غزة- معا -عقد المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين دورة اجتماعات، برئاسة الأمين العام نايف حواتمة، ناقش فيها القضايا المدرجة على جدول أعماله، والتقارير المقدمة من دوائر الاختصاص في اللجنة المركزية، واتخذ بشأنها القرارات اللازمة، وفي ختام أعماله أصدر بلاغاً سياسياً.
وثمّن المكتب السياسي ما شهده اليوم العالمي للتضامن مع شعبنا (29/11) من تقدم ملموس واتساع دائرة التأييد لحقوقنا الوطنية، كما يثمّن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعادة التأكيد على الحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا غير القابلة للتصرف، ويرى في هذه النتائج المهمة ثمرة من ثمار صمود شعبنا وثباته وتماسكه النضالي، وإصراره على مواجهة الاحتلال والاستيطان أياً كانت التضحيات.
وأسف المكتب السياسي أن لا يتم البناء على هذه التطورات الإيجابية الكبرى، ما يقتضيه من خطوات سياسية تعزز موقع قضيتنا في الميدان وفي المحافل الدولية.
ورأى أن من أسباب هذا التخلف حالة الانقسام المدمّر، التي ما زالت تشكل جرحاً نازفاً في الجسد الفلسطيني، وقيداً يكبّل قدرته على الفعل الجماعي. كما من أسباب هذا التخلف، انكفاء القيادة السياسية للسلطة وتراجعها عن قرارات الشرعية الفلسطينية (قرارات المجلس الوطني - 2018 – القرار القيادي الفلسطيني - 19/5/2020 – القرار الصادر عن اجتماع الأمناء العامين - 3/9/2020)، ورهانها على المفاوضات الثنائية، تحت رعاية الرباعية الدولية في إطار ما يسمى «حل الدولتين»، الأمر الذي غيّب المشروع الوطني لصالح بدائل وسيناريوهات، تقود إلى «الحل الاقتصادي»، كمشروع «تقليص الصراع» و«إجراءات بناء الثقة» في الضفة الفلسطينية، و«الأمن مقابل الغذاء» في قطاع غزة، بما تحمله هذه المشاريع من علامات مقلقة، ما أحدث تهميشاً للقضية الفلسطينية على الصعيد العربي لصالح تقدم خطوات التحالفات العربية – الإسرائيلية، بدعوى «التطبيع» في سياق مشروع «أبراهام»
كما ثمّن المكتب السياسي نهوض الحركة الشعبية في الضفة الفلسطينية (بما فيها القدس) وقطاع غزة، بتعبيراته المختلفة، إن في وجه الحصار الظالم والنضال لكسر حلقاته، أو في الأعمال البطولية الفردية التي تشهدها الضفة الفلسطينية، أو في بؤر المقاومة الشعبية في بيتا، وبيت دجن، وكفر قدوم، وغيرها الكثير من بلدات الريف الفلسطيني وقراه، حيث تدور معركة يومية ضد مشاريع الاستيطان والضم الزاحف ومحاولات تدمير البنية التحتية للقطاع الزراعي الفلسطيني.
وأكد المكتب السياسي أن الثغرة التي تعطل نمو هذا النهوض، واتساعه وإكسابه الشمولية في أنحاء المناطق الفلسطينية المختلفة كافة، هو تخلف القيادة الرسمية للسلطة الفلسطينية عن توفير الغطاء السياسي للحركة الشعبية، وغياب القيادة الوطنية الموحدة، التي تستنهض المقاومة الشعبية بكل أشكالها المتاحة بعناصر التطور والتقدم نحو انتفاضة شاملة، وعلى طريق العصيان الوطني، النموذج الفلسطيني الإبداعي لحرب الشعب طويلة الأمد.
ودعا المكتب السياسي إلى العمل على إنهاء الانقسام، وإنهاء التفرد بالقرار السياسي، وإنهاء سياسة تجاوز قرارات الشرعية الفلسطينية وانتهاكها، داعيا إلى حوار وطني شامل وذي مغزى، وعلى أعلى المستويات، تصدر عنه قرارات ملزمة، من شأنها أن توفر الشروط والظروف المناسبة لبناء استراتيجية وطنية شاملة، لإعادة بناء المؤسسات، ومواصلة معركة المجابهة اليومية للاحتلال والاستيطان.
وقال أن الدعوة للحوار، تكتسب أهمية مزدوجة هذه المرة، كونها تأتي عشية الدعوة لعقد مجلس مركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
واقترح المكتب السياسي اغتنام فرصة الدعوة للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية للتوافق على الخطوات العملية التي من شأنها أن تفتح أفقاً لإخراج النظام السياسي الفلسطيني من أزماته، وذلك من خلال:
1) توسيع عملية المجلس المركزي إنطلاقاً من عضويته الحالية بضم جميع الفصائل المؤسسة لـ م. ت. ف، إلى جانب حركتي حماس والجهاد.
2) يضع المجلس المركزي الجديد، بالتوافق، الاستراتيجية الوطنية الكفاحية الجديدة، وينتخب لجنة تنفيذية جديدة، تضم الجميع، تعمل على ترجمة الاستراتيجية المقرة، وبما يضمن الخروج من اتفاق أوسلو، والتحرر من قيوده، وسحب الاعتراف بإسرائيل، ووقف التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال، والتحرر من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي والغلاف الجمركي الموحد.
3) تشرف اللجنة التنفيذية، بالتوافق الوطني، على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تكون معنية بإعادة بناء المؤسسات في السلطة الفلسطينية.
4) بالتعاون بين اللجنة التنفيذية الجديدة ورئاسة المجلس الوطني الفلسطيني وحكومة الوحدة الوطنية، يتم تنظيم الانتخابات العامة، بنظام التمثيل النسبي الكامل، وفقاً لما تمَّ الاتفاق عليه إبّان إنعقاد جولتي الحوار الوطني الشامل في القاهرة في شباط (فبراير) وآذار (مارس) 2021.
ورحب المكتب السياسي بدعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، لاستئناف الحوار الوطني على أرض الجزائر الشقيقة، ويرى في هذه الدعوة تأكيداً للموقع الذي تحتله الجزائر على مدى عمر القضية الوطنية الفلسطينية، من موقع داعم ومساند لشعبنا ونضاله، كما يؤكد المكتب السياسي على ضرورة تغليب المصلحة الوطنية الفلسطينية على باقي المصالح، بحيث تتلاقى مساعي مصر والجزائر على إخراج نظامنا السياسي الفلسطيني من أزماته
ودان المكتب السياسي تغول سلطات الاحتلال، في قمعها لأبناء شعبنا وتنكيلها بالمواطنين عبر غزواتها الليلية للمدن والبلدات والقرى، والزجّ بالمئات في سجون الاحتلال، وإعدام المواطنين بالدم البارد. كما يدين هرولة أطراف إتفاق «أبراهام» نحو توسيع أطر التطبيع إلى تحالفات متعددة المحاور، تلحق الضرر بالقضية الفلسطينية وقضايا المنطقة وشعوبها. وفي ذلك السياق يدعو المكتب السياسي شعوبنا العربية وقواها السياسية والمجتمعية إلى تصعيد تحركاتها التضامنية مع أبناء شعبنا، عبر تصديها لكل أشكال التطبيع في بلادها، على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي والأكاديمي والرياضي والسياحي والفني وغيره ...،
وأكد المكتب السياسي أن تعميم تجربة «حركة المقاطعة» العالمية ((B.D.S. في أقطارنا العربية، بات أمراً ملحاً، ومن شأنه أن يوفر الأطر الوطنية الجامعة لاستنهاض أوسع حركة شعبية لمواجهة التطبيع وتداعياته، والضغط على حكوماتها لفرملة اندفاعاتها وانزلاقها نحو الوقوف مع دولة الاحتلال في الخندق المشترك، على حساب المصلحة القومية العليا لشعوبنا.
وتوجه المكتب السياسي بالتحية إلى الأقطار العربية الشقيقة التي ما زالت على وفائها للقضية الفلسطينية وتأكيدها على رفض كل أشكال التطبيع مع دولة الاحتلال، ونخص بالذكر، إلى جانب الأشقاء في الجزائر، والأشقاء في كل من العراق والكويت وتونس، فضلاً عن المواقف المبدئية الثابتة لكل من لبنان وسوريا .
وتوقف المكتب السياسي أمام ملف أبطال الحركة الأسيرة وقضاياهم، وأشاد بنضالهم المتواصل وتضحياتهم وثباتهم وإرادتهم الصلبة في مواجهة مصلحة السجون وإجراءاتها، كما أشاد بالأسرى المضربين عن الطعام، في معركة الأمعاء الخاوية، تمسكاً منهم بحقهم في الحرية، ورفضهم قوانين الاستبداد الإسرائيلي، ومنها قانون التوقيف والسجن الإداري. وأكد المكتب السياسي أن معارك «الحركة الأسيرة» في سجون الاحتلال باتت تشكل جبهة أخرى للمقاومة البطلة، سلاحها الرئيس وشبه الوحيد الإرادة الوطنية والأمعاء الخاوية.
ودعا المكتب السياسي إلى دعم هذه الجبهة وتعزيز تماسكها، من خلال صون وحدة الحركة الأسيرة، ورفض وإحباط محاولات مصلحة السجون للتمييز بين الأسرى أياً كانت الخلفية، ورفع وتيرة التضامن الشعبي معهم، ومع عائلاتهم اجتماعياً وسياسياً، ونقل قضيتهم إلى الدوائر العربية والإقليمية والدولية، والمؤسسات الإنسانية والقانونية وذات الاختصاص، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان، والجنائية الدولية، والعدالة الدولية، الأمر الذي يملي على الجاليات الفلسطينية بشكل خاص، والعربية والقوى الصديقة بشكل عام، العمل على إعلاء قضية الأسرى، بتنظيم المنتديات والمؤتمرات والاعتصامات، والدعاية الإعلامية، وطاولات المعلومات، بحيث ترتقي قضية الأسرى كقضية سياسية ونضالية وإنسانية إلى المستوى الذي يليق بها، وبما يسهم في كشف فاشية دولة الاحتلال ووحشيتها
كما توقف المكتب السياسي أمام تطورات قضايا اللاجئين وحقهم في العودة، وفي المقدمة قضايا تمويل وكالة الغوث (الأونروا) والانعكاسات السلبية لتقطع المانحين عن الوفاء بالتزاماتهم، في محاولات باتت مكشوفة لجرّ الوكالة إلى الرضوخ لتطبيق إطار العمل المشترك مع الولايات المتحدة، والاستجابة للضغوط الأوروبية، بما يطال نظام عمل الوكالة، وإعادة النظر بالمستفيدين من خدماتها، وحرمان الصف العريض من أبناء شعبنا اللاجئ من هذه الخدمات بدعاوى وادعاءات باطلة، تقود إلى تقليص دور الوكالة والإخلال بالتفويض الدولي المعطى لها بموجب القرار الأممي 302/4. كذلك حذّر المكتب السياسي من خطورة المس ببرامج التعليم الخاصة بالوكالة بذريعة «مكافحة الكراهية ونشر قيم التسامح الإنساني»، معتبراً تلك الخطوات محاولة جديدة لإعلاء السردية الصهيونية للقضية، والتعتيم على السردية الوطنية، وطمس معالمها وتجهيل الأجيال الفلسطينية الطالعة وفصلها قسراً عن قضاياها الوطنية، وتشويه شخصيتها الوطنية، كما توقف المكتب السياسي أمام الحقوق المشروعة للعاملين في وكالة الغوث، وجدّد تأييده لهذه الحقوق.
وأكد المكتب السياسي على ضرورة أن تضطلع منظمات الجبهة، في الأقاليم كافة، بدورها الريادي في تفعيل حركة اللاجئين، وتطوير أساليبها النضالية دفاعاً عن حقوق اللاجئين في خدمات الوكالة، وتعزيز دور الدول المضيفة في احترام الحقوق الإنسانية والاجتماعية للاجئين، ومواصلة الضغط لإخراج دائرة شؤون اللاجئين في م. ت. ف من الشرنقة التي تقيدها، لصالح الاضطلاع بدورها الميداني، وتجاوز كل مظاهر البيروقراطية في دوائرها، ومكاشفة جماهير اللاجئين بدورها وأداتها، وتقديم تقاريرها الدورية عن إنجازاتها وخططها، على غرار ما تقدمه وكالة الغوث، من موقع مسؤوليتها عن إحدى القضايا الكبرى التي تشكل محوراً رئيسياً من محاور نضالنا الوطني.
وناقش المكتب السياسي ملياً أوضاع شعبنا الفلسطيني في مناطق الـ48، بموجب التقارير المقدمة، عن التداعيات الكبرى، التي خلفها التحام شعبنا في الـ48 مع باقي التجمعات في الوطن والشتات في معركة القدس، وما تركته من آثار كبرى على أوضاع الكيان الإسرائيلي، بما فيها إعادة النظر بحساباته، لصالح تشديد القبضة الأمنية على أهلنا في إسرائيل، وبهدف تقويض إرادتهم الوطنية.
كما أكد المكتب السياسي أن محاولات الفصل بين الحقوق السياسية والمدنية والفردية من جهة، والحقوق القومية لأهلنا في الـ 48، من شأنها أن تعزز مشروع التذويب والأسرلة، وأن تساهم في القضاء على الشخصية الوطنية للفلسطينيين في إسرائيل، وفصلهم عن أبناء شعبهم في باقي جبهات النضال ضد المشروع الصهيوني الواحد.
وفي هذا السياق، أعاد المكتب السياسي التأكيد على ضرورة صون وحدة أهلنا في الـ48، وصون مشروعهم الوطني، وتوفير الآليات الوطنية من أجل الارتقاء بحالة النضال الوطني الجامع بين جناحي الوطن (48 + 67) والشتات، في ظل البرنامج الوطني المرحلي، وصولاً إلى صيغة نضالية تعزز وحدة شعبنا ووحدة قضيته ووحدة حقوقه، وتصون لكل تجمع خصوصيته الجغرافية والسياسية .
وتوجه المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين؛ بتحية الإكبار والإجلال لذكرى شهداء الجبهة وشهداء الوطن، مؤكداً أن ذكراهم والوفاء لها يشكل عاملاً رئيسياً من عوامل التعبئة الوطنية لصفوف المناضلين والتزامهم بقضايا شعبهم، حتى الفوز الأكيد بحق تقرير المصير، والدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران (يونيو) 1967، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 الذي يكفل لهم حقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها منذ العام 1948، وعلى الدوام بقيادة م. ت. ف الائتلافية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.