إطلاق العنان لفوائد التحول الرقمي لتحقيق النمو الاقتصادي الفلسطيني
القدس -معا- قال البنك الدولي اليوم إن إمكانات الاقتصاد الرقمي في الأراضي الفلسطينية لم تتحقق بشكل كامل على الرغم من التقدم الذي أحرز.
جاء ذلك في تقرير جديد صدر بعنوان "تقييم الاقتصاد الرقمي الفلسطيني"يلقي الضوء على حالة الاقتصاد الرقمي، ويحدد الفرص المتاحة، ويقدم توصيات بشأن الإصلاحات التي يمكن أن تساعد في تسريع وتيرة التحول الرقمي، والنمو الاقتصادي في نهاية المطاف.
وتعقيباً على هذا التقرير، قالكانثان شانكار، المدير والممثل المقيم للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة: "يكتسب الاستثمار في الاقتصاد الرقمي الفلسطيني أهمية أكثر من أي وقت مضى؛ فهو لا يعمل فقط على تعزيز قدراته التنافسية وفرص الوصول إلى الأسواق العالمية وتوفير الوظائف ومصدرٍ من مصادر إيرادات المالية العامة، بل أصبح أيضًا بالغ الأهمية في أوقات الأزمات. لقد شهدنا انتقالًا كبيرًا للكثير من الشركات الفلسطينية إلى القنوات الإلكترونية خلال تفشي جائحة فيروس كورونا".
ويشير التقرير إلى أن الاقتصاد الفلسطيني لم يخلق وظائف كافية وأن أكثر من ربع السكان كانوا عاطلين عن العمل في الربع الثاني من عام 2021 (17% في الضفة الغربية و45% في غزة). وكانت النساء أكثر تضرراً إذ لا تتجاوز مشاركتهن في سوق العمل 17% مقابل 68% للرجال. ووفقا للتقرير، فإن تسريع التحول الرقمي الفلسطيني وبناء اقتصادٍ يتمتع بروابط قوية سيساعدان على خلق فرص عمل جديدة، وسد الفجوة بين الجنسين، وتحسين النمو الاقتصادي.
وعلى الرغم من التقدم الذي أُحرز مؤخراً، فقد خلص التقرير إلى أنه لا يزال هناك مجال لإدخال تحسينات كبيرة على جوانب عديدة من الاقتصاد الرقمي في الضفة الغربية وقطاع غزة. وكان التحول الرقمي في الضفة الغربية وقطاع غزة بطيئاً نسبياً في السنوات القليلة الماضية، وجاء تصنيفه أقل من متوسط البلدان العربية الأخرى فيتقييم الاقتصاد الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي أجراه البنك الدولي.
وقد شكلت القيود الإسرائيلية المفروضة على استيراد معدات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتخصيص الطيف الترددي (يقتصر حالياً على الجيل الثاني في غزة والجيل الثالث في الضفة الغربية)، وحقوق المرور في المنطقة (ج)، عائقاً رئيسياً أمام إنشاء البنية التحتية الرقمية، وتحقيق الربط، وتوفير اتصالات النطاق العريض عالي السرعة. وقد أدت هذه الإجراءات إلى تأخير الربط الشبكي داخل الأراضي الفلسطينية من ناحية، ومعباقيبلدان العالم من ناحية أخرى. ووفقاً للمؤشر العالمي لتطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تأتي الضفة الغربية وقطاع غزة في مرتبة أدنى من متوسط البلدان النامية من حيث معدل انتشار خدمات النطاق العريض.
وسيتطلب تدعيم الاقتصاد الرقمي الفلسطيني التوصلَ إلى حل سياسي مستدام مع حكومة إسرائيل لإزالة القيود القائمة. وفي الوقت نفسه، ستكون هناك حاجة إلى إجراء إصلاحات في مجال السياسات الداخلية وتوفير الموارد المالية للسلطة الفلسطينية لتنفيذ تحولٍ رقمي كامل في الاقتصاد. ويوصي التقرير بإحياء عمل اللجنة الفنية الإسرائيلية الفلسطينية المشتركة ويدعو حكومة إسرائيل إلى تخصيص الطيف الترددي المطلوب لنشر شبكات الجيل الرابع والجيل الخامس الفلسطينية قبل الانتهاء من نشر شبكات الجيل الخامس في إسرائيل.
وأضاف شانكار بقوله: "يمتلك الفلسطينيون كل القدرات اللازمة للانتقال بسرعة إلى عالم الاقتصاد الرقمي، حيث يُعتبر تطوير الاقتصاد الرقمي من الأولويات الوطنية للسلطة الفلسطينية. وبالتالي، من المهم ضمان استمرار وجود قيادة سياسية قوية فيما يتعلق بالأجندة الرقمية لتسهيل التنسيق فيما بين المؤسسات وعبر القطاعات".
وتقع معالجة أوجه القصور في البيئة التنظيمية الفلسطينية وتحسين التنسيق بين الهيئات المختلفة بشأن الأجندة الرقمية ضمن نطاق سيطرة السلطة الفلسطينية. ومن بين الإصلاحات التنظيمية، يدعو التقرير إلى تقوية المنافسة في السوق، وتحديث قانون المعاملات الإلكترونية، وسن القوانين الخاصة بحماية المستهلك والأمن السيبراني. ولا يقل عن ذلك أهمية تنفيذ قانون الاتصالات السلكية واللاسلكية وقانون الشركات اللذين تم إقرارهما حديثاً. ويوصي التقرير بتشكيل لجنة مشتركة بين الوزارات المعنية بالتنمية الرقمية وضمان التنسيق بين المؤسسات وتعبئة الموارد من أجل الأولويات الشاملة والقطاعية.
وتشكل زيادة الاستثمارات واعتماد الخدمات المالية الرقمية أهمية بالغة في الاستفادة الكاملة من العصر الرقمي. ولا تزال التعاملات النقدية والشيكات تسيطران على الاقتصاد، كما أن التجارة الإلكترونية تعتمد إلى حد كبير على الدفع النقدي عند التسليم. ويشير التقرير إلى أن زيادة اعتماد المدفوعات الرقمية تنطوي على إمكانات كبيرة لتحسين كفاءة الهيئات الحكومية ومنشآت الأعمال الرقمية وتسهيل الحياة اليومية للفلسطينيين.
وسيحتاج التحول الرقمي إلى صقل مهارات الفلسطينيين ودعم نمو منشآت الأعمال الرقمية. وقد أدت جائحة كورونا إلى تسريع الطلب على المهارات الرقمية، إذ بدأ المزيد من منشآت الأعمال والهيئات التابعة للسلطة الفلسطينية في استخدام الحلول الرقمية. وسيتطلب تحسين المهارات الرقمية تحديث المناهج الدراسية وتدريب المعلمين، فضلاً عن إقامة روابط أقوى بين مؤسسات التعليم العالي والصناعات المختلفة. علاوة على ذلك، فإن منشآت الأعمال الرقمية قادرة على خلق وظائف جديدة وزيادة الإنتاجية. وسيتطلب تعزيز نمو منشآت الأعمال الرقمية برامج دعم لزيادة فرص الوصول إلى الأسواق العالمية، وتعزيز قدرة المنظمات الداعمة (مثل حاضنات الأعمال وصناديق رأس المال المخاطر) وتدعيم فرص الحصول على التمويل.