غزة- معا- أكد لقاء أكاديمي أن هناك تحولات إعلامية كبيرة فرضتها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في صناعة الإعلام غيرت مسؤوليات ومهام الصحفيين وشكلت غرف أخبار ذكية تتماشى مع قدرات التحول والاندماج الرقمي، مبيناً أن هذه التحولات فرضت تحديات أخلاقية ومهنية ووظيفية واجهت العمل الإعلامي، أبرزها تحيز البيانات التي تستند إليها تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى وغياب الوعي الذاتي لخوارزميات الذكاء الاصطناعي، وتقليص أعداد الصحفيين لصالح التقنيات الاصطناعية.
جاء ذلك خلال لقاء مع الباحث أحمد العاصي، الذي عقده د. يحيى المدهون بمكتبه في مدينة بيت لاهيا شمال غزة، بعنوان: “ الأبعاد الأخلاقية والمهنية للذكاء الاصطناعي في صناعة الاعلام ”.
وفي بداية اللقاء قال د.يحيى المدهون، أن تقنيات الذكاء الاصطناعي قادرة على محاكاة الذكاء الإنساني وتؤدي دوراً هاماً في مختلف المجالات، ويتم توظيفها في الإعلام؛ لتتبع الأخبار العاجلة وتنبيه الصحفيين، والتحقق من المحتوى الزائف، والتصحيح اللغوي، التصوير الآلي، وإنتاج محتوى إخباري متعدد الوسائط.
وأضاف: أن الالتزام بالموضوعية والمهنية والاستقلالية واحترام الخصوصية والمصلحة العامة هي من المبادئ الأساسية لأخلاقيات الصحافة، والتي تعد أمراً ضرورياً؛ لضبط العمل الصحفي والارتقاء به، وضمان دقة الأخبار ومصداقيتها، وجعل الصحافة أكثر التزاماً ومسؤولية تجاه المجتمع.
وأكد د. المدهون أن توظيف الذكاء الاصطناعي في العمل الإعلامي أوجد تحديات أخلاقية ومهنية جمة، ومنها: الاختلال والانحراف في صناعة المعلومات، ما يتطلب تنقية البيانات المغذية لخوارزميات الذكاء الاصطناعي، والتحقق من المحتوى الإخباري المُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وبدوره تحدث الباحث أحمد العاصي عن أبرز التحديات الأخلاقية والمهنية التي تواجه الصحفيين، نتيجة توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة الإعلام، ومنها: عدم جودة وصحة البيانات، التزييف العميق للمحتوى الإخباري، وتحيز البيانات، وانتهاك خصوصية الأفراد، والتعدي على حرية التعبير وإزالة المحتوى.
مؤكداً أهمية صياغة دليل أخلاقي ومهني يضبط عملية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، وإعادة هيكلة المؤسسات الإعلامية وتطويرها، بما يتماشى مع متطلبات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؛ لتعزيز الاستفادة منا في المجال الإعلامي.
وحصل العاصي مؤخراً على درجة الماجستير في الصحافة من الجامعة الإسلامية بغزة، بعد مناقشة دراسة علمية بعنوان: " تقييم خبراء الإعلام للأبعاد الأخلاقية والمهنية للذكاء الاصطناعي في الإعلام الرقمي ".
وبينت نتائج الدراسة أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ما زالت تعتمد على لغة جافة ومفردات محدودة وتفتقر لأنسنة المحتوى الاخباري. وأن خوارزميات الذكاء الاصطناعي تصدر في بعض الأحيان قرارات بالنيابة عن الصحفيين دون الحصول على موافقتهم.
وأوصت الدراسة الجهات الفاعلة والمسؤولة في المؤسسات الإعلامية والقانونية في المنطقة العربية إلى وضع استراتيجية تساهم في صياغة تشريعات ودلائل أخلاقية ومهنية تضبط عملية إدخال الذكاء الاصطناعي في صناعة الإعلام.
كما أوصت بضرورة بناء قاعدة بيانات ومعلومات مغلقة سليمة غير متحيزة وموثوقة للحفاظ على جودة ومصداقية ومهنية العمل الإعلامي المنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وفي نهاية اللقاء قدم د. المدهون درع شكر وتقدير للباحث العاصي ، تقديراً لجهوده وإسهاماته البحثية المتميزة في العلوم الإعلامية.