بيت لحم - معا - سعيد ابو الحسن- أكملت قوات ألوية العمالقة سيطرتها على محافظة شبوة جنوب شرق اليمن، بعد معارك عنيفة ضد جماعة الحوثي لم تتوقف رحاها طيلة عشرة أيام منذ الأول من يناير الجاري، لتكون بذلك قد صنعت تحولًا مفصليًا في مسار الحرب التي كانت إلى قبل أشهر تسير في صالح الحوثيين عندما كانوا قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على مدينة مأرب، آخر معاقل الحكومة المعترف بها دوليًا شمال اليمن.
وسبقَ هجوم ألوية العمالقة التي تتألف من مقاتلين من محافظات جنوب اليمن، إعادةُ ترتيب المشهد السياسي بتعيين محافظ جديد وهو الشيخ القبلي البارز عوض العولقي وإقالة سلفه محمد صالح بن عديو، والأخير تابع لحزب الإصلاح اليمني -ذراع جماعة الإخوان المسلمين- ولم يلقَ قبولًا شعبيا في المحافظة طيلة فترة إدارته ما فجر احتقانًا شعبيا ضده نتيجة سياساته القمعية كما يصفها ناشطون جنوبيون.
وكانت مديريات عين وبيحان وعُسيلان غرب محافظة شبوة قد سقطت في أيدي جماعة الحوثي أواخر سبتمبر الماضي دون قتال عندما كانت في نطاق سيطرة القوات الحكومية، ومنها استطاع الحوثيون التمدد والسيطرة على مديريات حريب والجوبة والعبدية وجبل مراد في محافظة مأرب المجاورة، واستطاعت ألوية العمالقة استعادة السيطرة على مديريات شبوة الثلاث بعد الترتيبات التي أشرف عليها التحالف الذي تقوده السعودية والتي تَسَلّم بموجبها العمالقة زمام المعارك ضد الحوثيين.
على الرغم من التحصينات التي استحدثها الحوثيون مُعَززة بكميات كبيرة من الألغام والعبوات الناسفة وما صاحبها من قصف بالصواريخ البيستية والطائرات المسيرة فقد استطاعت ألوية العمالقة تحقيق أهداف عملياتها العسكرية بدعمٍ مكثف من غارات مقاتلات التحالف العسكري الذي تقوده السعودية.
منذ يناير 2020 تعوّد اليمنيون على سماع أنباء خسائر القوات الحكومية أمام الحوثيين بداء من مديرية نهم مرورا بالجوف والبيضاء ومديريات جنوب مأرب وصولا إلى مشارف مدينة مأرب، وكانت المعارك التي يشنها الحوثيون ضد القوات الحكومية تشهد مواجهات محدودة أو شكلية وصفها مصدر عسكرية بـ"المعارك الهزلية" وتنتهي بشكل تراجيدي لصالح الحوثيين "الذين اكتسبوا قوتهم من تخاذل القوات الحكومية المُسطَر عليها من قبل حزب الإصلاح" طبقا للمصدر.
وقال مصدرٌ سياسي: "بات واضحا بما لا يدع مجالا للشك أن الحوثيين وجماعة الإخوان يلتقون في مصالح مشتركة وتجمعهم أواصر قوية، وما تركهم الأبواب مواربة أمام الحوثيين وتمكينهم من السيطرة على شمال البلاد إلا ترجمةً لهذا الوفاق الذي يقوّي فيه الإخوان شوكة الحوثيين وموقفهم العسكري والسياسي نكايةً بدول الجوار، لا سيما الجارة السعودية والإمارات العربية المتحدة".
وأضاف: "على مدى سبع سنوات سيطر الإخوان على القوات الحكومية المكونة من 350 ألف مقاتل، وتجنبوا خوض المعارك مع الحوثيين، وفي 2019 تكفلوا في شن الحرب ضد القوى المناهضة للحوثيين جنوب اليمن، لتخفيف العبء على الحوثيين". مُستطردًا: "اتضح اليوم أن القوات التي خوّنها الإخوان وشنوا الحرب ضدها هي من تتصدر مواجهة الحوثيين وتحقيق المكاسب على الأرض".
دفعت ألوية العمالقة المؤلفة من زهاء 30 ألف مقات بقوات احتياطية من الساحل الغربي إلى شبوة وفق ما أعلنت حينها في بيان، إذ لا يزال ثقلها العسكري الأساسي في الساحل الغربي، وبرغم القوات المحدودة التي أوكلت إليها خوض المعارك في شبوة إلا أنها صنعت فارق كبير على مسرح العمليات.
وتلقت ألوية العمالقة تدريباتها ودعمها من دولة الإمارات العربية المتحدة، الشريك الأول والمهم للسعودية في التحالف العربي، وباتت الآن تحظى بتقدير واسع وثقة كبيرة في الأوساط الشعبية المناهضة للحوثيين، إذ يرجع المصدر السياسى هذه الثقة إلى "قدرة ألوية العمالقة على ترجمة طموحات هؤلاء الناس إلى واقع وانشغالها فقط في الحرب وصنع التحولات ومضاعفة المكاسب العسكرية على حساب الحوثيين المدعومين من إيران دون الولوج في أي جدليات أخرى".
تزامنًا مع انتهاء العمالقة من التحضير لمعركة شبوة أواخر ديسمبر الماضي، أعلن الحوثيون صراحةً عقد أول اجتماع علني مع قيادات من حزب الإصلاح، حيث التقى عضو المكتب السياسي للحوثيين علي القحوم بالقيادي البارز في حزب الإصلاح فتحي العزب، وهو ما أعتبره مصدر سياسي آخر "إعلان صريح لتنسيق المواقف السياسية بين الإخوان والحوثيين".
وأفاد المصدر بأن هذه التقاربات وامتزاج المواقف التي خرجت من تحت الطاولة إلى العلن "تشكل تهديد فعلي لأمن المنطقة والإقليم والأمن القومي العربي، كوننا أصبحنا أمام جماعتين دينتين لهما أجندة فوضوية مزعزعة وتقتىربان من تشكيل تحالف بينهما سيجعل المنطقة أمام فصل جديد من التحديات ما لم تتخذ التدابير العاجلة لإحباط مخططات الإخوان كما أحبطت سابقا مخططات الحوثيين".