رام الله- معا- قالت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، إن الثورة الفلسطينية المعاصرة تدخل عامها الـ 57 بقوة واقتدار لا يقل عزما وإصرارا عما كان في وعي شعبنا الوطني الفردي والجمعي، وضمائر المناضلين الحرة، حيث تجسد في اللحظات التاريخية التي أطلقت فيها حركتنا الرائدة أنوار الثورة، وبمسيرة الكفاح والعمل الوطني الفدائي، والنضال بكل أشكاله منذ فجر اليوم الأول من كانون الثاني من العام 1965.
وأكدت الحركة في بيان لها، لمناسبة ذكرى الانطلاقة، المبادئ والأهداف الأساسية لحركة التحرر الوطني الفلسطيني، والتي كان للحركة شرف ريادتها وقيادتها، أسماها وأولها الحق التاريخي والطبيعي في أرض وطننا فلسطين، مضيفة أن الهدف من كفاحنا ونضالنا بالوسائل المشروعة المتفق عليها في القوانين الدولية هو انتزاع هذا الحق من القوى الاستعمارية التي أنشأت قاعدتها المتقدمة ووكيلها الاستيطاني الاحتلالي العنصري "إسرائيل"، فنحن نناضل لتأكيد هويتنا الوطنية الحضارية وتحرير أرضنا وشعبنا، وتحرير العالم من "خرافة صهيونية" كان سوادها سببا في نكبة شعبنا، وتعاظم وتيرة جرائم الحرب والمجازر التي ارتكبتها منظومة الاحتلال بحق شعبنا .
وشددت على أن انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة "انطلاقة حركة فتح" قبل 57 عاما، كانت ردا طبيعيا على المؤامرة الاستعمارية العالمية التي استهدفت وجوده وثقافته ومكونات هويته الوطنية، لافتة إلى أننا كشعب وحركة تحرر وطنية فلسطينية امتلكت قرارها الوطني المستقل، كنا ومازلنا العقبة الأساسية المانعة لاستكمال المشروع الاستعماري لأرض فلسطين والتمدد منها الى الأقطار العربية، وذلك بفضل تضحيات شعبنا، الذي شاركت شرائحه كافة في صياغة حالة ثورية وطنية كفاحية نوعية غير مسبوقة، أسست لما شهدناه من انتفاضات وهبات شعبية، كالانتفاضة الكبرى "الحجارة" عام 1987، وانتفاضة الأقصى عام 2000 انتصارا لمقدساتنا، والمقاومة الشعبية ضد الاحتلال الاسرائيلي ومشاريعه الاستيطانية، مقاومة شعبية نشهد أحداثها اليوم بكل فخر واعتزاز في كل انحاء الوطن، وتحديدا في القدس المحتلة، التي كانت ومازالت بمثابة الروح المقدسة لشعبنا العظيم والمبدع في تجسيد معاني الانتماء للوطن .
واستذكرت فتح شهداء الثورة الفلسطينية، الفلسطينيين منهم والعرب ومن أصدقاء شعبنا من جنسيات عديدة، والشهداء أعضاء اللجنة المركزية للحركة، ومن كل الأطر التنظيمية يمثلهم الرمز القائد الشهيد ياسر عرفات أبو عمار، كرمز للفدائي المناضل الذي كانت فلسطين نبض قلبه، وعمل من أجل تحريرها في كل لحظة من حياته، ما جعله رمزا يقتدى بكل فخر، ويجعل من مبدأ وموقع القيادة في حركتنا فرصة للعطاء بلا حدود وبإخلاص من أجل تحرير فلسطين كما أقسمنا.
وأكدت فتح وقوفها مع رئيس الحركة وقائد حركة التحرر الوطنية رئيس الشعب الفلسطيني محمود عباس فيما طرحه في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 أيلول/ سبتمبر الماضي، حيث نعتقد أننا بصدد الدخول في منعطف يؤدي لمرحلة نضالية جديدة، ارتكازا على حقنا التاريخي في أرض وطننا فلسطين، واستنادا الى قرارات الشرعية الدولية التي نحثها بهذه المناسبة على الانتصار لإرادتها وتطبيق قراراتها.
وذكرت أن شعبنا الفلسطيني أقوى ومعطاء أكثر من تفكير أي قوة استعمارية تعتقد بإمكانية إخضاعه أو إجباره على الاستسلام، أو تحويل نضاله من أجل تحرر وطني الى رفاهية اقتصادية مادية.
وشددت على أن القدس مفتاح السلام، وأنه لا استقرار ولا سلام في المنطقة بدون الإقرار بحق شعبنا بقيام دولته الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس، وأن المساس بهوية القدس الفلسطينية العربية الاسلامية والمسيحية، والاستمرار بمخططات تهويدها، والاستيطان المترافق مع التطهير والتهجير لمواطنيها المقدسيين، لن يؤدي إلا لتوسيع دوائر المقاومة الشعبية.
واستعرضت فتح في بيانها، ما جرى في 18 أيار/ مايو الماضي "حيث انتفض شعبنا في كل مدن وقرى فلسطين التاريخية والطبيعية، انتصارا للقدس ومقدساتها ولحقوق أهالي الشيخ جراح، ما يؤكد فشل المستعمرين الصهاينة العنصرين في تذويب الشخصية الوطنية الفلسطينية، بل على العكس برزت ناضجة في جيل من الشباب تراهن عليه حركتنا العملاقة ليكون الامتداد الطبيعي للثورة المعاصرة" .
وأوضحت أن الوحدة الوطنية الفلسطينية ليست خيارا وإنما عقيدة سياسية واستراتيجية غير خاضعة للنقاش، وأنها قلعتنا التي لابد منها لحماية مصالح شعبنا العليا برؤية وطنية قائمة على استقلالية القرار الوطني، وبصيرة بعيدة المدى لاستبيان الحقائق التاريخية والوقائع التي على أساسها نحدد صيغة برنامج النضال في كل مرحلة.
وجددت فتح دعوتها لحركة حماس وكل القوى الفلسطينية في إطار منظمة التحرير أو خارجها، للنظر بمسئولية عالية للمصالح العليا لشعبنا الفلسطيني، وكيفية الحفاظ على مكتسباته، وتطويرها بما يتجاوز المصالح الفئوية الضيقة والارتباطات بأجندات خارجية، فشعبنا ووطننا يستحقان التضحية بكل مستوياتها وأشكالها.
وأكدت فتح ضرورة العمل على تطوير المكتسبات التي تحققت لفلسطين وشعبنا المكافح المناضل لدى الرأي العام الدولي، مضيفة "رأينا انعكاساتها في مسيرات ومظاهرات غير مسبوقة ضاغطة في شوارع عواصم دول كبرى وأوروبية، ونعتقد أنه ستكون لها كلمة فصل إذا أحسنا التعامل معها، وعملنا أكثر على تعميق قناعات الشارع العالمي بحقوقنا وروايتنا الوطنية، وتفنيد الخرافة الصهيونية، وهذا يتطلب أعلى حالة من تنظيم الجهود للوصول الى إنجازات أعظم وأوسع لصالح شعبنا وكفاحه الوطني، خاصة بعد نجاحنا في تكريس صورة منظومة الاحتلال كنظام عنصري وتطهير عرقي وتهجير ومجازر، نظام يرتكب جرائم حرب وضد الانسانية علنا، ومتمرد على القانون الدولي وقيم وحقوق الإنسان" .
ودعت فتح للاستمرار بالمقاومة الشعبية كمنهج، وتطوير أدواتنا ووسائلنا النضالية، وتوسيع دوائرها حيثما كان الاحتلال والاستيطان العنصري، وتوظيف المقدرات والإمكانيات المادية والتنظيمية لتحقيق أهدافها تحت الراية الوطنية علم فلسطين، كتعبير عن وحدتنا الوطنية في مقاومتنا الشعبية، بالتوازي مع تعزيز نضالنا السياسي والدبلوماسي في المحافل والمنظمات الأممية والدولية القانونية والحقوقية، لتطوير مكتسبات ومكانة فلسطين في خريطة العالم السياسية، واستعادتها الى خريطة العالم الجغرافية.
واختتمت الحركة بيانها بالتأكيد على "إيماننا بشعبنا الحاضن للثورة، وأن دماء العزيمة والإرادة الثورية المتجددة هي السبب الرئيس في ديمومة هذه الحركة والثورة التي لن ينطفئ نورها إلا بتحقيق هدف الحرية والتحرير، ورفع علم فلسطين تحت قبة سماء القدس على أسوارها التاريخية وأبنيتها المقدسة".