع الاخذ بعين الاعتبار العديد من الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الوزارة في الإدارة العامة للسجل العدلي لعزيز النزاهة والشفافية في عملها؛ وتعزيز قيم النزاهة والتدابير الوقائية.
وتجسدت خلاصة الدراسة في الكشف عن بعض الثغرات ونقاط الضعف في هذه الإدارة العامة، أهمها، وجود ضعف في العديد من الإجراءات المتبعة لإصدار شهادة عدم المحكومية في دائرة عدم المحكومية، ذات أثر عالي على سلامة مخرجات هذه الدائرة، وان هناك ضعف في العديد من الإجراءات المتبعة في دائرة التصديق ذات أثر عالي على سلامة مخرجاتها. كما ان هناك العديد من نقاط الضعف والثغرات في الإدارة العامة للطب الشرعي والمعمل الجنائي، مثل غياب لمدير دائرة التشريح أو الطب الشرعي عام لهذه الدائرة، وقلة الكادر الوظيفي المتخصص بالطب الشرعي وتوزعهم جغرافيا في المحافظات الفلسطينية، وغياب لمدير دائرة المعمل الجنائي، وعدم استخدام أحدث الادوات التكنولوجية الخاصة بعمليات المعمل، وعدم توفر حماية للعينات التي تعتبر اساس لتقارير دائرة المعمل الجنائي، وان هناك غياب لمدير دائرة الشؤون الإدارية، عام لهذه الإدارة، وعدم وجود دليل إجراءات معتمد للإدارة العامة للطب الشرعي، ودوام بعض الاطباء الشرعيين كمحاضرين بالجامعات الفلسطينية.
كما ان هناك العديد من الثغرات ونقاط الضعف في الإدارة العامة للشؤون المهنية والوسائل البديلة لحل المنازعات والتي لها أثر عالي على سلامة مخرجاتها، أهمها: التوقف عن إصدار شهادات للخبراء لعدم وجود قانون خاص لإصدارها، هناك ضعف في الإجراءات المتبعة في حل الجمعيات الخيرية، والهيئات الأهلية – ذلك ان حل الجمعيات والهيئات وإجراءات التنبيه والانذار لها من صلاحية الدائرة المختصة في وزارة الداخلية بصفتها وزارة الاختصاص بتسجيل الجمعيات الخيرية والهيئات الاهلية وفقاً لقانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن الجمعيات الخيرية والهيئات الاهلية ولائحته التنفيذية رقم 9 لسنة 2003 .