الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

المتحور المتخفي أو الشبح

نشر بتاريخ: 04/02/2022 ( آخر تحديث: 04/02/2022 الساعة: 16:22 )
المتحور المتخفي أو الشبح

اعداد ..

د. اسماعيل أبو عمرو - MD. FRCS - زميل كلية الجراحين الملكية البريطانية – لندن

د. بسام نصر - زميل كلية الأطباء الإيرلندية - خبير في إدارة الهيئات الطبية MBA - ايرلندا

د. موفق الخطيب - فلسطين .

تواصل يوميات فيروس متابعة تطور المتحورات وبخاصة المتحور (BA.2). ويأتي اهتمامنا بهذا المتحور، لثقتنا بأنه سيسود وينحي جانباً المتحور أوميكرون. ومهما حاول العديدون إخفاء الحقيقة وعدم توفر البدائل لديهم لمواجهته. فإنهم بفعلهم هذا، يزيدون من احتمالية ظهور متحورات قاتلة، كما بدأ العلماء بالأمس القريب التحذير من وصول المتحور (Neo Covid) القاتل، الذي لم ينتقل بعد إلى الإنسان.

المتحور المتخفي:

انتشر المتحور (BA.2) المتخفي أو الشبح في العديد من الدول، بسرعة أكثر 50٪ من أوميكرون (BA.1). ويختلف (BA.2) الذي نتج عن (BA.1) بقرابة 28 طفرة على شوكة الڤيروس، مما يجعله غير قابل للتشخيص عن طريق فحص الـ (PCR) عند بعض المصابين.

لقد عاد الكثيرون إلى مربع التكهنات والاجتهادات العلمية؛ فهناك من يدعي أنه النسخة الأعنف والأشرس على الإطلاق، وأن تطورات أعراضه قد تكون مبدئياً بطيئة وشبيهة بالانفلونزا الموسمية، وقد يتطور لاحقاً إلى مرض حاد يؤثر على غالبية الأعضاء الحيوية، الأمر الذي قد يُحدث مضاعفات عند بعض المرضى، ما قد يستدعي الإدخال إلى المستشفى.

وفي خطوة قد توصف بأنها نوع من الهروب إلى الأمام؛ قررت العديد من الدول رفع القيود، في محاولة للعودة إلى الحياة الطبيعية، مع الالتزام بلبس الأقنعة في الأماكن العامة. وهذه هي أفضل وسيلة للحد من انتشار الوباء، لأننا أصبحنا على قناعة بأنه سيبقى معنا على المدى الطويل، إلى أن يأتي ذلك التحور الذي يقضي عليه من تلقاء نفسه.

لا تُستخدم اختبارات الـ (PCR) عموماً لتحديد المتحورات التي يصاب بها الأشخاص، إنما تحدد فقط ما إذا كانوا مصابين بفيروس كورونا أم لا. فقد تخلصت إحدى طفرات الـ (BA.2) من الانحراف الجيني، مما يعني أن الاختصار لم يعد متاحاً. وبالتالي فعند الحصول على قراءة لـ (PCR)، فإننا نقول: نعم، كوفيد هنا، لكننا لا نعرف ما هو نوعه. وهناك مخاوف من أن الطفرات التي تم تحديدها مع النوع الفرعي (BA.2) يمكن أن تجعله أكثر عدوى أو قدرة على التهرب من اللقاحات، وهما عاملان مكّناه بالفعل من الانتشار على نطاق واسع في العالم. وعندما ينتشر الفيروس ويتكاثر، فإنه يلتقط بشكل طبيعي الطفرات العشوائية التي يمكن أن تغير سلوكه، مثل مدى العدوى أو مدى شدة تسببه بالمرض، على الرغم من أن العديد من الطفرات لن تغير كيفية تأثيره على البشر.

لقد شهد العالم ثلاثة أنواع سائدة من كوفيد؛ فبينما كان متغير كابا مسؤولاً عن الموجة الأولى من الجائحة، أثبتت الموجة الثانية أنها قاتلة وسيطر عليها متغير دلتا. ومع ظهور الموجة الثالثة من أوميكرون، لوحظ أن الفيروس قد تحور إلى شكل أكثر قابلية للانتقال ولكنه أقل فتكاً، إلا أن هذه الميزة أصبحت قليلة الأهمية بسبب سرعة وإصابة أعداد كبيرة، نتجت عنها أعداد كبيرة من الوفيات في العديد من الدول.

وقد يحل (BA.2) محل أوميكرون الأصلي، كما لو كانت منافسة بينهما. ومع أنه أكثر عدوى إلا أنه لا توجد مؤشرات على أنه أكثر خطورة أو أن له تأثيراً على العلاج في المستشفيات أو الوفيات. فدرجة الخطورة تستغرق بعض الوقت لتكتشفها، وغالباً ما تكون غامضة، إلا أنها تميل إلى التأثير على الأشخاص الأصغر سناً والأكثر حركة أولاً، وقد لا ينتهي بهم المطاف في المستشفيات، لتمتعهم باللياقة والصحة.

إن فئات معينة من السكان سيكونوا أكثر عرضة للإصابة من غيرهم، كما كان الحال طوال فترة الوباء. كما أن الأشخاص الذين نشعر تجاههم بالقلق دائماً هم المعرضون لمخاطر عالية فوق سن 65 عاماً، أو الذين يعانون من ضعف المناعة أو من حالات مرضية سابقة قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة من كوفيد.

ماذا بالنسبة لفيروس (NeoCov)؟

لقد تم تحديد (NeoCov) أول مرة عام 2011، من خلال كريات براز نوع من الخفافيش بجنوب إفريقيا، ويسمى (Neuromicia capensis)، وهي مصدر مشترك للعلماء لدراسة الفيروسات التي تستضيفها الخفافيش. وقد اكتُشف عام 2014 أن هذا الفيروس مشابه وراثياً بنسبة 85٪ لفيروس (MERS-Cov)، فهو يعد من عائلة (Mers). وفي عام 2012، تسبب فيروس كورونا في حدوث وباء بلغ معدل الوفيات به 35%. ولم ينتقل هذا الفيروس للبشر، إلا أن العلماء الصينيين أشاروا إلى أن لديه القدرة الكامنة على التحول واختراق أجسام البشر. كما أنه انتشر بين الإبل، لكن قدرته على نقل العدوى للبشر أقل نسبياً إلا في حالة اقتراب الشخص من الإبل وملامستها. ويخشى العلماء أنه في حال حدوث طفرة لهذا الفيروس، فقد تكون سبباً في انتشاره بشكل سريع وبشكل خطير على صحة المصابين.

من خلال المعلومات المتاحة للعلماء بخصوص كيفية انتشار الفيروسين (SARS- Cov2) و (NeoCov)، فإنه يبدو أنهما يلتصقان بالخلايا عن طريق مجسات على سطح الخلايا في الخفافيش. هذا الأمر قد يصبح أكثر خطورة في حال حدوث طفرة تجعل الفيروس لديه القدرة على مهاجمة الخلايا البشرية بشكل مباشر، الأمر الذي قد يُصبح سبباً في موجة جديدة قاتلة من هذا الوباء .

وهناك الكثير من الاجتهادات الغير موثقة بخصوص قدرة هذا الفيروس على التحور، وطبيعة عمله وآلية اختراقه لجهاز المناعة. وما نعلمه أنه مقارنةً بفيروس متلازمة التنفس الشرق أوسطية، فأنه قد يقتل شخصاً من بين كل ثلاثة أشخاص يُصيبهم، وأن قدرة اللقاحات المتوفرة لدينا حالياً قد تكون محدودة جداً في الحماية منه أو التصدي له.

أخيراً، هناك العديد من الفيروسات التي تصيب الحيوانات، ولديها القدرة على التحور وتشكيل طفرات تجعلها قادرة على مهاجمة البشر، بل إن من طبيعة الفيروسات الموجودة حولنا أن تتحور كل فترة من (7-10) سنوات، وتكون سبباً في ظهور أمراض وأوبئة مثل: (‏Sars) الذي ظهر في 2002، وانفلونزا الخنازير في عام 2009، و (MERS) متلازمة الشرق الأوسط في 2012، و (Saras Cov2) وهو الوباء المستجد لـ ( SARS 2019).