الناصر- معا- تقرير حياة حمدان- أعياد الميلاد في أراضي عام 48، لها أجواء متميزة كطبيعة فلسطين الخلابة بداخلها كبحرها وشجرها وأنهرها ومينائها وجبالها، فعند الحديث عن شهر الميلاد أول ما يخطر لنا مدينة الناصرة.
في هذا التقرير سنسلط الضوء على أجواء عيد الميلاد وتأثير جائحة كورونا على سير الاحتفالات في مدن شفا عمرو وحيفا والناصرة وقرية كفر ياسيف.
بلدية الناصرة: "بسبب كورونا تبنت الجمعيات المسيحية تنظيم الاحتفالات لهذا العام"
مدينة الناصرة تعتبر من أهم مدن فلسطين التاريخية وأهميتها بالنسبة للمسيحيين كأهمية مدينة الميلاد بيت لحم في الضفة الغربية، ففي الناصرة وحسب كتب الإنجيل بشر الملاك جبرائيل مريم العذراء بولادة المسيح عيسى عليه السلام واتخذت المدينة اسمها من تلك اللحظة، مدينة البشارة، التي فيها كنيسة البشارة مقصدا للحجيج من كل أنحاء العالم. يقدر عدد سكانها بـ100 ألف نسمة يشكل المسيحيون 30٪ منهم.
سالم شرارة الناطق الإعلامي لبلدية الناصرة قال: "هذا العام وبسبب استمرار كورونا فقد تبنت الجمعيات الخيرية المسيحية ومجالس الطوائف تنظيم حفلات عيد الميلاد لأننا كبلدية ورسميا لا نستطيع تنظيم الاحتفالات التزاما بقرارات حكومية، لكن التنسيق والإشراف يكون مع البلدية".
وتابع: "في الناصرة تم إضاءة شجرتي ميلاد الأولى للشرقيين في وسط المدينة بساحة كنيسة البشارة لشجرة طبيعية بطول ١٥ مترا ثم أضيئت شجرة الروم الأرثوذكس في كنيسة البشارة بطول ٣٠ مترا وكان هناك حضور بالآلاف".
ولعل أبرز فعاليات الميلاد في الناصرة والتي لفتت سكان المدينة، كانت إضاءة جبل القفزة لأول مرة بمشروع خاص لأحد الجهات بإشراف البلدية التي خصصت لهم مساحة معينة من الجبل لتنفيذ هذه الفعالية التي يتم التجول فيها بالمركبات لمشاهدة تماثيل الميلاد المضاءة والممرات وكل أشكال الزينة الموجودة.أما بالنسبة للتحضيرات لاستقبال عيد الميلاد حسب التقويم الشرقي، أشار شرارة إلى أنه "في الناصرة مسيرة عيد الميلاد التقليدية السنوية ننظمها منذ ٣٧ عاما ويشرف عليها مجلس موكب عيد الميلاد الخاص بالناصرة، ويقدر عدد حضورها في السابق ما بين 50 إلى 70 ألفا، هذه المسيرة تسير من جنوب المدينة إلى شمالها بحضور كل الفرق الكشفية وجمعيات وفرق دبكة وجوقة وسرايا ومجسمات تجسد ولادة المسيح، تصل الفرق واحدة تلو الأخرى ويكون رئيس البلدية ورجال الدين في الاستقبال وتلقى الكلمات وتطلق الألعاب النارية في ساحة كنيسة البشارة، وفي أسبوع العيد يزور رئيس البلدية والأعضاء المرافقون، الكنائس والمستشفيات وإدارات المدارس الأهلية لتقديم المعايدة في صورة تظهر التآخي الديني بين أبناء المدينة".
يذكر أن مئات الاحتفالات الجانبية للمؤسسات في المدينة تنظم فعالياتها الخاصة بعيد الميلاد ولعل أبرزها سوق الميلاد.
نيفين شاهين: "اختصرنا كثيرا من فعالياتنا لعيد الميلاد في حملتنا الخيرية بسبب كورونا"
وفي الحديث عن أجواء الميلاد في المدينة من وجهة نظر المواطنين قابلنا المواطنة نيفين شاهين التي قالت إن: "أجواء العيد لدينا في مدينة الناصرة مدينة البشارة مميزة ومهمة مثل أهمية مدينة الميلاد بيت لحم، وتبدأ أول شهر كانون الأول بالعادة، لدينا سوق الميلاد أيضا بفعالياته وأنشطته للأطفال والعائلات، وقد شاركت مع عائلتي في إضاءة شجرة الميلاد في المدينة وكانت الأجواء جميلة جدا وإقبال عالٍ وملحوظ من قبل السكان خاصة بعد حوالي عامين من الضغط والكبت بسبب كورونا فكنا مشتاقين جدا للمشاركة في أجواء العيد وعيش هذه اللحظات من جديد وبشكل وجاهي".يذكر أن نيفين هي من المؤسسين لحملة "مني الك" الخيرية التي مر على تأسيسها نحو 4 أعوام بمساعدة أهل الخير من المناطق المجاورة لها في الناصرة وكانت تستهدف بأنشطتها محافظة بيت لحم وفي موسم الأعياد كانت تنشط الحملة بفعالياتها. وحول هذا الموضوع قالت: "لقد كنا ننظم قبل كورونا شهرياً أنشطة خيرية تستهدف محافظة بيت لحم بمؤسساتها التي تعنى بالأطفال الأيتام والمسنين وذوي الإعاقة، هذه الأنشطة تكون بوجود المهرجين وسانتا ونرقص ونمرح مع المشاركين، إضافة لتوزيع الهدايا. وفي فترة بداية كورونا العام المنصرم لم نستطع الوصول لبيت لحم أما في فترة الأعياد حاولنا عمل أنشطة مفتوحة بالشوارع ولم نستطع زيارة مؤسسات داخل مبانيها تجنبا للتجمع والازدحام في أماكن مغلقة خوفا على سلامتنا وسلامة المنتفعين من حملتنا".
وتابعت: "هذا العام ما زال لدينا تردد بإقامة الأنشطة بسبب استمرار جائحة كورونا وستقتصر أنشطتنا لهذا العام على فعالية واحدة ستكون خلال الأيام القادمة في بيت لحم وتحديدا في بيت سانتا الموجود في شارع النجمة التاريخي مستهدفين بذلك أشخاصا من ذوي الإعاقة بفعاليات ترفيهية وتوزيع هدايا الميلاد".
عيد الأعياد في حيفا صورة للتآخي الديني
مدينة حيفا من أكبر وأهم مدن فلسطين التاريخية تقع على الساحل الشرقي للبحر المتوسط في شمال فلسطين، يقدر عدد سكانها بحوالي 320 ألف نسمة، ويشكل الفلسطينيون نسبة 12٪ منهم بعد أن هُجر الكثير منهم في نكبة عام 48 لتبقى غالبية المدينة من اليهود.
ويعيش المسلمون والمسيحيون بنسبة أعداد متساوية بين الفلسطينيين في حيفا، لذلك نرى التشارك بين أبناء الديانتين في الأفراح والأتراح بصورة كبيرة في هذه المدينة ولعل أيام الميلاد بفعالياتها تثبت ذلك.حسب رئيس كتلة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في بلدية حيفا رجا زعاترة، فإن شهر الميلاد له أجواء خاصة، فما يميز حيفا هو مهرجان عيد الأعياد الذي ينظم سنويا منذ 25 عاما على مدار شهر كانون الأول كاملا، والذي أخذ مسماه من أنه في سنوات سابقة كان عيد الأضحى أو الفطر المبارك يوافق في شهر الميلاد ذاته إضافة لأعياد الديانة اليهودية. في هذا المهرجان تكون العديد من الأنشطة الثقافية والعروض المسرحية التي تخص قصة ولادة المسيح وأمسيات موسيقية وتراتيل دينية ويكون موقع المهرجان في واد النسناس والحي الألماني في حدائق البهائيين وسط المدينة.
وتابع زعاترة: "في كل عام تنظم البلدية مهرجان عيد الأعياد لكن العام الماضي بسبب جائحة كورونا لم يُنظم المهرجان، أما هذا العام فنوعا ما عادت الأجواء للمدينة وأضيئت الشوارع والزينة في كل مكان ونظم مهرجان عيد الأعياد لكن ليس بفعاليات كبيرة وفقط في أماكن محدودة وليس بتنفيذ رسمي من البلدية بل من الكنائس نتيجة التقييدات الصحية والحكومية".وكانت الحركة السياحية في المدينة في فترة الأعياد نشطة جدا بعدد سياح أجانب من جنسيات مختلفة قدر عددهم بنحو 250 ألفا ما قبل كورونا، وهناك ضرر واسع على المدينة بمحالها التجارية والحركة الاقتصادية فيها، فالاحتفالات هذه السنة أفضل من العام الماضي ولكن الوضع الاقتصادي ليس أفضل شيء، كما يوجد غلاء معيشي حاليا في هذه الفترة وتحاول البلدية أن تكون أغلب فعاليات الأعياد مجانا للمشاركين.
وكان حفل إضاءة شجرة الميلاد بداية الشهر في كنيسة مار الياس للروم الكاثوليك بحضور رجال الدين ورئيس البلدية وكانت هذه الشجرة الرئيسة على مستوى الكنائس وحضر الحفل من كل الطوائف المسيحية وفي حدائق البهائيين وضعنا أيضا شجرة الميلاد إلى جانبها الهلال والشمعدان لإبراز التآخي الديني بالمدينة.وتحضيرا لعيد الميلاد حسب التقويم الغربي قال زعاترة: "سنكون على موعد يوم الخميس القادم بانطلاق مسيرة للحركات الكشفية العربية ومن المتوقع أن يشارك فيها الآلاف من المواطنين من كل أحياء حيفا، هذه المسيرة تنطلق عادة بطول نحو كيلومتر ونصف من منطقة تاريخية من وادي الصليب شرق حيفا مرورا بوادي النسناس وختاما في الحي الألماني في حدائق البهائيين وهناك تستعرض الفرق الكشفية معزوفاتها".
واختتم: "رسالتنا أن موسم الأعياد هو فرصة لتأكيد وجودنا كفلسطينيين عرب في المدينة ولا أحد يستطيع اقتلاعنا أو تجاهل وجودنا ونتمنى عاما سعيدا بزوال جائحة كورونا".إعادة إحياء السوق القديم فترة الميلاد في شفا عمرو من أبرز أجواء العيد
مدينة شفا عمرو من أكبر المدن الفلسطينية في الداخل المحتل، تقع وسط الجليل التحتي وشمال حيفا، يقدر عدد سكانها بـ٤٧ ألف نسمة ويشكل المسيحيون نسبة 18٪ من إجمالي عدد السكان، تعتبر مدينة سياحية ذات مواقع أثرية أبرزها قلعة ظاهر عمر الزيداني والمغر البيزنطية وفيها أيضا السور القديم وكانت مدينة مركزية للقرى المحيطة فيها بسوقها الكبير.
وحسب رئيس مجلس البلدة عرسان ياسين فبسبب جائحة كورونا لم تنظم البلدية فعاليات الميلاد أو تدعو لها بشكل رسمي بسبب الالتزام بالإجراءات الصحية من قبل الحكومة، لذلك كانت الكنائس في البلدة هي التي تدعو للفعاليات وتنظمها لكن البلدية تكون على إشراف ومتابعة فمثلا خصصت البلدية ميزانية لإنارة الأحياء وتنفذها من قبل عمالها منذ بداية شهر الميلاد، علما أن نحو 80٪ من السكان حصلوا على الجرعتين من لقاح كورونا ما شجع على مشاركتهم في الفعاليات.
وكان لإحياء السوق القديم في شفا عمرو في فترة أعياد الميلاد أثر على المواطنين، وتعليقا على ذلك قالت المواطنة ميري مطر: "أجواء العيد والاحتفالات لدنيا في شفا عمرو تتسم بالجمال والدفىء خصوصا بعد أن عملت البلدية على إعادة إحياء السوق القديم قبل كورونا بفترة عيد الميلاد حيث كانت تنظم الاحتفالات داخل السوق لكن دخول الكورونا على حياتنا أثر بشكل كبير فمثلا العام الماضي لم يكن هناك أي مظاهر للاحتفال وإضاءة الشجرة كانت عن بعد وبمشاركة رجال الدين فقط، شعرت حينها أن هناك شيء ينقصني، لكن نشكر الله أن هذا العام عادت الأجواء لطبيعتها التي لاحظناها في حفل إضاءة الشجرة في الرابع من كانون الأول في نفس توقيت إضاءة شجرة بيت لحم وكان هناك حضور كبير من أهالي البلدة بعد اشتياق لهذه الأجواء، وكل نهاية أسبوع هناك أمسيات للميلاد".
أما فيما يتعلق بغياب السياحة وعدم التمكن من السفر خارج البلاد تابعت ميري: "بلد الميلاد هي بيت لحم ودائما في فترة الميلاد نزور بيت لحم أنا وعائلتي، وبسبب كورونا وعدم مقدرتنا للسفر خارج البلد منحتنا فرصة للتعرف على بلادنا أكثر وأن نزور أماكن في الضفة الغربية لم نكن نفكر بزيارتها من قبل، فمثلا زرت هذا العام مدينة رام الله لأول مرة في حياتي وكانت الأجواء فيها لا تقل عن الأجواء الأوروبية واحببت الطبيعة فيها جدا".
ويوافق عيد البربارة في الـ17 من كانون الأول وهو عيد ديني وتاريخي وتقليدي تجتمع فيه العائلة على مائدة الطعام لتناول طبق البربارة الذي فيه يكون القمح مكون اساسي، شاركتنا ميري عاداتهم العائلية في هذا العيد قائلة: "عيد البربارة بالنسبة لنا هو مقدمة للكريسماس، العائلة تجتمع ونحضر معا طبق البربارة مع الحلويات لتزيينه، وفي آخر الجلسة يكون هناك وعاء فيه أسماء جميع أفراد العائلة وكل فرد يسحب ورقة وهكذا كل شخص منا يعرف لمن سيمنح هدية الميلاد أو ما يسمى بالسيكريت سانتا (سانتا السري) وفي يوم الميلاد نقدم الهدية ونعرف كل شخص من السانتا السري الخاص به ونتبادل الهدايا".
قرية كفر ياسيف أجواء يستمتع بها الصغار والكبار
تقع قرية كفر ياسيف في منطقة الجليل الغربي وشمال فلسطين ويقدر عدد سكانها بنحو 11 آلف نسمة، ونسبة المسيحيين فيها نحو 55٪ من عدد السكان.
وفي الحديث عن أجواء عيد الميلاد فيها قابلنا المواطنة روزين جريس وهي مصورة ومعلمة في التصوير الفوتوغرافي التي شاركتنا رأيها في أجواء قريتهم، وقالت: "مع بداية شهر الميلاد ترى كل شيء في القرية مضاءً، البيوت مزينة بالإضاءة الحارات والمحال التجارية والبنايات والشوارع، مثلا قبل أيام كانت كنيسة السيدة العذراء للروم الأرثوذكس قد نظمت فعاليات ليالي طفل المغارة التي استمرت 3 ليالٍ باحتفالات وأنشطة توعوية وتثقيفية للأطفال تخص قصة الميلاد، إضافة للأنشطة الترفيهية، وأيضا شاركنا في إضاءة الشجرة داخل الكنيسة ونحن على موعد قريب من افتتاح سوق الميلاد في ساحة أول آيار بالقرية والذي سيتسمر لـ3 أيام تكون فيه أكشاك للتسوق تحضيرا للعيد كالزينة والحلويات والألعاب، ويسعدني أن أرى كل الطوائف تشارك في فعاليات الميلاد والكل يد واحدة".
وتابعت: "عاداتنا وتقاليدنا في عيد البربارة مميزة وهو تقليد سنوي عائلي، فتحضر أمي القمح وكل مستحضرات الزينة ويزين كل فرد من العائلة صحنه بالزينة التي يحب، تدعوا والدتي اخوتي المتزوجين ليأتوا لتناول البربارة معنا في بيت العائلة فتكون اللمة جميلة بوجود الأحفاد اللذين يبدأون بالتساؤلات عن هذه المناسبة وعن طبق البربارة، ونحاول نحن الكبار وأمي سرد القصة الدينية والتاريخية لهذا العيد بطريقة يفهمها الأطفال ".
وأشارت روزين إلى أن: "تأثير كورونا كان كبيرا على صعيد مهنتي وحياتي اليومية، أصبحت أخاف أكثر على عائلتي وعلى الصحة بشكل عام، ومن ناحية مهنية خسرت لقاء طلابي الذي اعتدت عليه قبل كورونا فقد كنت أذهب وإياهم في جولات للتصوير خاصة في فترة فعاليات الميلاد والآن أفتقد هذه اللحظات كما يفتقدها طلابي الذين صادفتهم مؤخرا في أحد فعاليات العيد وعبروا لي عن مدى اشتياقهم لتلك الأيام متمنين أن تعود قريبا".
وعبرت عن أمنيتها بالعيد قائلة: "أتمنى أن يعم السلام على كل العالم والصحة وهداة البال للجميع وأن يتحلى الناس بالإيمان والصبر والإيجابية، كما وأتمنى أن تختفي كورونا من حياتنا وأن نعود لحياتنا الطبيعية وكل عام وأنتم بخير".