رام الله-معا- أكد مركز فلسطين لدراسات الاسرى أن سلطات الاحتلال صعدت بشكل كبير خلال العام 2021 من ملاحقتها للفلسطينيين بسبب آرائهم ونشاطهم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا "الفيسبوك"، حيث اعتقلت في هذا السياق قرابة (390) فلسطيني ووجهت لهم تهمه التحريض.
وأوضح مركز فلسطين ان الاعتقال على خلفية التعبير عن الرأي على مواقع التواصل طال كافة فئات الشعب الفلسطيني بما فيهم النساء والأطفال، والصحفيين والناشطين وقيادات العمل الوطني، ونواب المجلس التشريعي.
وبين الباحث "رياض الأشقر" مدير المركز ان العدد الأكبر من المعتقلين على خلفية الكتابة على مواقع التواصل من سكان القدس المحتلة، والداخل الفلسطيني، وجاءت معظم هذه الاعتقالات خلال شهري مايو ويونيو لمنع الهبة الشعبية الواسعة التي شهدتها مدن الداخل والقدس تضامناً مع أهالي الشيخ جراح ورفضاً للعدوان الهمجي على قطاع غزة.
وأضاف "الأشقر" أن محاكم الاحتلال وجهت تهمه التحريض لجميع المعتقلين على خلفية التعبير على مواقع التواصل، وقدمت لوائح اتهام لبعضهم وصدر بحقهم أحكام مختلفة تراوحت ما بين شهر وعام، بينما آخرين تم تحويلهم الى "الاعتقال الإداري" دون محاكمات، وجددت لهم لفترات أخرى.
ولم يكتفى الاحتلال بإصدار الأحكام الفعلية والإدارية ضد مواطنين اعتقلوا على خلفية التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي، انما أمعن في انتهاك حقوقهم بالاشتراط عليهم قبل إطلاق سراحهم وقف استخدام مواقع التواصل لفترات تصل إلى عدة أشهر بجانب الغرامة المالية والحبس المنزلي لمنعهم من الكتابة على تلك المواقع.
وقال الباحث "الأشقر" أن الاحتلال يضرب بعرض الحائط كل المواثيق الدولية والاتفاقيات والمعاهدات التي تتيح للإنسان حرية التعبير عن رأيه ومعتقداته بأي طريقة يراها مناسبة، وذلك باستمرار اعتقال الفلسطينيين على خلفية التعبير عن الرأي، وتوجيه تهمة التحريض لهم وإصدار أحكام بالسجن بحقهم.
واعتبر الأشقر أنّ اعتقال الفلسطينيين على خلفية منشوراتهم على شبكة التواصل الاجتماعي، يشكّل سياسة عقابية يستخدمها الاحتلال من أجل تحقيق سياسة الردع، والزجّ بأكبر عدد ممكن من الأطفال والنساء والشبّان داخل السّجون، إذ لا يكتفي بملاحقة الفلسطينيين ميدانياً؛ بل ويلاحقهم عبر الواقع الافتراضي.
واستشهد الأشقر بحالة القاصر عمر الهشلمون (17 عاماً)، من القدس، والذي تعرّض للاعتقال على خلفية منشور على موقع "الفيس بوك"، كتب فيه: "لست متأكداً من وجودي طويلاً بالدنيا، لكنّني أتمنّى أن أكون قد غرست داخل الجميع ذكرى طيبة تبقى للأبد"، وبعد دقائق معدودة من كتابة المنشور تلقى والده اتّصالاً من المخابرات وطالبته بضرورة حضور نجله عمر للتّحقيق، ليفاجأ بالتّحقيق معه بشبهة "التهديد بعمل إرهابي"، وتعرض للتعذيب والتعنيف والضغط النفسى وجرى تمديد توقيفه لليوم الثاني، وعقدت له جلسة محكمة، واستطاع المحامي انكار الشبهة الموجهة له وتم الافراج عنه.
وكشف "الأشقر" بأن الاحتلال كان أنشأ قبل سنوات وحدة الكترونية خاصة لمتابعة كل ما ينشره الشبان الفلسطينيين على موقع "الفيسبوك"، والذي صنف بعض العبارات التي يستخدمها الفلسطينيون بشكل اعتيادي كانتقاد سياسة الاحتلال، ونشر عبارات نعي للشهداء، او وضع صور لهم او ذكر أنقابهم اعتبرها بمثابة تحريض، تستوجب الاعتقال والمحاكمة.
وأشار "الأشقر" إلى أن النيابة العسكرية تقدم للمحكمة ملف الأسير المتهم بالتحريض متضمن العشرات من الأوراق التي قامت بطباعتها عن صفحته الشخصية، وتدعى بأنها عبارات تحريضية ودليل على استعداد هذا الشخص للمساس بأمن الاحتلال وتطالب المحكمة بإصدار عقوبة قاسية بحقه لأنه يشكل خطر على أمن الاحتلال.
ونوه الأشقر الى أن المعاهدات والاتفاقيات الدولية أتاحت للإنسان بشكل واضح التعبير عن الرأي، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1966، والميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان سنة 1950، مطالباً المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية أن تتدخل لحماية حق الشعب الفلسطيني في التعبير عن رأيه بحرية تامة دون قيود او تعرض للاعتقال والمحاكمة.